أشهر حالة أغتصاب في التاريخ


روفو

Recommended Posts

خمس وخمسون ولم أبلغ بعد!!

بقلم: د. إبراهيم أبو جابر- مركز الدراسات المعاصرة

خمس وخمسون سنة، عمري، منذ اغتصبوني وانتهكوا عرضي وشرفي أهانوا فيها كرامتي،ومرغوها بالتراب، شربوا نخب الانتصار على أشلائي وولغوا من دمي في يوم هو اليوم، قبل خمس وخمسين سنة. رقصوا فرحة ونشوة على أنقاضي وأطلقوا للريح راياتهم في سمائي! مزّقوا بحرابهم أهلي، شعبي، ناسي، حتى الشيوخ والنساء والأطفال حصدتهم أيدي الغدر والبربرية!!.

شجري، اللوز والتين والصبار، الزيتون والليمون، قطعوها، أهلكوها، حرقوها بنيران حقدهم وكراهيتهم، المواشي والدواب قتلوها، ولجيوبهم وكروشهم باعوها... بيوتي، ممتلكاتي، ثرواتي نهبوها، وفي شاحناتهم حمّلوها، حتى النوافذ والأبواب فكوها وبلاط الأرض رفعوها..! .

ذهبُ نسائي لم يسلم، فطالته أيدي شياطين الإنس، حتى أقراط الأذن عنوة نزعوها، ومال أهلي سرقوها وفي جيوبهم أخفوها.. .

أسماء المواقع غيّروها، بأخرى عبرانية، وصفوها، دور العبادة هدموها، أو لحانات ومراقص وزرائب خيل وبقر ومواشي حولوها..!! .

طردوا شعبي، هجّروه، وخلف الحدود، فريسة سائغة لسلاطين وطغاة وضعوه... بأحقر الألفاظ وصفوه، لاجئ، مهاجر، بلجيكي، أجنبي، غير مواطن، من المريخ الخ...

هويتي داسوها سطراً سطراً، حتى تآمروا على اسمي فمسخوه ومن التاريخ زوروه . هام ناسي عبر الحدود على وجوههم، خسروا الغالي والرخيص،فلذات أكبادهم عقاراتهم، ذكريات طفولتهم، عطر زواجهم، الشواطئ والأنهار، الزعتر والزيتون والرمان!!.

آه، منك يا نار، إلام تحرقين أحشائي وتكوي بلهيبك أمعائي... آه، منك يا ذاكرة التاريخ، لماذا أرّقتي مقلتي وحركتي قلبي بين الضلوع...لماذا فتحت جراحي، لماذا؟ وعلام هذا الضجيج علام؟ ألا يكفيني ما على الشاشات يعرض، وعلى الصحائف يكتب، وعبر الإذاعة ينشر!! مللت التجارة بي، واعتلاء العروش وتصدّر المهرجانات باسمي، مللت برك الدم القاني، والقتل والتدمير وإهانة الأحرار والحرائر في سبيلي!!.

حاولت نسيان الماضي، حاولت، ولوسائل الراحة استرخيت، وللعيش الكريم والعمارات والسيارات الفارهة هفّت نفسي وارتاحت لكن يا ابني، الأسى لا ينتسى، فأخذت أفتش في أحشائي، في قلوب أبنائي، ناسي، في عقولهم، أنبش في ذاكرتهم عما حصل لي، أنا الوطن يوم ان ذبحوني!!.

فتّشت، وفتّشت، ومن اعلم بشعاب مكة الا أهلها،فوجدت، انا الوطن، ضالتي، عثرت على حقيقة ما جرى، وبعضاً مما نسيته، في ظل المأساة... لملمت ما فاضت به عيون ناسي من دمع كحب البرد، وما جاشت به قلوبهم كالنهر الجارف، وما شابت عليه رؤوسهم كقمة جبل ثلجي...

فيا ليتني مللت واكتفيت بما اعرفه، ولم أحرّك مواطن الوجع مني، أنا الوطن الجريح، فيا هول ما سمعت، ففاض الدمع من العين وتحشرجت الأنفاس في صدري وغاب الوعي من الذهن...

أهذا فعلاً ما حصل!!

نعم يا أحّبتي، وهذا قليل، هذا غيض من فيض، فأنا البيت الذي يأويكم، ومن اعرف مني بنفسي، أنا من ذاق المر والمرار ولا يزال!!.

فيا كل أهلي وناسي، شلت يمين من يفرط بذرة تراب مني،والخزي والعار لمن باع شبراً من جسدي،ويا سعداه من قبّل أرضي .

بلادي وطني اني أحبك ما سار الدم في عروقي ونبض القلب مني، ولا بد وتشرق شمس الحرية. خمسة وخمسون عاماً هذا عمري ولم ابلغ سن الرشد بعد يا أمتي!!.

رابط هذا التعليق
شارك

من فضلك سجل دخول لتتمكن من التعليق

ستتمكن من اضافه تعليقات بعد التسجيل



سجل دخولك الان