×× تــوّرم الذات ××


أبو طلاح

Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

توّرم الذات

يقابلك منتفخة أوداجه ، رأسه مرفوعة و أنفه لأعلى ، يسرق النظر إليك سرقاً، تطرح عليه رأياً فيحتقره ويحتقرك ، إذا قابل من يعتقد أنه أصغر مقاماً منه صعّر له خده ، يقلل من شأن الآخرين ، ويحاول أن يسلبهم مكانتهم ،تتغير حاله عندما يمدح غيره أمامه ، يتحدث كثيرا عن نفسه فتغلب عليه الأنا ، ينسب أعمال ونجاحات الآخرين له ، لا يمكن أن يعترف بخطئه ، ومتى ما سنحت له فرصة نسبة خطئه لغيره لا يتردد في ذلك ، يتبختر في مشيه، وغير ذلك كثير مما ينبئ عن تورم الذات .

قد يكون هذا زميلك في العمل، أو جمعك به مجلس أو اجتماع أو لقاء ، ربما قابلته عرضاً في سوق أو طريق ، قد تجده في أي مكان ، فلا تبتئس ، فهو نمط من الناس ابتلوا بمرض تورم الذات، وداء العجب بالنفس، فيعجبهم حسن عملهم فلا يرون إلا أنفسهم ، غير أنهم يخسرون بذلك كثيراً من نجاحاتهم ومكانتهم ، وفيهم يقول الحسن البصري: لو كان كلام ابن آدم صدقًا، وعمله كله حسنًا يوشك أن يخسر. قيل: كيف يخسر ؟ قال: يعجب بنفسه .

والعجب بالنفس من الثلاث المهلكات التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ثلاث مهلكات : شحُّ مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه «. وقد يدفع به ذلك إلى سوء المصير،كما قال صلى الله عليه وسلم : « بينما رجل يمشي في حلةٍ تعجب نفسه ، مرجل جمته ، إذ خسف الله به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة « . ولقد أوصى لقمان ابنه كما جاء في قوله تعالى:

( وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ) لقمان/ 18

يقول علماء النفس إن تضخم الذات نوع من التعويض لنقص ما في الشخصية فيسلك الفرد سلوكاً يعوض به ذلك النقص ، وقد يكون اكتسبه من تربية خاطئة نشأ عليها .

إذاً ما دور من عجبته نفسه وغرّته مكانته وحسن عمله ونجاحه ، هل يؤدبها فيهينها !، حتما لن يقبل أحد أن يهان ، فهل جرب إهانة نفسه بنفسه ، قبل أن يقوم غيره بهذا الدور ، كأن يؤدي عملاً يستصغره ، فهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قام بحمل كيس الدقيق على ظهره ، رافضاً أن يحمل عنه، وقال : لقد حدثتني نفسي أني أمير المؤمنين فأردت أن أهينها ، وأطفأ عمر بن عبدالعزيز السراج بنفسه ، وقال : ذهبت وأنا عمر ورجعت وأنا عمر.

لاشك أن مراجعة النفس وتهذيبها يعد سلوكاً إيجابياً يدل على فهم الإنسان لنفسه ،وقدرته على تعديل سلوكه فإن هو قام بذلك حقق توازناً في شخصيته ، كسب به رضاه عن ذاته ،ورضا الآخرين عنه، ليشمله الله برضاه .

يقول الشاعر علي بن المقرب العيوني :

ثم انتحينا لعوف بعدما ورمت

أنوفها ففششنا ذلك الورما

سلمان بن سالم الجمل - صحيفة اليوم

http://www.alyaum.com/issue/article.php?IN=13502&I=763208

رابط هذا التعليق
شارك

  • 2 weeks later...

من فضلك سجل دخول لتتمكن من التعليق

ستتمكن من اضافه تعليقات بعد التسجيل



سجل دخولك الان