رياح الشمال ..... (( روايتي الأولى )) ...


Recommended Posts

رياح الشمال

كتبها :

المنقهر

إهداء :

إلى كل من يحمل في قلبة الأسى والحزن على ماضيه...

إلى كل من يقف حياتة لأمر ما ...

إلى كل من يعتقد أن الجمال سراب زائل ...

إليكم أنتم ...

أهديكم روايتي الأولى ...

مدخل :

فعلا كان خير من عرفت ... فيه براءة الطفولة وطيبة القلب ووفاء كبير ....

دعني أسرد لك قصته يابني كما حكاها لي هو :

- 1 -

<< مذ عرفت نفسي وأنا أبحث عنها ... وأتوه في أثناء إكتشاف مكنوناتها وماتخفيه عني .. أشعر بأني أربيها من جديد .. وأبث فيها صفات محاها الزمن منها ...

صحوت من النوم ... لا ألوي على شي ... كل ما أحتاجة بعضا من قطرات الماء الباردة المنعشة لكي أفيق جيدا .... أخذت دشا سريعا ثم خرجت لأجد الفطور جاهزا ... تناولته على عجل ... شربت بعضا من الشاي ثم نزلت من غرفتي الكائنة في الطابق العاشر من الفندق .... في أجمل بلدان العالم فرنسا وبالتحديد في مدينة الجمال باريس ..... بواسطه المصعد ( ويجب ان اسميه المهبط ) نزلت إلى الدور الأرضي ..

لا أدري أين أذهب فقط أريد تمضية وقتي حتى يأتي موعدي مع الدكتور طارق ... إالتفت يسارا .... رأيتها ...

كانت تتكئ بيمناها معتمدة على مكتب الأستقبال ... وقد اسندت رأسها مائلة على ذراعها وانساب شعرها يغطي نصف وجهها ثم يتهدل على كتفها ... شدتني عيناها السوداوين المرسومتين جيدا ... تظللهما أهداب تتحرك فوقهما كالمروحة ... وتكاد تلمس وجه المتحدث اليها مع كل طرفه عين .... ولأنفها طرطوفة مقصومه إلى اعلى وكان فمها شديد الجاذبية في ابتسامته ولفتاته ..... قادر على ان يشد الانتباه وسط غيره من الوجوة اللي قد تفوقه بمقاييس الجمال العادية .... وكان جسدها اميل الى النحول وإن بدا ممتلئا في الأماكن الواجبه الامتلاء .... كما بدت ساقاها طويلتان من غير عجف ولا أعوجاج ... كانت ملامحها تشع بالاشرااق ....ولاتفارقها تلك الابتسامة الحلوة .... أكتشفت أن حديثها لم يكن منه تكلف بل تغلب عليه خفه ظل غير معتادة من الاناث الجميلات .... كانت انثى جميلة دون شك ... رغم كل تصرفاتها اللتي بدت وكأنها ولد شقي ....

اكتشتف ذلك كله .... عندما رأيتها في بهو ذلك الفندق الباريسي ...

إقتربت منها ....وقد شدني الفضول لمعرفتها ....

بادرتها قائلا: بنجور ...

بنصف أبتسامة... أهلا وسهلا ..

دهشت قليلا وقلت لها ... عربية ؟

قالت : نعم .. ولكن من أنت وماذا تريد ؟ ..

قلت لها : أنا أحمد من السعودية ....في الحقيقة لاأريد شيئا ....ولكني احسست برغبة في محادثتك قليلا ...

إلتفتت إلى موظف الإستقبال و طلبت منه إلغاء طلب التاكسي ...

ثم قالت لي : تشرفنا سيد أحمد .هل تشاركني شرب القهوة..؟

انا : بكل سرور سيدتي ...

جلسنا في تلك الطاولة البعيدة عن الضوضاء في وسط المطعم وارتشفنا القهوة ....

وضعت فنجانها على الطاولة المستديرة ثم قالت لي : طريقتك غريبة سيد أحمد لم أعهد احدا يرغب بالتحدث لشحص لايعرفه دونما حاجة ...

مسحت فمي المبتلّ بقطرات القهوة بمنديل ثم قلت : لا أدري لقد خرجت من غرفتي متضايقا ولم أشأ أن أبتعد عن الفندق ...وفضلت البقاء هنا ...ورأيتك أحسست بأني اعرفك من قبل ..

أخرجت قداحتي وهممت بأن أوقد لها سيجارتها اللتي وضعتها في فمها .... رفضت ذلك وشكرتني ثم قالت : طريقة قديمة وفاشلة ..

نظرت لها بإستغراب وقلت : أي طريقة ؟ ...

نفثت دخان سيجارتها في الهواء ...

ثم قالت : طريقتك .... قل إنك تريد ان تتعرف علي بدون كل تلك المقدمات ..

(شرزتها بنظرة غاضبة ) قائلا: ومن قال لك إني أريد ان اتعرف عليك أو أن اكون معك أية علاقة ....

أبتسمت مرة أخرى وكانت إبتساماتها تزيدني غيضا وحنقا ..وألتفتت الى منظر البحيرة اللتي يطل عليها المطعم ....

وقالت : هدئ من روعك ... النرفزة ليس لها داع...

أكملت نفث دخان سيجارتها في كل مكان وكأنها قد عزمت على خرق طبقة الأوزون في تلك اللحظة ...

وفجأة تغيرت تعابير وجهها وتوقفت عن الشرب الشره للدخان

ثم قالت أنا مظطرة للرحيل ...

قلت لها :إلى أين نحن لم نتحدث بعد

قالت وبريبة : لا بد أن نلتقى مرة أخرى ولكن الآن يتوجب علي الذهاب .... وداعاَ ...

امسكت بحقيبتها وأنطلقت تشق صفوف الناس في ذاك المطعم ...

ظللت أتابعها حتى إختفت عن ناظري ... ومن الجهة الآخرى للمطعم من ناحية البحيرة ... دخل رجل ضخم الجثة أشقر الشعر بدا وكأنه لم يحلق لحيته منذ فترة طويلة وكانت أمارات التعب والإعياء واضحة عليه ...

دخل المطعم وعيناه تبحثان في كل مكان .. ووقعت عيناه على عيني ....

توقفت نظراتنا لبعضنا قليلا ثم أشاح بوجهه عني ولكنه كان متجها إليّ .....

خبط بيده على الطاولة بقوة ... ثم قال لي ( بلكنة عربية مكسرة ) .. : أين هي ؟ ..

قلت له : من تقصد ؟ ...

قال : سميرة ....

قلت له : ومن هي سميرة هذه ؟....

أجابني بحنق : اللتي كانت معك منذ قليل ...

قلت له : وما شأنك أنت ؟ ...

جلس على الكرسي المقابل لي ... ومد من تحت الطاولة يده اللتي كانت تمسك بمسدس صغير به كاتم صوت ...

ثم قال لي : أنظر الى ماتحت الطاولة إذا لم تخبرني عن مكانها سأرديك قتيلا الآن ....

قلت له : لا أعلم أين ذهبت صدقني .... كنا ننوى الحديث مع بعضنا ولكنها فجأة وبدون أي مقدمات إستأذنت للذهاب ...

قاطعني بحدة قائلا : في إتجاة ذهبت ؟

قلت له ( وأنا أشير بيدي ) : خرجت عبر ذلك الممر ...

أنطلق بسرعه عبر الممر اللذي أرشدته إليه .... في الحقيقة لا أعلم ماللذي دعاني لأن أكذب عليه وأقول أنها ذهبت من ذلك الطريق بينما هي ذهبت من طريق آخر ...

صوت من بعيد : أحمد ... ياأحمد ... هنا هنا ...

إلتفت الى مصدر الصوت فوجدته الدكتور طارق يلوح لي بيده ويطلب مني الذهاب معه ...

- 2-

إنطلقت مع الدكتور طارق إلى منتزة قريب للترويح عن النفس والإستمتاع بالعطلة اللتي كنت أنوي قضائها بعد إرهاقي الشديد جراء ما أصابني في الفترة الأخيرة من اصعب حالة نفسية يمكن أن يمر بها الإنسان .... نعم أقول أنها أصعب حالة نفسية وأنا متأكد من كلامي هذا ... حينما تصادف الإنسان مصيبة واحدة فإنه يتأثر بها فترة من الزمن وبحسب حجم المصيبة ووقعها تطول وتقصر هذه المدة ... أما من يصاب بمصيبتين حتما ستكون القاضية عليه ....

حينما يموت شخص نحبه .. نتأثر كثيرا .... وحينما تموت من تحبها ... نعيش على ذكراها طويلا حتى ينسينا الزمن بعضا من هذه المصيبة ...

وحينما تكون هذه المتوفاه زوجتة حبيبة .... تكون المصيبة كبيرة جدا وبالكاد يخرج منها الإنسان سليما مره أخرى ... هاهي السنة تنقضي وتمر ذكرى وفاتها الأولى ....

حاول الكثيرون إقناعي لأخرج من عزلتي اللتي كنت فيها ... حيث أني وقفت حياتي بعد موتها لذكراها ... كانت تمثل لي كل شي في حياتي ولم أعد احس بطعم الحياة بعد وفاتها ...

بعدما سئمت كثيرا من ترديد عبارات الأهل والأقرباء للخروج من عزلتي تلك .... إقترح أحد اصدقائي أن أسافر للخارج لتغيير الجو والإبتعاد عن الحزن ولو لفترة قصيرة .... وافقت على مضض ... وجهز لي رحلة طويله تمتد إلى ثلاثة أشهر في أوربا ... وهاهي الرحلة تكاد تنتهي بعدما مررت بالعديد من البلدان الأوربية وكانت المحطة الأخيرة هي فرنسا ...

أنا لا أنكر أن حالتي قد تحسنت وأرتفعت معنوياتي كثيرا بعد هذه الجولة ... أصبحت أتحدث مع الآخرين وأتناقش معهم وعادت لي بعض الإبتسامات من فترة لأخرى ...

في فرنسا تعرفت على الدكتور طارق وهو دكتور في علم النفس ... وكان يهيئ لي كل يوم برنامجا يوميا للخروج والتجوال في هذا البلد ...

تحادثنا كثير أنا والدكتور طارق في ذلك المنتزة اللذي وصلنا إليه قبل هنيهة ... كنت قد ذكرت له قصتي مع تلك الفتاة وذلك المعتوة اللذي كان يلاحقها .... فأخبرني أن حياة الناس مليئة بالأسرار ويتوجب عليّ أن لا أهتم بأمور غيري ... فرضخت لطلبه وأوقفت حديثتي عنهما ولكن تفكيري كان مشغولا بهما ....

تجولنا ذلك النهار في العديد من الأماكن الجميلة ... لقد إستمتعت كثيرا بتلك الجولة الرائعة مع ذلك الإنسان الفاضل ... وفي المساء ذهبنا إلى حيث مطعم قريب من الفندق اللذي أقطنه وتناولنا العشاء بسرعة ورجعنا إلى الفندق حيث أوصلني الدكتور طارق ورحل ... أخذت حمامي المسائي وخرجت لأتفرج على برامج التلفاز ...

طرقات خفيفة متسارعة تصدر من ناحية باب الغرفة ... هرعت لأفتح الباب .... نظرت من خلال العين السحرية ... فوجدت تلك الفتاة هي من تطرق الباب وهي تتلفت وجلة خائفة .... فتحت لها فطلبت مني الدخول إلى الداخل ...رفضت ذلك إستماعا لكلام الدكتور طارق حيث حذرني من فئة يطرقون الأبواب ويطلبون عمل المحرم مقابل مبلغ مادي ... فطلب مني ان أرفض لئلا أفتن وأنا أتقيد بتعليماته وعلى ذلك رفضت دخولها ... أصرت ولما رأتني أرفض دفعتني ودخلت وأقفلت الباب ... هممت بضربها وأخراجها بالقوة .. فأخرجت وبسرعة عجيبة مسدسا من جيبها وطلبت مني أن أكون هادئا وأن أستمع لما تقول هي .. إذا فعلت أوامرها ستتركني بسلام ..رضخت مرغما لأوامرها .... فسكتّ وسكتت هي ....

- 3 -

في غرفة الجلوس ... طلبت مني الجلوس على مقعد مقابل للمقعد اللتي جلست عليه هي .... جلست وانا أتابع فوهة المسدس وهو مصوب نحوي ...

مرت فترة طويلة قبل أن تبدأ بالكلام ...

سميرة : قد تستغرب فعلي هذا ... وقد تتسائل عن ما أريده منك ..

أنا ( وانا اجر الكلام جراً من حلقي ) : ن...نن ... نعم ...

سميرة : قد يذهب بك عقلك بعيدا .. ويخيّل إليك أنني من بنات الليل ... أو أني سارقة وجئت لأخذ أموالك .. ولكن في الواقع جئت لأشكرك فقط ...

أنا : و.. وعلى ماذا تشكرينني ؟

سميرة : لقد أنقذتني من مطاردة كانت ستطول من ذلك الأحمق ( ميشيل ) .. حينما توّهته عني فإنك أعطيتني فرصة رائعة للهروب منه ...

أنا : ولكن ... ولكن كيف عرفتي أني أنا من توهه ؟ ...

سميرة ( وهي تدخل المسدس إلى حقيبتها ) : أنا انطلقت اشق صفوف الناس لأختفي عن نظرك أنت ولكني لم أبتعد كثير فلقد بقيت في نفس المطعم ولكن في مكان آخر بحيث أراك وأراه ولا يمكنكما رؤيتي ...

أنا ( بعد ان هدأت نفسي حينما زال المسدس عن وجهي ) : أهاا .. إذا فلقد وقعت بينكما وأنا لا أعلم ..

سميرة : ولهذا جئت أشكرك .. بعد إذنك انا ذاهبة ..

أنا : لكن ماللذي يجعله يطاردك ؟

وقفت سميرة تريد الخروج ولكن سؤالي هذا جعلها تجلس مرة أخرى ...

سميرة : حينما تكون الخيانة ويبدأ الشك .... تكون المشاكل .... أظنها قاعدة تنطبق على كل البشر ...

أنا ( بتعجب ) : خيانة ... شك ؟ ... ماكل هذا الهراء ؟ ... وماللذي يجعل الخيانة تبدأ .. وماللذي يجعل الشك يتحرك ... إلا إذا كان الأساس خاطئا ....

سميرة ( بحنق ) : ومن قال لك أن هناك أساس من الأصل حتى يكون صائبا أو خاطئا ؟ ...

أنا : أنا اتكلم بشكل عام ....

سميرة ( وهي تخرج سيجاره لتوقدها ) : هل لديك قهوة هنا ؟

انا : وهل أطلب منك ألا تدخني هنا ... إذهبي الى الشرفة وأنفثي هذه السموم كما تشائين ... لحظات لأعد لك فنجان قهوة وسأوافيك ....

سميرة : شكرا جزيلا لك ...

- 4 -

ولدت لأب وأم لم أرهما ... هناك في الوطن اللذي لم أره قط ... نعم .. يحكى لي أنني قد نجوت من حادث غريب مات فيه والداي وأخي الصغير ... ولم يكن لي أقارب أبدا سوى خالة لي ولكنها خارج الوطن مع زوجها .. فهو يعمل في القنصلية هنا في فرنسا .... قدمت خالتي بعد هذا الحادث وكنت حينها أبلغ من العمر 4 سنوات لا اتذكر شيئا منه .... قدمت خالتي وأخذتني معها إلى فرنسا وعشت معها كأبنتها .... خصوصا أنهما ليسا بقادرين على الإنجاب ... عشت معهما وربياني احسن تربية ....

لم يكن في حينا اللذي نقطنه أي عرب ... فأضطررت أن أتداخل مع الفرنسيين .... وأن اكون صداقات معهم فبدون الصداقات تكون الحياة كئيبة ....

لم يكن لي وقت فراغ البته ... فلقد كانت جميع اوقاتي مشغولة ... بعد أن أنجز فروضي المدرسية اخرج لأتنزة وأمارس الرياضة ... وأعود قبل حلول الظلام وأبقى مع معلمة الموسيقى الساعات الطوال ... أنا أحب الموسيقى كثيرا ..

في تلك الفترة كنت أحس بشخص يلاحقني أينما أذهب ... كان عمري وقتها 20 سنة ... حينما اذهب للنادي اجده هناك وإذا دخلت مطعما اجده في الطاولة اللتي تيليني مباشرة .... وحينما أذهب إلى المنزل وأدخل غرفتي أرقبه من نافذتي وهو جالس على الرصيف وينظر إلى المنزل وبالتحديد إلى نوافذ الغرف المضاءة ...

يضايقني كثيراً هذا الشيء ... كنت اعتقد أنه عميل سري قد تكون أستأجرته خالتي لمتابعتي في تلك الفترة الحرجة من العمر ..... فقد كنت أتعمد ان أتعبه بالمشاوير .... وأطيل المشي ... وأكثر الأماكن اللتي أدخلها ....

ذات مرة إنطلقت أركض كالبرق .. واتنقل بين الممرات والأزقة ... وبعد فترة ركض طويلة ... دخلت ممرا خاليا من الناس وأختبأت خلف احد الجدران وحينما أقترب ذالك الشخص الغريب وجهت لكمة قوية إلى صدره ... وكانت القاضية ... حيث أنه كان يلهث وجاءتة هذه اللكمة مثل رصاصة الرحمة ... فلقد أغمي عليه وسرعان ما رآانا أحد المارة فأسرع بإبلاغ الشرطه والإسعاف ... وفي مركز الشرطة ُ أبلغت أنه قد أسقط حقه عني وأنه يسامحني ... طلبت ان أراة لأشكره على فعله هذا ... وفي الحقيقة كنت أريد أن أعرف من هو ...

لم أتبين من معلوماته الشخصية اي علاقه بينه وبينه خالتي ... بل إنه لايعرف حتى إسمي الأول ....

طلب مني طلبا غريبا .. طلب مني أن أكون صديقة له ..

وافقت على كره لهذا الشيء حيث أني لاأحب ان أرغم على شي لا أريده ولكني كنت مضطرة لهذا الفعل لكي لايطالب بحقة القانوني ...

مع مرور الزمن وكثرة خروجي معه ... بدأت اشعر بالميلان له قليلا .. امممم أكدا اجزم أنني بدأت احبه ... فلقد كان لطيفا كريما وله طول بال لم اعهده في غيره من البشر ..

بعد فترة ليست بالقصيرة طلب مني الزواج .. وافقت لأني كنت حينها احبه بعنف .

تزوجنا وبعد مرور شهر واحد فقط .. بدأت المشاكل بالظهور ... من عادتي ان اعامل الناس كلهم برقه ولطافه .. ولكن هذا الشيء كان يضايقه كثيرا ... أستغرب فعلا ان تكون لديه غيره بهذا الشكل ...

مع كثرة الشكوك اللتي بدأت تداهمه من كل جهة ... أصبحت الحياة معه جحيما لايطاق ... تخيل .. تخيل أن يطلب مني أن ابقى في المنزل وأن لا أقابل أحد أو أن أحادث احدا حتى بالتيلفون ...

ماهذا ... اصبحت في سجن ... هربت منه بعد أن أخذت من خزانته مبلغا كبيرا من المال ... لم أسرقة ولكنه كان قليلا من مستحقاتي حيث انها ارباحي في المحل التجار اللذي أشاركه فيه ...

لم أكن أخذ من هذه الأرباح شيئا .. ولذلك تنامت أموالي واصبحت مبلغا طائلا من المال ...

أخذت هذا المبلغ وهربت منه الى باريس ... حيث لن يستطيع إيجادي ..

الغريب أنه في كل مره اهرب منه يستطيع أن يعثر علي ... مضت اربعة شهور ونحن على هذه الحالة ..

هل عرفت الآن معنى كلامي في البداية .( حينما تكون الخيانة ويبدأ الشك .... تكون المشاكل ) .

أعرف أنك ستسألني أين هي الخيانة ... ثم إنك لن تلبث حتى تعدّ ماقمت به انا هو الخيانة .. ولكن الحقيقة أنه هو يخونني كل ليلة مع عاهرات في ملاهي ليلية ..

نعم هو يحبني ولكن المسكر يلعب في رأسه ولا يفكر بعدها بحب او غيره ..

لبست معطفها وهمّت بالخروج ...

- 5 -

أنا : هذه حياة ليست بالحياة ...

توقفت مع كلمتي هذه وتسائلت بصوت مسموع : ماذا .؟

انا : عفوا ... انا اقصد لماذا تتبدل المفاهيم وتحتار القلوب في معرفة الحقيقة وإيقان الصدق .

سميرة : لم أفهم ؟ .

أنا : حينما احزن على وفاة زوجتي يلومني الأهل والأصدقاء ويطلبون مني النسيان . كيف انسى .. أنسى من أعشقها ؟

سميرة مقاطعة لي : اووووووه ... أنا أسفه يبدو اني قد أثرت شجونك ...

انا مكملا حديثي : لا عليك ... هذا أمر لم انساه ولا لحظة واحدة فانت لم تذكريني به .. ولكني الآن أرى الأمر صورة أخرى ...

حينما يعيش الإنسان حياة سعيدة جدا .. وبدون مقدمات تموت زوجته الحبيبة . هنا المعضلة . ولكني استغفر الله العظيم حيث ان الموت حق على الكل .. ولكن حينما ذكرت لي قصتك رأيتك تردين الخلاص من زوجك ولكنك لم تستطيعي الفكاك منه . وانا اللذي اعشق زوجتي يأتي يومها ونتفرق للأبد ... هذه الحياة نعم حياة ليست بالحياة .

اوووووه اشعر اني اهذي لاعليك من كلامي ...

سميرة : ألهذا الحد تحب زوجتك المتوفاة ؟

- 6 -

ُولدت في حي شعبي قديم , كنت الأول بين أخوتي فكان الدلال والدلع لي في البداية والتحطيم والتهزيء تتوالي بعد مولد أخي الثاني .

كبرت وكبرت معي أحلامي وطموحاتي بأن أكون مفكراً كبيرا , أو سياسياً محنكا لكثرة مارأيت أبي يثني على ُأناس يعملون هذه الأعمال .

مرت المرحلة الإبتدائية وتلتها المتوسطة وكنت من الأوائل في الصف دائما بل إنني لا أخرج من أحد المراتب الثلاث الأولى .

وجاءت مرحلة المراهقة والإحساس بالرجولة الكاملة في المرحلة الثانوية , كنت أرى نفسي رجلاً وغيري من أقراني ومن يصغرونني بسنة أو اثنتين أطفالاً .

كنت أسهر مع أصدقائي وأضحك معهم كثيراً وما إن أدخل المنزل حتى أقلب الحال وأتظاهر بالضيق . لا أعلم ماللذي يدعوني لذلك , قد يكون تصرفٌ لإظهار قوة شخصيتي او ماشابة ذلك .

كنت أعتقد أنه يجب على الرجل أن يكون حازماً في كل الأمور . بل إنني لا أظهر اللين أبداً .

لي عدد من الأخوة والاخوات .

علاقتي معهم سئية جداً , دائما ما أضربهم وأغضب منهم لأتفه الأسباب وأحيانا بدون أسباب .

حينما أستلقى على سريري ليلاً أتسائل كثيراً لماذا أستمر في معاملتهم بهذا الشكل , مع أنني لم أجرب شعور الأخوة معهم .

بدأو يكرهونني ويكيدون لي , بل إنهم عند كل غلطة مني يسرعون لإخباري أبي , اللذي لا يتوانى في عقابي ويمارس أقسى أنواع العقاب معي .

في طفولتي كنت أنسى ضربَ أبي لي بعد يوم أو يومين ويعود الحال كما كان عليه .

أما في تلك المرحلة اللتي أحس أني فيها رجل كان هذا الضرب يلقي بظلاله على نفسيتي أشهراً .

مرت الأيام وأنا أحمل كل الغضب والإنتقام على هذه الدنيا اللتي كما كنت أعتقد أنني رجل كامل الرجولة فيها . أحمل كل هذا الحقد والغضب لما في نفسي من القهر .

ذات يوم وبينما انا راجع من جلسة مع بعض أصدقاء في مكان بعيد أخذتني الأفكار وبدأت في تجميع ذكرياتي من جديد , كنت اكاد أبكي من شدة الضيق اللذي في نفسي

حينما بلغت العشرين من عمري وكعادة العائلة يزوجون ابنائهم في هذه السن بالذات ... رفضت كثيرا من البنات لم يكن فيهن عيب أو سبب مقنع يجعلني أرفضهن ولكني لم أشأ الزواج في تلك السن لأنني اريد ان استمتع بحياتي قبل أن أدخل مرحلة المسؤلية ..

مرت أربع سنوات وأنا لم أتزوج وبدأ الناس بالكلام وكأني بنت فاتها قطار الزواج . لااعلم سببا للتعجل بالزاوج في عائلتنا .. هل هو خوف من انقطاع النسل ؟ لااعلم يبدو أنها عادة جرت بينهم ...

في كل مجلس أو وليمة أجد الكبار يطلبونني لبناتهم .. مرت فترة احسست بأني فيها بنت ولست ولدا ...

كنت ارفض في كل مره بحجه ما ...

ولكن في وليمة أقامها عمي سليمان بمناسبة مولودتة الجديدة كانت اولى خيوط التفكير الجاد بالزواج ..

حينما قال لي احد اعمامي وانا أسلم عليه : يابني إن قبلت رأسي سأزوجك أبنتي ..

سألته : أي بناتك ياعم ؟

قال : منيرة .

قلت له مازحا : إن أنت قبّلت كتفي سأرضى بها ..

أعجبه ذلك الرد .. ولا اعلم سببا يجعله يقول تلك الكلمة مع اني سأقبل رأسه على كل حال .. ولكن يبدو أنه يريد أن تكون تلك القبلة هي طلبا مني للزواج بابنته .. فتهربت منها باسلوب جعله يضحك كثيرا ويشيد بسرعة بديهتي ...

بعد تلك الوليمة بدأت فعلا أفكر بمنيرة .. لم أفهم لماذا أفكر فيها ولكن تذكرت فطنتها وذكائها في التعليم .. وكذلك تنبهت إلى انها تحاول التقرب مني دوما من خلال إرسال الرسائل اللتي تريد مني فيها ان أنقح لها خاطرةً أو ان ازن لها بيتا مكسوراً . وكثرت إرسالها السلام عليّ مع أمي وأخواتي .. كذلك دعوة اخيها ناصر لي كثيرا لزيارتهم وعندما ازورهم اجد مالذ وطاب من المأكولات .. وعرفت فيما بعد انها هي من تصرّ على اخيها ان يدعوني لبيتهم ...

نظرت إلى نفسي وراجعت وقتي الضائع فانا موظف وقادر على الزواج وقد اخذت كفايتي من اللهو واللعب فماذا أريد بعد ..

طلبت من والدتي ان تجس لي نبض منيرة وأهلها على خطبتي لها ... وجائني الرد سريعا بالموافقة ...

ذهبت معي ابي لبيت عمي وما إن رأيته حتى قبلت رأسه ففهم طلبي وقال هي لك إن وافقت هي ..

ابتسمت له وأبتسم لي وأبي ينظر إلينا وهو لم يفهم شئيا مما يحدث .

تزوجنا ومع مرور الأيام كنت احبها اكثر وأكثر ... حتى تملكتني وتملكتها ...

أصبحت احب بيتي لأنها هي فيه وأستنشق رائحتها في كل جزء منه ... كانت تبادلني الشعور بالمثل .... وكانت اذا غضبت تهدئني وإذا حزنت تواسيني وأذا فرحت تفرح فقط لرؤيتي فرحا حتى وإن لم تعلم سبب فرحتي ...

كنا متفاهمين كثيرا ....

وفي غمرة سعادتي بها ... أصيبت بمرض خبيث أستشرى في كل أجزاء جسمها .. وعانت من الآلام الشيء الكثير ...

حتى وافتها المنية وهي تردد إسمي وتوصيني على الإنتباه لنفسي ...

سنة كاملة لم اخرج من المنزل سنة كاملة لم اخرج من غرفتي وعزلتي أعيش مع ذكرياتها واناجي أطيافها ...

- 7 -

سميرة : إذا أنت هنا للإستجمام ؟

أنا : نعم لأحاول أن أنسى جزءا يسيرا جدا من ذكرياتي معها ...

سميرة : يااااااااااه كل هذا في صدرك وتكتمه ؟

أنا : وهل أشكو لغير ربي حزني وهمي ؟

سميرة : لا لا لم أقصد ذلك ولكن كان يجب أن تبحث لصديق لتحكي له علّ الكلام يريحك قليلاً .

أنا : من في هذه الدنيا سيكتم السر ... ثم إنه ليس سرا لأكتمه ولكنها خصوصيات فقط .

سميرة : وماللذي دعاك لأن تقول لي الآن كل هذا ؟

انا : لا أعلم سببا محدداً . ولكن ربما لأني لن أراك بعد هذه المرة ولن يهم ان حكيت لك أو حيكت للجدار اللذي خلفك .

سميرة ( بعد ان ظهر عليها بعض الضيق ) : شكرا لك .

توجهت سميرة نحو الباب وخرجت منه وأقفلته خلفها وعيناي تتابع تلك الخطوات البطئية .

مخرج :

قمت متثاقلاً من الكرسي وتوجهت لغرفتي بعد ان شعرت بحمل ثقيل قد أنزاح بعضه عن صدري ...

دخلت غرفتي وأضطجعت على السرير لم أستطع النوم فقد كان صوت التلفاز عاليا ُ ... لقد نسيت إقفاله .

المنقهر

رابط هذا التعليق
شارك

رواية رياح الشمال

إهداء :

إلى كل من يحمل في قلبة الأسى والحزن على ماضيه...

إلى كل من يقف حياتة لأمر ما ...

إلى كل من يعتقد أن الجمال سراب زائل ...

إليكم أنتم ...

أهديكم روايتي الأولى ...

مدخل :

فعلا كان خير من عرفت ... فيه براءة الطفولة وطيبة القلب ووفاء كبير ....

دعني أسرد لك قصته يابني كما حكاها لي هو :

- 1 -

<< مذ عرفت نفسي وأنا أبحث عنها ... وأتوه في أثناء إكتشاف مكنوناتها وماتخفيه عني .. أشعر بأني أربيها من

جديد .. وأبث فيها صفات محاها الزمن منها ...

صحوت من النوم ... لا ألوي على شي ... كل ما أحتاجة بعضا من قطرات الماء الباردة المنعشة لكي أفيق جيدا ....

أخذت دشا سريعا ثم خرجت لأجد الفطور جاهزا ... تناولته على عجل ... شربت بعضا من الشاي ثم نزلت من غرفتي

الكائنة في الطابق العاشر من الفندق .... في أجمل بلدان العالم فرنسا وبالتحديد في مدينة الجمال باريس .....

بواسطه المصعد ( ويجب ان اسميه المهبط ) نزلت إلى الدور الأرضي ..

لا أدري أين أذهب فقط أريد تمضية وقتي حتى يأتي موعدي مع الدكتور طارق ... إالتفت يسارا .... رأيتها ...

كانت تتكئ بيمناها معتمدة على مكتب الأستقبال ... وقد اسندت رأسها مائلة على ذراعها وانساب شعرها يغطي

نصف وجهها ثم يتهدل على كتفها ... شدتني عيناها السوداوين المرسومتين جيدا ... تظللهما أهداب تتحرك فوقهما

كالمروحة ... وتكاد تلمس وجه المتحدث اليها مع كل طرفه عين .... ولأنفها طرطوفة مقصومه إلى اعلى وكان فمها

شديد الجاذبية في ابتسامته ولفتاته ..... قادر على ان يشد الانتباه وسط غيره من الوجوة اللي قد تفوقه بمقاييس

الجمال العادية .... وكان جسدها اميل الى النحول وإن بدا ممتلئا في الأماكن الواجبه الامتلاء .... كما بدت ساقاها

طويلتان من غير عجف ولا أعوجاج ... كانت ملامحها تشع بالاشرااق ....ولاتفارقها تلك الابتسامة الحلوة .... أكتشفت

أن حديثها لم يكن منه تكلف بل تغلب عليه خفه ظل غير معتادة من الاناث الجميلات .... كانت انثى جميلة دون شك ...

رغم كل تصرفاتها اللتي بدت وكأنها ولد شقي ....

اكتشتف ذلك كله .... عندما رأيتها في بهو ذلك الفندق الباريسي ...

إقتربت منها ....وقد شدني الفضول لمعرفتها ....

بادرتها قائلا: بنجور ...

بنصف أبتسامة... أهلا وسهلا ..

دهشت قليلا وقلت لها ... عربية ؟

قالت : نعم .. ولكن من أنت وماذا تريد ؟ ..

قلت لها : أنا أحمد من السعودية ....في الحقيقة لاأريد شيئا ....ولكني احسست برغبة في محادثتك قليلا ...

إلتفتت إلى موظف الإستقبال و طلبت منه إلغاء طلب التاكسي ...

ثم قالت لي : تشرفنا سيد أحمد .هل تشاركني شرب القهوة..؟

انا : بكل سرور سيدتي ...

جلسنا في تلك الطاولة البعيدة عن الضوضاء في وسط المطعم وارتشفنا القهوة ....

وضعت فنجانها على الطاولة المستديرة ثم قالت لي : طريقتك غريبة سيد أحمد لم أعهد احدا يرغب بالتحدث لشحص

لايعرفه دونما حاجة ...

مسحت فمي المبتلّ بقطرات القهوة بمنديل ثم قلت : لا أدري لقد خرجت من غرفتي متضايقا ولم أشأ أن أبتعد عن

الفندق ...وفضلت البقاء هنا ...ورأيتك أحسست بأني اعرفك من قبل ..

أخرجت قداحتي وهممت بأن أوقد لها سيجارتها اللتي وضعتها في فمها .... رفضت ذلك وشكرتني ثم قالت : طريقة

قديمة وفاشلة ..

نظرت لها بإستغراب وقلت : أي طريقة ؟ ...

نفثت دخان سيجارتها في الهواء ...

ثم قالت : طريقتك .... قل إنك تريد ان تتعرف علي بدون كل تلك المقدمات ..

(شرزتها بنظرة غاضبة ) قائلا: ومن قال لك إني أريد ان اتعرف عليك أو أن اكون معك أية علاقة ....

أبتسمت مرة أخرى وكانت إبتساماتها تزيدني غيضا وحنقا ..وألتفتت الى منظر البحيرة اللتي يطل عليها المطعم ....

وقالت : هدئ من روعك ... النرفزة ليس لها داع...

أكملت نفث دخان سيجارتها في كل مكان وكأنها قد عزمت على خرق طبقة الأوزون في تلك اللحظة ...

وفجأة تغيرت تعابير وجهها وتوقفت عن الشرب الشره للدخان

ثم قالت أنا مظطرة للرحيل ...

قلت لها :إلى أين نحن لم نتحدث بعد

قالت وبريبة : لا بد أن نلتقى مرة أخرى ولكن الآن يتوجب علي الذهاب .... وداعاَ ...

امسكت بحقيبتها وأنطلقت تشق صفوف الناس في ذاك المطعم ...

ظللت أتابعها حتى إختفت عن ناظري ... ومن الجهة الآخرى للمطعم من ناحية البحيرة ... دخل رجل ضخم الجثة أشقر

الشعر بدا وكأنه لم يحلق لحيته منذ فترة طويلة وكانت أمارات التعب والإعياء واضحة عليه ...

دخل المطعم وعيناه تبحثان في كل مكان .. ووقعت عيناه على عيني ....

توقفت نظراتنا لبعضنا قليلا ثم أشاح بوجهه عني ولكنه كان متجها إليّ .....

خبط بيده على الطاولة بقوة ... ثم قال لي ( بلكنة عربية مكسرة ) .. : أين هي ؟ ..

قلت له : من تقصد ؟ ...

قال : سميرة ....

قلت له : ومن هي سميرة هذه ؟....

أجابني بحنق : اللتي كانت معك منذ قليل ...

قلت له : وما شأنك أنت ؟ ...

جلس على الكرسي المقابل لي ... ومد من تحت الطاولة يده اللتي كانت تمسك بمسدس صغير به كاتم صوت ...

ثم قال لي : أنظر الى ماتحت الطاولة إذا لم تخبرني عن مكانها سأرديك قتيلا الآن ....

قلت له : لا أعلم أين ذهبت صدقني .... كنا ننوى الحديث مع بعضنا ولكنها فجأة وبدون أي مقدمات إستأذنت للذهاب

...

قاطعني بحدة قائلا : في إتجاة ذهبت ؟

قلت له ( وأنا أشير بيدي ) : خرجت عبر ذلك الممر ...

أنطلق بسرعه عبر الممر اللذي أرشدته إليه .... في الحقيقة لا أعلم ماللذي دعاني لأن أكذب عليه وأقول أنها ذهبت

من ذلك الطريق بينما هي ذهبت من طريق آخر ...

صوت من بعيد : أحمد ... ياأحمد ... هنا هنا ...

إلتفت الى مصدر الصوت فوجدته الدكتور طارق يلوح لي بيده ويطلب مني الذهاب معه ...

- 2-

إنطلقت مع الدكتور طارق إلى منتزة قريب للترويح عن النفس والإستمتاع بالعطلة اللتي كنت أنوي قضائها بعد

إرهاقي الشديد جراء ما أصابني في الفترة الأخيرة من اصعب حالة نفسية يمكن أن يمر بها الإنسان .... نعم أقول

أنها أصعب حالة نفسية وأنا متأكد من كلامي هذا ... حينما تصادف الإنسان مصيبة واحدة فإنه يتأثر بها فترة من الزمن

وبحسب حجم المصيبة ووقعها تطول وتقصر هذه المدة ... أما من يصاب بمصيبتين حتما ستكون القاضية عليه ....

حينما يموت شخص نحبه .. نتأثر كثيرا .... وحينما تموت من تحبها ... نعيش على ذكراها طويلا حتى ينسينا الزمن

بعضا من هذه المصيبة ...

وحينما تكون هذه المتوفاه زوجتة حبيبة .... تكون المصيبة كبيرة جدا وبالكاد يخرج منها الإنسان سليما مره أخرى ...

هاهي السنة تنقضي وتمر ذكرى وفاتها الأولى ....

حاول الكثيرون إقناعي لأخرج من عزلتي اللتي كنت فيها ... حيث أني وقفت حياتي بعد موتها لذكراها ... كانت تمثل

لي كل شي في حياتي ولم أعد احس بطعم الحياة بعد وفاتها ...

بعدما سئمت كثيرا من ترديد عبارات الأهل والأقرباء للخروج من عزلتي تلك .... إقترح أحد اصدقائي أن أسافر للخارج

لتغيير الجو والإبتعاد عن الحزن ولو لفترة قصيرة .... وافقت على مضض ... وجهز لي رحلة طويله تمتد إلى ثلاثة

أشهر في أوربا ... وهاهي الرحلة تكاد تنتهي بعدما مررت بالعديد من البلدان الأوربية وكانت المحطة الأخيرة هي

فرنسا ...

أنا لا أنكر أن حالتي قد تحسنت وأرتفعت معنوياتي كثيرا بعد هذه الجولة ... أصبحت أتحدث مع الآخرين وأتناقش

معهم وعادت لي بعض الإبتسامات من فترة لأخرى ...

في فرنسا تعرفت على الدكتور طارق وهو دكتور في علم النفس ... وكان يهيئ لي كل يوم برنامجا يوميا للخروج

والتجوال في هذا البلد ...

تحادثنا كثير أنا والدكتور طارق في ذلك المنتزة اللذي وصلنا إليه قبل هنيهة ... كنت قد ذكرت له قصتي مع تلك الفتاة

وذلك المعتوة اللذي كان يلاحقها .... فأخبرني أن حياة الناس مليئة بالأسرار ويتوجب عليّ أن لا أهتم بأمور غيري ...

فرضخت لطلبه وأوقفت حديثتي عنهما ولكن تفكيري كان مشغولا بهما ....

تجولنا ذلك النهار في العديد من الأماكن الجميلة ... لقد إستمتعت كثيرا بتلك الجولة الرائعة مع ذلك الإنسان الفاضل

... وفي المساء ذهبنا إلى حيث مطعم قريب من الفندق اللذي أقطنه وتناولنا العشاء بسرعة ورجعنا إلى الفندق

حيث أوصلني الدكتور طارق ورحل ... أخذت حمامي المسائي وخرجت لأتفرج على برامج التلفاز ...

طرقات خفيفة متسارعة تصدر من ناحية باب الغرفة ... هرعت لأفتح الباب .... نظرت من خلال العين السحرية ...

فوجدت تلك الفتاة هي من تطرق الباب وهي تتلفت وجلة خائفة .... فتحت لها فطلبت مني الدخول إلى الداخل ...

رفضت ذلك إستماعا لكلام الدكتور طارق حيث حذرني من فئة يطرقون الأبواب ويطلبون عمل المحرم مقابل مبلغ

مادي ... فطلب مني ان أرفض لئلا أفتن وأنا أتقيد بتعليماته وعلى ذلك رفضت دخولها ... أصرت ولما رأتني أرفض

دفعتني ودخلت وأقفلت الباب ... هممت بضربها وأخراجها بالقوة .. فأخرجت وبسرعة عجيبة مسدسا من جيبها

وطلبت مني أن أكون هادئا وأن أستمع لما تقول هي .. إذا فعلت أوامرها ستتركني بسلام ..رضخت مرغما لأوامرها

.... فسكتّ وسكتت هي ....

- 3 -

في غرفة الجلوس ... طلبت مني الجلوس على مقعد مقابل للمقعد اللتي جلست عليه هي .... جلست وانا أتابع

فوهة المسدس وهو مصوب نحوي ...

مرت فترة طويلة قبل أن تبدأ بالكلام ...

سميرة : قد تستغرب فعلي هذا ... وقد تتسائل عن ما أريده منك ..

أنا ( وانا اجر الكلام جراً من حلقي ) : ن...نن ... نعم ...

سميرة : قد يذهب بك عقلك بعيدا .. ويخيّل إليك أنني من بنات الليل ... أو أني سارقة وجئت لأخذ أموالك .. ولكن في

الواقع جئت لأشكرك فقط ...

أنا : و.. وعلى ماذا تشكرينني ؟

سميرة : لقد أنقذتني من مطاردة كانت ستطول من ذلك الأحمق ( ميشيل ) .. حينما توّهته عني فإنك أعطيتني

فرصة رائعة للهروب منه ...

أنا : ولكن ... ولكن كيف عرفتي أني أنا من توهه ؟ ...

سميرة ( وهي تدخل المسدس إلى حقيبتها ) : أنا انطلقت اشق صفوف الناس لأختفي عن نظرك أنت ولكني لم

أبتعد كثير فلقد بقيت في نفس المطعم ولكن في مكان آخر بحيث أراك وأراه ولا يمكنكما رؤيتي ...

أنا ( بعد ان هدأت نفسي حينما زال المسدس عن وجهي ) : أهاا .. إذا فلقد وقعت بينكما وأنا لا أعلم ..

سميرة : ولهذا جئت أشكرك .. بعد إذنك انا ذاهبة ..

أنا : لكن ماللذي يجعله يطاردك ؟

وقفت سميرة تريد الخروج ولكن سؤالي هذا جعلها تجلس مرة أخرى ...

سميرة : حينما تكون الخيانة ويبدأ الشك .... تكون المشاكل .... أظنها قاعدة تنطبق على كل البشر ...

أنا ( بتعجب ) : خيانة ... شك ؟ ... ماكل هذا الهراء ؟ ... وماللذي يجعل الخيانة تبدأ .. وماللذي يجعل الشك يتحرك ...

إلا إذا كان الأساس خاطئا ....

سميرة ( بحنق ) : ومن قال لك أن هناك أساس من الأصل حتى يكون صائبا أو خاطئا ؟ ...

أنا : أنا اتكلم بشكل عام ....

سميرة ( وهي تخرج سيجاره لتوقدها ) : هل لديك قهوة هنا ؟

انا : وهل أطلب منك ألا تدخني هنا ... إذهبي الى الشرفة وأنفثي هذه السموم كما تشائين ... لحظات لأعد لك

فنجان قهوة وسأوافيك ....

سميرة : شكرا جزيلا لك ...

- 4 -

ولدت لأب وأم لم أرهما ... هناك في الوطن اللذي لم أره قط ... نعم .. يحكى لي أنني قد نجوت من حادث غريب مات

فيه والداي وأخي الصغير ... ولم يكن لي أقارب أبدا سوى خالة لي ولكنها خارج الوطن مع زوجها .. فهو يعمل في

القنصلية هنا في فرنسا .... قدمت خالتي بعد هذا الحادث وكنت حينها أبلغ من العمر 4 سنوات لا اتذكر شيئا منه ....

قدمت خالتي وأخذتني معها إلى فرنسا وعشت معها كأبنتها .... خصوصا أنهما ليسا بقادرين على الإنجاب ... عشت

معهما وربياني احسن تربية ....

لم يكن في حينا اللذي نقطنه أي عرب ... فأضطررت أن أتداخل مع الفرنسيين .... وأن اكون صداقات معهم فبدون

الصداقات تكون الحياة كئيبة ....

لم يكن لي وقت فراغ البته ... فلقد كانت جميع اوقاتي مشغولة ... بعد أن أنجز فروضي المدرسية اخرج لأتنزة

وأمارس الرياضة ... وأعود قبل حلول الظلام وأبقى مع معلمة الموسيقى الساعات الطوال ... أنا أحب الموسيقى

كثيرا ..

في تلك الفترة كنت أحس بشخص يلاحقني أينما أذهب ... كان عمري وقتها 20 سنة ... حينما اذهب للنادي اجده

هناك وإذا دخلت مطعما اجده في الطاولة اللتي تيليني مباشرة .... وحينما أذهب إلى المنزل وأدخل غرفتي أرقبه

من نافذتي وهو جالس على الرصيف وينظر إلى المنزل وبالتحديد إلى نوافذ الغرف المضاءة ...

يضايقني كثيراً هذا الشيء ... كنت اعتقد أنه عميل سري قد تكون أستأجرته خالتي لمتابعتي في تلك الفترة

الحرجة من العمر ..... فقد كنت أتعمد ان أتعبه بالمشاوير .... وأطيل المشي ... وأكثر الأماكن اللتي أدخلها ....

ذات مرة إنطلقت أركض كالبرق .. واتنقل بين الممرات والأزقة ... وبعد فترة ركض طويلة ... دخلت ممرا خاليا من

الناس وأختبأت خلف احد الجدران وحينما أقترب ذالك الشخص الغريب وجهت لكمة قوية إلى صدره ... وكانت القاضية

... حيث أنه كان يلهث وجاءتة هذه اللكمة مثل رصاصة الرحمة ... فلقد أغمي عليه وسرعان ما رآانا أحد المارة

فأسرع بإبلاغ الشرطه والإسعاف ... وفي مركز الشرطة ُ أبلغت أنه قد أسقط حقه عني وأنه يسامحني ... طلبت ان

أراة لأشكره على فعله هذا ... وفي الحقيقة كنت أريد أن أعرف من هو ...

لم أتبين من معلوماته الشخصية اي علاقه بينه وبينه خالتي ... بل إنه لايعرف حتى إسمي الأول ....

طلب مني طلبا غريبا .. طلب مني أن أكون صديقة له ..

وافقت على كره لهذا الشيء حيث أني لاأحب ان أرغم على شي لا أريده ولكني كنت مضطرة لهذا الفعل لكي

لايطالب بحقة القانوني ...

مع مرور الزمن وكثرة خروجي معه ... بدأت اشعر بالميلان له قليلا .. امممم أكدا اجزم أنني بدأت احبه ... فلقد كان

لطيفا كريما وله طول بال لم اعهده في غيره من البشر ..

بعد فترة ليست بالقصيرة طلب مني الزواج .. وافقت لأني كنت حينها احبه بعنف .

تزوجنا وبعد مرور شهر واحد فقط .. بدأت المشاكل بالظهور ... من عادتي ان اعامل الناس كلهم برقه ولطافه .. ولكن

هذا الشيء كان يضايقه كثيرا ... أستغرب فعلا ان تكون لديه غيره بهذا الشكل ...

مع كثرة الشكوك اللتي بدأت تداهمه من كل جهة ... أصبحت الحياة معه جحيما لايطاق ... تخيل .. تخيل أن يطلب

مني أن ابقى في المنزل وأن لا أقابل أحد أو أن أحادث احدا حتى بالتيلفون ...

ماهذا ... اصبحت في سجن ... هربت منه بعد أن أخذت من خزانته مبلغا كبيرا من المال ... لم أسرقة ولكنه كان قليلا

من مستحقاتي حيث انها ارباحي في المحل التجار اللذي أشاركه فيه ...

لم أكن أخذ من هذه الأرباح شيئا .. ولذلك تنامت أموالي واصبحت مبلغا طائلا من المال ...

أخذت هذا المبلغ وهربت منه الى باريس ... حيث لن يستطيع إيجادي ..

الغريب أنه في كل مره اهرب منه يستطيع أن يعثر علي ... مضت اربعة شهور ونحن على هذه الحالة ..

هل عرفت الآن معنى كلامي في البداية .( حينما تكون الخيانة ويبدأ الشك .... تكون المشاكل ) .

أعرف أنك ستسألني أين هي الخيانة ... ثم إنك لن تلبث حتى تعدّ ماقمت به انا هو الخيانة .. ولكن الحقيقة أنه هو

يخونني كل ليلة مع عاهرات في ملاهي ليلية ..

نعم هو يحبني ولكن المسكر يلعب في رأسه ولا يفكر بعدها بحب او غيره ..

لبست معطفها وهمّت بالخروج ...

- 5 -

أنا : هذه حياة ليست بالحياة ...

توقفت مع كلمتي هذه وتسائلت بصوت مسموع : ماذا .؟

انا : عفوا ... انا اقصد لماذا تتبدل المفاهيم وتحتار القلوب في معرفة الحقيقة وإيقان الصدق .

سميرة : لم أفهم ؟ .

أنا : حينما احزن على وفاة زوجتي يلومني الأهل والأصدقاء ويطلبون مني النسيان . كيف انسى .. أنسى من

أعشقها ؟

سميرة مقاطعة لي : اووووووه ... أنا أسفه يبدو اني قد أثرت شجونك ...

انا مكملا حديثي : لا عليك ... هذا أمر لم انساه ولا لحظة واحدة فانت لم تذكريني به .. ولكني الآن أرى الأمر صورة

أخرى ...

حينما يعيش الإنسان حياة سعيدة جدا .. وبدون مقدمات تموت زوجته الحبيبة . هنا المعضلة . ولكني استغفر الله

العظيم حيث ان الموت حق على الكل .. ولكن حينما ذكرت لي قصتك رأيتك تردين الخلاص من زوجك ولكنك لم

تستطيعي الفكاك منه . وانا اللذي اعشق زوجتي يأتي يومها ونتفرق للأبد ... هذه الحياة نعم حياة ليست بالحياة .

اوووووه اشعر اني اهذي لاعليك من كلامي ...

سميرة : ألهذا الحد تحب زوجتك المتوفاة ؟

- 6 -

ُولدت في حي شعبي قديم , كنت الأول بين أخوتي فكان الدلال والدلع لي في البداية والتحطيم والتهزيء تتوالي

بعد مولد أخي الثاني .

كبرت وكبرت معي أحلامي وطموحاتي بأن أكون مفكراً كبيرا , أو سياسياً محنكا لكثرة مارأيت أبي يثني على ُأناس

يعملون هذه الأعمال .

مرت المرحلة الإبتدائية وتلتها المتوسطة وكنت من الأوائل في الصف دائما بل إنني لا أخرج من أحد المراتب الثلاث

الأولى .

وجاءت مرحلة المراهقة والإحساس بالرجولة الكاملة في المرحلة الثانوية , كنت أرى نفسي رجلاً وغيري من أقراني

ومن يصغرونني بسنة أو اثنتين أطفالاً .

كنت أسهر مع أصدقائي وأضحك معهم كثيراً وما إن أدخل المنزل حتى أقلب الحال وأتظاهر بالضيق . لا أعلم ماللذي

يدعوني لذلك , قد يكون تصرفٌ لإظهار قوة شخصيتي او ماشابة ذلك .

كنت أعتقد أنه يجب على الرجل أن يكون حازماً في كل الأمور . بل إنني لا أظهر اللين أبداً .

لي عدد من الأخوة والاخوات .

علاقتي معهم سئية جداً , دائما ما أضربهم وأغضب منهم لأتفه الأسباب وأحيانا بدون أسباب .

حينما أستلقى على سريري ليلاً أتسائل كثيراً لماذا أستمر في معاملتهم بهذا الشكل , مع أنني لم أجرب شعور

الأخوة معهم .

بدأو يكرهونني ويكيدون لي , بل إنهم عند كل غلطة مني يسرعون لإخباري أبي , اللذي لا يتوانى في عقابي

ويمارس أقسى أنواع العقاب معي .

في طفولتي كنت أنسى ضربَ أبي لي بعد يوم أو يومين ويعود الحال كما كان عليه .

أما في تلك المرحلة اللتي أحس أني فيها رجل كان هذا الضرب يلقي بظلاله على نفسيتي أشهراً .

مرت الأيام وأنا أحمل كل الغضب والإنتقام على هذه الدنيا اللتي كما كنت أعتقد أنني رجل كامل الرجولة فيها .

أحمل كل هذا الحقد والغضب لما في نفسي من القهر .

ذات يوم وبينما انا راجع من جلسة مع بعض أصدقاء في مكان بعيد أخذتني الأفكار وبدأت في تجميع ذكرياتي من

جديد , كنت اكاد أبكي من شدة الضيق اللذي في نفسي

حينما بلغت العشرين من عمري وكعادة العائلة يزوجون ابنائهم في هذه السن بالذات ... رفضت كثيرا من البنات لم

يكن فيهن عيب أو سبب مقنع يجعلني أرفضهن ولكني لم أشأ الزواج في تلك السن لأنني اريد ان استمتع بحياتي

قبل أن أدخل مرحلة المسؤلية ..

مرت أربع سنوات وأنا لم أتزوج وبدأ الناس بالكلام وكأني بنت فاتها قطار الزواج . لااعلم سببا للتعجل بالزاوج في

عائلتنا .. هل هو خوف من انقطاع النسل ؟ لااعلم يبدو أنها عادة جرت بينهم ...

في كل مجلس أو وليمة أجد الكبار يطلبونني لبناتهم .. مرت فترة احسست بأني فيها بنت ولست ولدا ...

كنت ارفض في كل مره بحجه ما ...

ولكن في وليمة أقامها عمي سليمان بمناسبة مولودتة الجديدة كانت اولى خيوط التفكير الجاد بالزواج ..

حينما قال لي احد اعمامي وانا أسلم عليه : يابني إن قبلت رأسي سأزوجك أبنتي ..

سألته : أي بناتك ياعم ؟

قال : منيرة .

قلت له مازحا : إن أنت قبّلت كتفي سأرضى بها ..

أعجبه ذلك الرد .. ولا اعلم سببا يجعله يقول تلك الكلمة مع اني سأقبل رأسه على كل حال .. ولكن يبدو أنه يريد أن

تكون تلك القبلة هي طلبا مني للزواج بابنته .. فتهربت منها باسلوب جعله يضحك كثيرا ويشيد بسرعة بديهتي ...

بعد تلك الوليمة بدأت فعلا أفكر بمنيرة .. لم أفهم لماذا أفكر فيها ولكن تذكرت فطنتها وذكائها في التعليم .. وكذلك

تنبهت إلى انها تحاول التقرب مني دوما من خلال إرسال الرسائل اللتي تريد مني فيها ان أنقح لها خاطرةً أو ان ازن

لها بيتا مكسوراً . وكثرت إرسالها السلام عليّ مع أمي وأخواتي .. كذلك دعوة اخيها ناصر لي كثيرا لزيارتهم وعندما

ازورهم اجد مالذ وطاب من المأكولات .. وعرفت فيما بعد انها هي من تصرّ على اخيها ان يدعوني لبيتهم ...

نظرت إلى نفسي وراجعت وقتي الضائع فانا موظف وقادر على الزواج وقد اخذت كفايتي من اللهو واللعب فماذا أريد

بعد ..

طلبت من والدتي ان تجس لي نبض منيرة وأهلها على خطبتي لها ... وجائني الرد سريعا بالموافقة ...

ذهبت معي ابي لبيت عمي وما إن رأيته حتى قبلت رأسه ففهم طلبي وقال هي لك إن وافقت هي ..

ابتسمت له وأبتسم لي وأبي ينظر إلينا وهو لم يفهم شئيا مما يحدث .

تزوجنا ومع مرور الأيام كنت احبها اكثر وأكثر ... حتى تملكتني وتملكتها ...

أصبحت احب بيتي لأنها هي فيه وأستنشق رائحتها في كل جزء منه ... كانت تبادلني الشعور بالمثل .... وكانت اذا

غضبت تهدئني وإذا حزنت تواسيني وأذا فرحت تفرح فقط لرؤيتي فرحا حتى وإن لم تعلم سبب فرحتي ...

كنا متفاهمين كثيرا ....

وفي غمرة سعادتي بها ... أصيبت بمرض خبيث أستشرى في كل أجزاء جسمها .. وعانت من الآلام الشيء الكثير ...

حتى وافتها المنية وهي تردد إسمي وتوصيني على الإنتباه لنفسي ...

سنة كاملة لم اخرج من المنزل سنة كاملة لم اخرج من غرفتي وعزلتي أعيش مع ذكرياتها واناجي أطيافها ...

- 7 -

سميرة : إذا أنت هنا للإستجمام ؟

أنا : نعم لأحاول أن أنسى جزءا يسيرا جدا من ذكرياتي معها ...

سميرة : يااااااااااه كل هذا في صدرك وتكتمه ؟

أنا : وهل أشكو لغير ربي حزني وهمي ؟

سميرة : لا لا لم أقصد ذلك ولكن كان يجب أن تبحث لصديق لتحكي له علّ الكلام يريحك قليلاً .

أنا : من في هذه الدنيا سيكتم السر ... ثم إنه ليس سرا لأكتمه ولكنها خصوصيات فقط .

سميرة : وماللذي دعاك لأن تقول لي الآن كل هذا ؟

انا : لا أعلم سببا محدداً . ولكن ربما لأني لن أراك بعد هذه المرة ولن يهم ان حكيت لك أو حيكت للجدار اللذي خلفك .

سميرة ( بعد ان ظهر عليها بعض الضيق ) : شكرا لك .

توجهت سميرة نحو الباب وخرجت منه وأقفلته خلفها وعيناي تتابع تلك الخطوات البطئية .

مخرج :

قمت متثاقلاً من الكرسي وتوجهت لغرفتي بعد ان شعرت بحمل ثقيل قد أنزاح بعضه عن صدري ...

دخلت غرفتي وأضطجعت على السرير لم أستطع النوم فقد كان صوت التلفاز عاليا ُ ... لقد نسيت إقفاله .

بقلم المنقهر

http://www.abunawaf.ws/forum/index.php?act...=ST&f=5&t=10247

تاريخ افتتاح الموقع 2-2-2002

للاعلان في موقع ومجالس أبو نواف انقر هنا

رابط هذا التعليق
شارك

يعني ؟

مافهمت وش تقصد بوضعك للنك هذا smile.gif

لكن ترا المنقهر شخص واحد هو أنا وانا نفس الشخص اللي في ابونواف مااعرف اسجل بيوزرات مختلفه في منتديات مختلفه لي أسم ثابت في جميع الاماكن ألا وهو المنقهر smile.gif

أبوقهر smile.gif

رابط هذا التعليق
شارك

من فضلك سجل دخول لتتمكن من التعليق

ستتمكن من اضافه تعليقات بعد التسجيل



سجل دخولك الان