الشاعر حمد العسعوس لـ «المجلة العربية» :


Recommended Posts

القصيدة المترجمة تتحول إلى جسد ميت مهما اجتهد المترجم في تقمص شخصية مبدعها

هذه التيارات تنازعت أشعاري

شاعر خاض تجارب عدة في كتابة القصيدة في أكثر من شكل، حيث صدرت له أربع مجموعات شعرية.

يلخص تجربته الأدبية بقوله:

تنازعت أشعاري ثلاثة تيارات «الصحوة الإسلامية والحداثة والاعتدال».

إذ اختفت في المجموعة الأخيرة (ثلاث غيمات) بالذات نبرة التشدد ونبرة التحرر. وتحت المصالحة مع كل أشكال القصيدة.

ü البدايات متى كانت؟

üü أما عن بداياتي في كتابة الشعر، فقد كانت بدايات متواضعة ومبكرة، ظهرت بوادرها أوبراعمها الأولى وأنا طالب في المرحلة الابتدائىة، فقد كنت أميل للشعر، وأحفظ النصوص المقررة وأقود فرقة الأناشيد في المدرسة، وكتبت وأنا في الصف الرابع الابتدائى أول محاولة.

كانت بمناسبة زيارة أحد الوزراء، وأعتقد أنه كان وزير الزراعة ـ آنذاك ـ للمدرسة.. ولكن لا أتذكر أنني ألقيت القصيدة التي كتبتها؛ لأنها كانت مجرد (خربشة)

أما عن أول قصيدة كتبتها وألقيتها أمام الجماهير، فقد كانت في مهرجان العيد الذي كان ينظمه النادي الفيصلي بحرمة، وكنت وقتها طالباً في الأول متوسط.

ü ترى من اكتشف كلمات الشاعر داخله؟

üü أستاذي الشاعر إبراهيم بن ناصر المدلج، فقد كنت في المرحلة الابتدائىة أكتب بعض الأبيات على شكل حكم.. وكنت لا أستطيع عرضها على أحد، لأنني كنتُ على درجة كبيرة من الحياء، وفي يوم من الأيام خطف صديقي محمد الفهد بعض الأوراق التي كانت في يدي وسلمها للشاعر إبراهيم المدلج، ونحن نسير في وسط مجموعة من الشباب والأطفال في أحد الشوارع القديمة بالقرية، وكان هذا هو المؤشر الأول على الشاعرية. إذ توقف الشاعر المدلج بعد قراءتها والتفت نحوي وقال كلمات لا أتذكرها، لأنني لم أسمعها جيداً ولكنها كانت كلمات مشجعة.

وفي المرحلة الابتدائىة ـ أيضاً ـ أتذكر أنني كنت أكتب نقائض باللهجة العامية تأخذ صفة الهجاء الطريف بين اثنين من الزملاء يلقيانها في طابور الصباح، وفي يوم من الأيام جرى خصام بين الزميلين؟ أدى إلى إيقاف تلك النقائض.

ü ما الذي أردت قوله في «خطاب لوجه البحر»؟

من حيث المضمون تنازعت أشعاري ثلاثة تيارات:

1- تيار الصحوة الإسلامية، وتمثله مجموعة (دوائر للحزن والفرح) ففي كثير من النصوص التي تضمنتها هذ المجموعة تبرز نبرة التشدد التي يقتضيها شعر الحماسة الإسلامي.

2- تيار الحداثة، وقد مثلت هذا التوجه مجموعة «خطاب لوجه البحر» التي تسألين عنها.. ففي هذه المجموعة تبرز نبرة الدعوة إلى التمرر، وتسيطر قصيدة التفعيلة على قصائد المجموعة، وتظهر سمة الشعر العاطفي.

3- تيار الاعتدال الذي تمثله مجموعة (بعض الفصول)، والمجموعة الجديدة (ثلاث غيمات)، فقد تلاشت في هذه المجموعة بالذات نبرة التشدد، ونبرة التحرر، وتمت المصالحة مع كل أشكال القصيدة.

ü يلاحظ أن شعراء التفعيلة هم الأكثر ارتباطاً بالموروث الشعبي ما رأيك؟ وبماذا تفسر ذلك؟

üü توظيف الموروث؟ أو الإرث الثقافي يُعدُّ سمة وركناً من أركان القصيدة الحديثة، فقد ركز كبار شعراء هذا اللون على توظيف رموز الحضارة اليونانية، والحضارة العربية وعلى إعادة صياغة الحكايات القديمة، أو بعبارة أصح إسقاط تلك الحكايات القديمة أو بعبارة أصح إسقاط تلك الحكايات على الواقع في كثير من نصوصهم.

ومن هنا أصبحت للقصائد التي توظف تلك الرموز والحكايات نكهتها الخاصة.. إنها نكهة التاريخ، وهو يتلبس اللغة المعاصرة.

ولعل أبرز الشعراء السعوديين الذين أجادوا هذا النوع من التناول والطرح والمقاربة، الشاعر/ محمد الثبيتي، وخصوصاً في مجموعته الشعرية «التضاريس»، فقد استطاع في هذه المجموعة أن يعيد إلى الذاكرة العربية مشاهد المملكة والرحيل المتواصل لطلب الماء والكلأ.

أما لماذا؟ فلأن شعر التفعيلة أكثر مرونة، ويتيح هامشاً أوسع من الحرية لتوظيف التاريخ والحكاية والأسطورة.

üü ما الذي يفقده الشعر حال ترجمته؟

üü الشعر المترجم يفقد أشياء كثيرة لعل أهمها:

1- روح الشاعر الذي أبدع الشعر وخصوصيته وبصمته وملامحه.. فالقصيدة جزء من روح الشاعر يضخ فيه عاطفته الخاصة وفكره الخاص ونظرته الخاصة.. وإذا فقدت القصيدة هذه الملامح فإنها تتحول إلى جسد ميت بلا روح، ومهما اجتهد المترجم في تقمص شخصية الشاعر، ومهما حاول أن يتلبس لبوسه إلا أن الشاعر يظل شخصية مستقلة لها ملامحها الخاصة التي لا يستطيع المترجم أن يقلدها.

2- عنصر اللغة الأصلية التي أتقنها الشاعر واستخدم مفرداتها في بناء القصيدة التي هي من الأساس جزء من لغة الشاعر.

ولذلك يأتي الشعر المترجم باهتاً وضعيفاً وبعيداً عن تصورات الشاعر، ولا يكون له ذلك الوهج وذلك التأثير الذي نحس به عندما يأتي بلغة الشاعر الأصلية.

ü بعدك عن الأضواء ما سببه؟

üü لا أبالغ ولا أدَّعي إذا قلت إنني أستطيع الخروج على الناس كل يوم وفي أكثر من مطبوعة.

فالكتابة لا تشكل عائقاً بالنسبة لي، ولكنني ـ منذ البداية ـ كنت حريصًا على عدم الظهور اليومي أو حتى الأسبوعي أو الشهري الدائم.. لماذا؟!

لأنني أقيس الناس الآخرين على نفسي في هذه المسألة.. فأنا أتجاوز الكاتب الذي يطرح نفسه كل يوم أو كل أسبوع ويستمر على هذا الرتم، لأنني أحس أنه يكرر نفسه مهما كانت قدراته الكتابية كبيرة.

هذا أحد الأسباب، والسبب الآخر هو أنني أتجه في الآونة الأخيرة إلى التأليف، ولدى الآن مشاريع لكتب ودواوين شعرية اشتغل عليها وسوف ترى النور قريباً.. فالتأليف هو في نظري الثمرة والمحصلة الأخيرة والزبدة للكتابة الصحفية.

ü وماذا تمثل المرأة في شعرك؟

üü لقد كتبت قصائد لأمي ولزوجتي ولبنتي ولأختي، وكتبت قصائد أخرى عاطفية للمرأة بشكل عام.. عن جمال المرأة وعن عاطفة الرجل تجاهها.

فالمرأة مادة خصبة للشعراء يتغنون بجمالها، ويعبرون عن عاطفة العشق والحب التي لا تربطهم في الغالب إلا بها، وأحياناً يصور الشاعر علاقته بالمرأة.. تلك العلاقة غير المستقرة والتي تراوح بين القوة والضعف ويكتنفها المد والجزر والوحل والهجر وربما القطيعة والحرمان، مما يدفع الشاعر إلى التعبير عن لواعجه ومعاناته.

ففي كل تلك الحالات تكون المرأة وقوداً يُشعل قصائد الشاعر..، إذا مرَّ طيفها أنشد، وإذا رآها في المقام أنشد، وإذا مرت به أنشد وإذا وصلته طرب وأنشد، وإذا هجرته حزن وأنشد. وهكذا أصبحت المرأة أكبر محرك لعاطفة الشاعر، وأقوى باعث له على إبداع القصيدة.

ü شاعر، كاتب.. يشعل فيك قناديل الأسئلة؟

üü بودي أن أتجاوز الإجابة عن هذا السؤال.. فهناك ـ بلا شك ـ أكثر من شاعر وأكثر من كاتب يشعلون فينا قناديل الأسئلة، ولكن أنا ـ شخصياً ـ لا أستطيع تحديد شاعر أو كاتب معين، نظراً لعدم ارتباطي بشاعر واحد أو كاتب واحد.

إنني أقرأ لكل الشعراء ولكل الكتاب، والشاعر المبدع والكاتب المخلص هما اللذان باستطاعتهما إشعال الحرائق وقناديل الأسئلة؟

لقد فكرت في كثير من الشعراء وفي كثير من أسماء الكتاب الذين قرأت لهم ووقفت عاجزاً عن تحديد اسم معين لهم.

رابط هذا التعليق
شارك

  • 4 weeks later...

من فضلك سجل دخول لتتمكن من التعليق

ستتمكن من اضافه تعليقات بعد التسجيل



سجل دخولك الان