سماع الموسيقى والاغاني حـلال وهذا هو الدليل


ققح أون لاين

Recommended Posts

السؤال:

ما حكم سماع الأغاني مع التفصيل. جزاكم الله خيرا ...

الجواب: الحمد الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه،وبعد..

الغناء من الأمور التي وقع فيها خلاف واسع بين الفقهاء.

- فمنهم من قال بتحريمه من حيث الأصل، ويباح في المناسبات مثل الأعراس أو الأعياد أو الختان أو قدوم غائب، واستدلوا على ذلك بالآية الكريمة (ومن الناس من يشري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله) سورة لقمان. وبحديث أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن بيع المغنيات وعن شرائهن وعن كسبهن وعن أكل أثمانهن" أخرجه أحمد وابن ماجة والترمذي. وينسب هذا الرأي إلى عبد الله بن مسعود، وجمهور علماء أهل العراق وأكثر الحنفية وبعض الحنابلة.

- وأكثر العلماء قالوا بكراهته، وهم الشافعية والمالكية وأكثر الحنابلة، لما فيه من اللهو، ولأنه يخل بالمروءة، ولأنه ينبت النفاق في القلب كما يقول الإمام أحمد.

- وذهب بعض المحققين، إلى أن الأصل في الغناء الإباحة، ويكون حراماً إذا صاحبه عارض تحريم، أو يكون مكروهاً إذا صاحبه سبب كراهة، ويكون مطلوباً إذا صاحبه سبب لذلك. واستدلوا بما يلي:

1- لم يثبت أي دليل على تحريم الغناء بالمطلق. فالآية الكريمة (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله) لا يفهم منها تحريم لهو الحديث إلا إذا كان يضل عن سبيل الله، فإذا اعتبرنا أن لهو الحديث هو الغناء، فهو حرام قطعاً إذا كان للإضلال عن سبيل الله، وكذلك كل عمل مشروع يحرم إذا أدى إلى الإضلال. ويفهم من ذلك أن الغناء أو لهو الحديث ليس ممنوعاً إذا لم يؤد إلى الإضلال عن سبيل الله.

وأما حديث أبي أمامة في النهي عن بيع المغنيات وشرائهن وكسبهن وعن أكل أثمانهن، فهو لا يصح عند أهل الحديث، ففي سنده علي بن يزيد، قال البخاري عنه (منكر الحديث) وقال النسائي (ليس بثقة) وقال أبو زرعة (ليس بقوي) وقال الدارقطني (متروك) راجع الموسوعة الفقهية باب استماع الجزء الرابع.

2- وثبت بالنص باباحته من حيث الأصل، وهو حديث عائشة رضي الله عنها المتفق عليه " دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش وحول وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني وقال: مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: دعهما، فلما غفل غمزتهما فخرجتا".

فمن الثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمح بالغناء في بيته، صحيح أن هناك روايات أخرى لهذا الحديث ذكر فيها "دعهما يا أبا بكر، فإن لكل قوم عيد، وهذا عيدنا". وقد استند عليها من يرى حصر اباحة الغناء بالأعياد والمناسبات المماثلة لها. لكن عموم نص الرواية الأولى، تفيد أن الأصل في الغناء الإباحة، وبالتالي فهو لا يحرم أو يكره إلا إذا صاحبه سبب من أسباب التحريم أو الكراهة.

3- القياس الصحيح يقتضي الإباحة. فالغناء صوت جميل موزون، وهو يرجع إلى تلذذ حاسة السمع بما هو مخصوص بها كغيرها من الحواس. والأصل في جميع الحواس إباحة التلذذ إلا إذا صاحبه عارض تحريم. والإنسان بفطرته يتلذذ بأصوات الطيور، وينزعج من أصوات الحمير. ولم يحرم عليه الإستماع إلى أصوات الطيور الجميلة، فينبغي أن لا يحرم عليه صوت إنسان جميل. والقياس الصحيح لا يرى فرقاً بين صوت الطير وصوت الإنسان.

هذا هو رأي عبد الله بن جعفر، وعبد الله بن الزبير، والمغيرة بن شعبة، وأسامة بن زيد، وعمران بن حصين، ومعاوية بن أبي سفيان وغيرهم من الصحابة،

وعطاء بن أبي رباح وبعض الحنابلة منهم أبو بكر الخلال، وصاحبه أبو بكر عبد العزير، والغزالي من الشافعية بالإضافة إلى شيخ الظاهرية ابن حزم.

ومقتضى هذا الرأي أن الغناء المباح من حيث الأصل:

أ- يصبح حراماً:

- إذا صاحبه منكر كشرب الخمر أو الإختلاط الماجن.

- إذا كان الكلام فيه فاحشاً أو محرماً أو كذباً، كالغزل أو التشجيع على الحرام أو إشاعة المنكر.

- إذا خشي أن يؤدي إلى حرام كتهيج الشهوة.

- إذا خشي أن يؤدي إلى تعطيل واجبات شرعية أخرى كالصلاة وغيرها.

ب- ويكون مكروهاً:

- إذا صاحبه مكروه، كغناء المرأة أمام الرجال، هذا إذا لم يؤد إلى تهيج الشهوة والفتنة، فإذا أدى إلى ذلك فهو حرام.

- إذا خشي أن يؤدي إلى فوات سنن ومستحبات كقيام الليل ونحو ذلك.

ج- ويكون مطلوباً:

- إذا كان فيه تحريك للعواطف وتشجيع على الخير، كالغناء الحماسي الذي يحرك العواطف للجهاد ومقاتلة الأعداء، أو الأناشيد الدينية التي ترقق المشاعر وتمجد الله تعالى وتوحده، وتمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشجع على طاعة الله. ما لم يكن فيها كلام منكر.(1)

______________ حاشية ______________

(1) المستشار الشيخ فيصل مولوي ,, من لبنان

تم تعديل بواسطه ققح أون لاين
رابط هذا التعليق
شارك

موضوع الفتوى

الأدلة على تحريم الإغاني عنوان الفتوى

سماحة الشيخ صالح الفوزان اسم المفتى

16710 رقم الفتوى

07/09/2003 تاريخ نشر الفتوى على الموقع

نص السؤال

قرأت في إحدى الصحف عن شيخ قوله: إنه لا يوجد حديث يدل على تحريم الغناء، وإنما التحريم للمعازف، وهي ما تسمى الموسيقى؟

نص الفتوى

الحمد لله

الأدلة على تحريم الإغاني كثيرة:

منها قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ...} [سورة لقمان: آية 6.] الآية؛ فقد فسر لهو الحديث بأنه الغناء أكابر الصحابة، ومنهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه [انظر: "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير (3/426).].

وفي "صحيح البخاري" عن قوم في آخر الزمان يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف [انظر: "صحيح البخاري" (6/243).].

ومن أراد المزيد؛ فليراجع كتاب "الكلام على مسألة السماع" للإمام ابن القيم، وكتاب "إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان" له أيضًا، وغيرهما مما كتب في هذا الموضوع.

رابط هذا التعليق
شارك

الشيخ ابن باز ومواقفه الثابتة

وأما كلام العلماء في الأغاني والمعازف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فهو كثير جدا وقد سبق لك بعضه، وإليك جملة من كلامهم على سبيل التكملة والتأييد لما تقدم، والله ولي التوفيق.

روى علي بن الجعد وغيره عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع وقد روى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا، والمحفوظ أنه من كلام ابن مسعود رضي الله عنه.

قال العلامة ابن القيم رحمه الله، في كتاب الإغاثة، لما ذكر هذا الأثر، ما نصه: فإن قيل: فما وجه إنباته للنفاق في القلب، من بين سائر المعاصي؟ قيل: هذا من أول شيء على فقه الصحابة في أحوال القلوب وأعمالها، ومعرفتهم بأدويتها وأدوائها، وأنهم هم أطباء القلوب، دون المنحرفين عن طريقتهم الذين داووا أمراض القلوب بأعظم أدوائها، فكانوا كالمداوي من السقم بالسم القاتل، وهكذا والله فعلوا، بكثير من الأدوية التي ركبوها أو بأكثرها، فاتفق قلة الأطباء وكثرة المرضى، وحدوث أمراض مزمنة، لم تكن في السلف، والعدول عن الدواء النافع الذي ركبه الشارع، وميل المريض إلى ما يقوي مادة المرض، فاشتد البلاء وتفاقم الأمر، وامتلأت الدور، والطرقات والأسواق من المرضى، وقام كل جهول يطبب الناس.

فاعلم أن للغناء خواصا، لها تأثير في صبغ القلب بالنفاق، ونباته فيه، كنبات الزرع بالماء، فمن خواصه: أنه يلهي القلب، ويصده عن فهم القرآن وتدبره، والعمل بما فيه، فإن القرآن والغناء لا يجتمعان في القلب أبدا، لما بينهما من التضاد، فإن القرآن ينهى عن اتباع الهوى، ويأمر بالعفة، ومجانبة شهوات النفوس، وأسباب الغي، وينهى عن اتباع خطوات الشيطان، والغناء يأمر بضد ذلك كله، ويحسنه، ويهيج النفوس إلى شهوات الغي، فيثير كامنها، ويزعج قاطنها ويحركها إلى كل قبيح ويسوقها إلى وصل كل مليحة ومليح، فهو والخمر رضيعا لبان، وفي تهييجها على القبائح فرسا رهان، فإنه صنو الخمر ورضيعه ونائبه وحليفه، وخدينه وصديقه، عقد الشيطان بينهما شريعة الوفاء التي لا تفسخ، وهو جاسوس القلب، وسارق المروءة، وسوس العقل، يتغلغل في مكامن القلب، ويطلع على سرائر الأفئدة، ويدب على محل التخيل، فيثير ما فيه من الهوى والشهوة والسخافة والرقاعة والرعونة والحماقة؛ فبينما ترى الرجل وعليه سمة الوقار وبهاء العقل وبهجة الإيمان ووقار الإسلام وحلاوة القرآن، فإذا استمع الغناء ومال إليه نقص عقله وقل حياؤه، وذهبت مروءته، وفارقه بهاؤه وتخلى عنه وقاره، وفرح به شيطانه، وشكا إلى الله تعالى إيمانه، وثقل عليه قرآنه، وقال: يا رب لا تجمع بيني وبين قرآن عدوك في صدر واحد.

فاستحسن ما كان قبل السماع يستقبحه، وأبدى من سره ما كان يكتمه، وانتقل من الوقار والسكينة إلى كثرة الكلام والكذب، والزهزهة والفرقعة بالأصابع، فيميل برأسه، ويهز منكبيه، ويضرب الأرض برجليه، ويدق على أم رأسه بيديه، ويثب وثبة الذباب، ويدور دوران الحمار حول الدولاب، ويصفق بيديه تصفيق النسوان، ويخور من الوجد ولا كخور الثيران، وتارة يتأوه تأوه الحزين، وتارة يزعق زعقات المجانين، ولقد صدق الخبير به من أهله حيث يقول:

أتذكر ليلة وقد اجتمعنا

على طيب السماع إلى الصباح؟

ودارت بيننا كأس الأغاني

فأسكرت النفوس بغير راح

فلم تر فيهم إلا نشاوى

سرورا، والسرور هناك صاحي

إذا نادى أخو اللذات فيه

أجاب اللهو: حي على السماح

ولم نملك سوى المهجات شيئا

أرقناها لألحاظ الملاح

وقال بعض العارفين: السماع يورث النفاق في قوم، والعناد في قوم، والكذب في قوم، والفجور في قوم، والرعونة في قوم.

وأكثر ما يورث عشق الصور، واستحسان الفواحش. وإدمانه يثقل القرآن على القلب، ويكرهه إلى سماعه بالخاصية، وإن لم يكن هذا نفاقا، فما للنفاق حقيقة.

وسر المسألة: أنه قرآن الشيطان -كما سيأتي- فلا يجتمع هو وقرآن الرحمن في قلب أبدا، وأيضا فإن أساس النفاق: أن يخالف الظاهر الباطن، وصاحب الغناء بين أمرين: إما أن يتهتك فيكون فاجرا، أو يظهر النسك فيكون منافقا، فإنه يظهر الرغبة في الله والدار الآخرة، وقلبه يغلي بالشهوات، ومحبة ما يكرهه الله ورسوله من أصوات المعازف وآلات اللهو، وما يدعو إليه الغناء ويهيجه، فقلبه بذلك معمور، وهو من محبة ما يحبه الله ورسوله وكراهة ما يكرهه قفر، وهذا محض النفاق.

وأيضا فإن الإيمان قول وعمل: قول بالحق، وعمل بالطاعة، وهذا ينبت على الذكر وتلاوة القرآن. والنفاق قول الباطل وعمل البغي، وهذا ينبت على الغناء.

وأيضا فمن علامات النفاق: قلة ذكر الله، والكسل عند القيام إلى الصلاة، ونقر الصلاة، وقل أن تجد مفتونا بالغناء إلا وهذا وصفه.

وأيضا: فإن النفاق مؤسس على الكذب، والغناء من أكذب الشعر، فإنه يحسن القبيح ويزينه ويأمر به، ويقبح الحسن ويزهد فيه، وذلك عين النفاق.

وأيضا: فإن النفاق غش ومكر وخداع، والغناء مؤسس على ذلك. وأيضا: فإن المنافق يفسد من حيث يظن أنه يصلح كما أخبر الله سبحانه بذلك عن المنافقين وصاحب السماع يفسد قلبه وحاله من حيث يظن أنه يصلحه والمغني يدعو القلوب إلى فتنة الشهوات والمنافق يدعوها إلى فتنة الشبهات.

قال الضحاك الغناء مفسدة للقلب مسخطة للرب وكتب عمر بن عبد العزيز إلى مؤدب ولده ليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان وعاقبتها سخط الرحمن فإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم أن صوت المعازف واستماع الأغاني واللهج بها ينبت النفاق في القلب كما ينبت العشب على الماء فالغناء يفسد القلب وإذا فسد القلب هاج فيه النفاق

وبالجملة فإذا تأمل البصير حال أهل الغناء وحال أهل القرآن تبين له حذق الصحابة ومعرفتهم بأدواء القلوب وأدويتها وبالله التوفيق.

رابط هذا التعليق
شارك

الشيخ ابن باز ومواقفه الثابتة

وإليك -أيها القارئ الكريم- بعض ما ورد في تحريم الأغاني والمعازف من آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره عند هاتين الآيتين ما نصه: لما ذكر حال السعداء وهم الذين يهتدون بكتاب الله وينتفعون بسماعه، كما قال تعالى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ الآية، عطف بذكر حال الأشقياء الذين أعرضوا عن الانتفاع بسماع كلام الله، وأقبلوا على استماع المزامير والغناء والألحان وآلات الطرب، كما قال ابن مسعود في قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قال: هو والله، الغناء.

وروى ابن جرير، حدثني يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يزيد بن يونس، عن أبي صخر عن أبي معاوية البجلي عن سعيد بن جبير عن أبي الصهباء البكري أنه سمع عبد الله بن مسعود وهو يسأل عن هذه الآية وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فقال عبد الله بن مسعود: الغناء، والله الذي لا إله إلا هو، يرددها ثلاث مرات. حدثنا عمرو بن علي حدثنا صفوان بن عيسى، أخبرنا حميد الخراط، عن عمار عن سعيد بن جبير عن أبي الصهباء، أنه سأل ابن مسعود عن قول الله وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ قال: الغناء؛ وكذا قال ابن عباس وجابر وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد ومكحول وعمرو بن شعيب وعلي بن بديمة، وقال الحسن البصري: نزلت هذه الآية وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ في الغناء والمزامير.

وقال قتادة: قوله وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ والله، لعله لا ينفق فيه مالا، ولكن شراؤه استجابة بحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق، وما يضر على ما ينفع، انتهى كلامه. فتأمل -أيها القارئ الكريم- هاتين الآيتين الكريمتين، وكلام هذا الإمام في تفسيرهما، وما نقل عن أئمة السلف في ذلك، يتضح له ما وقع فيه أرباب الأغاني والملاهي من الخطر العظيم، وتعلم بذلك صراحة الآية الكريمة في ذمهم وعيبهم، وأن اشتراءهم للهو الحديث، واختيارهم له من وسائل الضلال والإضلال، وإن لم يقصدوا ذلك، أو يعلموه، وذلك لأن الله سبحانه مدح أهل القرآن في أول السورة، وأثنى عليهم بالصفات الحميدة، وأخبر أنهم أهل الهدى والفلاح، حيث قال عز وجل: بسم الله الرحمن الرحيم الم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ثم قال سبحانه بعد هذا وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ الآية وذلك يدل على ذم هؤلاء المشترين، وتعرضهم للضلال بعد الهدى، وما كان وسيلة للضلال والإضلال، فهو مذموم، يجب أن يحذر ويبتعد عنه، وهذا الذي قاله الحافظ ابن كثير في تفسير الآية قاله غيره من أهل التفسير كابن جرير والبغوي والقرطبي وغير واحد، حتى قال الواحدي، في تفسير: أكثر المفسرين على أن لهو الحديث هو الغناء، وفسره آخرون بالشرك، وفسره جماعة بأخبار الأعاجم وبالأحاديث الباطلة التي تصد عن الحق؛ وكلها تفاسير صحيحة؛ لا منافاة بينها، والآية الكريمة تذم من اعتاد ما يصد عن سبيل الله ويلهيه عن كتابه، ولا شك أن الأغاني وآلات الملاهي من أقبح لهو الحديث، الصادّ عن كتاب الله وعن سبيله، قال أبو جعفر بن جرير -رحمه الله- في تفسيره -لما ذكر أقوال المفسرين في لهو الحديث- ما نصه: والصواب من القول في ذلك أن يقال: عني به كل ما كان من الحديث ملهيا عن سبيل الله، مما نهى الله عن استماعه، أو رسوله، لأن الله تعالى عم بقوله "لهو الحديث" ولم يخصص بعضا دون بعض، فذلك على عمومه، حتى يأتي ما يدل على خصوصه، والغناء والشرك من ذلك؛ انتهى كلامه.

وقال القرطبي في تفسير قوله تعالى وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ "من" في موضع رفع بالابتداء، "ولهو الحديث" الغناء في قول ابن مسعود وابن عباس وغيرهما، ثم بسط الكلام في تفسير هذه الآية، ثم قال المسألة الثانية: وهو الغناء المعتاد عند المشتهرين به الذي يحرك النفوس، ويبعثها على الهوى والغزل والمجون، الذي يحرك الساكن ويبعث الكامن، فهذا النوع إذا كان في شعر يشبب فيه بذكر النساء ووصف محاسنهن، وذكر الخمور والمحرمات، لا يختلف في تحريمه لأنه اللهو والغناء المذموم بالاتفاق، فأما ما سلم من ذلك فيجوز القليل منه في أوقات الفرح، كالعرس والعيد وعند التنشيط على الأعمال الشاقة، كما كان في حفر الخندق، وحدو أنجشة وسلمة بن الأكوع، فأما ما ابتدعته الصوفية اليوم من الإدمان على سماع الأغاني بالآلات المطربة من الشبابات والطار والمعازف والأوتار فحرام، انتهى كلامه.

وهذا الذي قاله القرطبي كلام حسن، وبه تجتمع الآثار الواردة في هذا الباب، ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش وحول وجهه، ودخل أبو بكر رضي الله عنه، فانتهرني، وقال: مزمار الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: دعهما، فلما غفل غمزتهما فخرجتا، وفي رواية لمسلم فقال رسول الله: يا أبا بكر، إن لكل قوم عيدا، وهذا عيدنا. وفي رواية له أخرى، فقال صلى الله عليه وسلم: دعهما يا أبا بكر، فإنها أيام عيد. وفي بعض رواياته أيضا؛ جاريتان تلعبان بدف، فهذا الحديث الجليل يستفاد منه أن كراهة الغناء وإنكاره وتسميته مزمار الشيطان أمر معروف مستقر عند الصحابة -رضي الله عنهم- ولهذا أنكر الصديق على عائشة غناء الجاريتين عندها، وسماه مزمار الشيطان، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم -تلك التسمية، ولم يقل له: إن الغناء والدف لا حرج فيهما وإنما أمره أن يترك الجاريتين، وعلل ذلك بأنها أيام عيد، فدل ذلك على أنه ينبغي التسامح في مثل هذا للجواري الصغار في أيام العيد، لأنها أيام فرح وسرور، ولأن الجاريتين إنما أنشدتا غناء الأنصار الذي تقاولوا به يوم بعاث، فيما يتعلق بالشجاعة والحرب، بخلاف أكثر غناء المغنيين والمغنيات اليوم. فإنه يثير الغرائز الجنسية، ويدعو إلى عشق الصور، وإلى كثير من الفتن الصادّة للقلوب عن تعظيم الله ومراعاة حقه، فكيف يجوز لعاقل أن يقيس هذا على هذا، ومن تأمل هذا الحديث علم أن ما زاد على ما فعلته الجاريتان منكر، يجب التحذير منه حسما لمادة الفساد، وحفظا للقلوب عما يصدها عن الحق، ويشغلها عن كتاب الله وأداء حقه، وأما دعوى أبي تراب أن هذا الحديث حجة على جواز الغناء مطلقا، فدعوى باطلة، لما تقدم بيانه، والآيات والأحاديث والآثار الواردة في هذا الباب، كلها تدل على بطلان دعواه. وهكذا الحديث الذي رواه سفيان الثوري عن أبي إسحاق السبيعي، عن عامر بن سعد البجلي، أنه رأى أبا مسعود البدري وقرظة بن كعب وثابت بن يزيد، وهم في عرس وعندهم غناء، فقلت لهم: هذا وأنتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إنه رخص لنا في الغناء في العرس، والبكاء على الميت من غير نوح، فهذا الحديث ليس فيه حجة على جواز الغناء مطلقا، وإنما يدل على جوازه في العرس، لإعلان النكاح، ومن تأمل هذا الحديث عرف أنه دليل على منع الغناء، لا على جوازه، فإنه صلى الله عليه وسلم لما رخص لهم أغنية في العرس لحكمة معلومة، دل على منعه فيما سواه، إلا بدليل خاص، كما أن الرخصة للمسافر في قصر الرباعية يدل على منع غيره من ذلك، وهكذا الرخصة للحائض والنفساء في ترك طواف الوداع يدل على منع غيرها من ذلك، والأمثلة لهذا كثيرة، وأيضا فإنكار عامر بن سعد على هؤلاء الصحابة الغناء وإقرارهم له على ذلك، دليل على أن كراهة الغناء والمنع منه أمر قد استقر عند الصحابة والتابعين وعرفوه عن النبي صلى الله عليه وسلم. والله المستعان.

شبهة يجب أن تكشف: زعم أبو تراب، تبعا لابن حزم، أن قوله سبحانه لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا الآية .. دليل على أن مشتري لهو الحديث من الأغاني والملاهي، لا يستحق الذم إلا إذا اشتراها لقصد الضلال أو الإضلال، أما من اشتراها للترفيه والترويح عن نفسه فلا بأس في ذلك،

والجواب أن يقال: هذه شبهة باطلة من وجوه ثلاثة: الأول، أن ذلك خلاف ما فهمه السلف الصالح من الصحابة والتابعين من الآية الكريمة، فإنهم احتجوا بها على ذم الأغاني والملاهي والتحذير منها، ولم يقيدوا ذلك بهذا الشرط الذي قاله أبو تراب، وهم أعلم الناس بمعاني كلام الله وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم أعرف بمراد الله من كلامه ممن بعدهم. الوجه الثاني: أن ذلك خلاف ظاهر الآية لمن تأملها، لأن الله سبحانه قال: لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فدل ذلك على أن هذا الصنف المذموم من الناس قد اشترى لهو الحديث، ليضل به عن سبيل الله بغير علم ولا شعور بالغاية، ولا قصد للإضلال أو الضلال، ولو كان اشترى لهو الحديث وهو يعلم أنه يضل به أو يقصد ذلك لم يقل الله عز وجل لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ لأن من علم أنه اشترى لهو الحديث ليضل به عن سبيل الله لا يقال له: إنه لا يعلم، وهكذا من قصد ذلك لا يقال: إنه اشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم، لأن من علم أن غايته الضلال أو قصد ذلك قد اشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بعلم وقصد، لا ليضل بغير علم، فتأمل وتنبه -أيها القارئ الكريم- يتضح لك الحق، وعليه تكون "اللام" في قوله لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لام العاقبة، أو لام التعليل، أي تعليل الأمر القدري. وذكر ذلك الحافظ ابن كثير وغيره، وعلى كونها للعاقبة، يكون المعنى أن من اشترى لهو الحديث من الغناء والمعازف، تكون عاقبته الضلال عن سبيل الله، والإضلال واتخاذ سبيل الله هزوا، والإعراض عن آيات الله، استكبارا واحتقارا، وإن لم يشعر بذلك، ولم يقصده، وعلى المعنى الثاني، وهو كونها لتعليل الأمر القدري، يكون المعنى أن الله سبحانه قضى وقدر على بعض الناس أن يشتري لهو الحديث، ليضل به عن سبيل الله, وعلى كلا التقديرين فالآية الكريمة تفيد ذم من اشترى لهو الحديث، ووعيده بأن مصيره إلى الضلال والاستهزاء بسبيل الله، والتولي عن كتاب الله.

وهذا هو واقع الكثير، والمشاهد ممن اشتغل بلهو الحديث من الأغاني والمعازف، واستحسنها وشغف بها، يكون مآله إلى قسوة القلب والضلال عن الحق إلا من رحم الله، وقد دلت الشريعة الإسلامية الكاملة في مصادرها ومواردها على وجوب الحذر من وسائل الضلال والفساد والتحذير منها، حذرا من الوقوع في غاياتها، كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن شرب القليل الذي لا يسكر، حذرا من الوقوع في المسكر، حيث قال عليه الصلاة والسلام ما أسكر كثيره فقليله حرام ونهى عن الصلاة بعد الصبح، وبعد العصر، لئلا يكون ذلك وسيلة إلى الوقوع فيما وقع فيه بعض المشركين من عبادة الشمس عند طلوعها وغروبها، ونظائر ذلك كثيرة يعرفها من له أدنى علم بالشريعة المطهرة والله المستعان.

رابط هذا التعليق
شارك

الشيخ ابن باز ومواقفه الثابتة

وقال العلامة ابن القيم رحمة الله عليه في الإغاثة، لما ذكر هذا الحديث ما نصه:

هذا حديث أخرجه البخاري في صحيحه محتجا به وعلقه تعليقا مجزوما به، فقال: باب فيمن يستحل الخمر، ويسميه بغير اسمه، وقال هشام بن عمار حدثنا صدقة بن خالد، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثنا عطية بن قيس الكلابي، حدثني عبد الرحمن بن غنم الأشعري، قال حدثني أبو عامر، أو أبو مالك الأشعري -والله ما كذبني- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ولينزلن أقوام إلى جنب عَلَم يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم لحاجة فيقولوا ارجع إلينا غدا فيبيتهم الله تعالى ويضع العَلَمَ ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة

ولم يصنع من قدح في صحة هذا الحديث شيئا كابن حزم، نصرة لمذهبه الباطل في إباحة الملاهي، وزعم أنه منقطع لأن البخاري لم يصل سنده به، وجواب هذا الوهم من وجوه:

أحدها: أن البخاري قد لقي هشام بن عمار وسمع منه، فإذا قال: قال هشام، فهو بمنزلة قوله عن هشام.

الثاني: أنه لو لم يسمع منه فهو لم يستجز الجزم به عنه، إلا وقد صح عنده أنه حدث به، وهذا كثيرا ما يكون لكثرة ما رواه عنه، عن ذلك الشيخ وشهرته، فالبخاري أبعد خلق الله من التدليس.

الثالث: أنه أدخله في كتابه المسمى بالصحيح محتجا به، فلولا صحته عنده لما فعل ذلك.

الرابع: أنه علقه بصيغة الجزم دون صيغة التمريض، فإنه إذا توقف في الحديث أو لم يكن على شرطه، يقول: ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويذكر عنه، ونحو ذلك فإذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد جزم وقطع بإضافته إليه.

الخامس: أنا لو أضربنا عن هذا كله صفحا، فالحديث صحيح، متصل عند غيره، قال أبو داود في كتاب "اللباس" حدثنا عبد الوهاب بن نجدة، حدثنا بشر بن بكر عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثنا عطية بن قيس، قال سمعت عبد الرحمن بن غنم الأشعري، قال: حدثني أبو عامر أو أبو مالك فذكره مختصرا، ورواه أبو بكر الإسماعيلي في كتابه "الصحيح" مسندا، فقال أبو عامر، ولم يشك، ووجه الدلالة منه أن المعازف هي آلات اللهو كلها لا خلاف بين أهل اللغة في ذلك، ولو كان حلالا لما ذمهم على استحلالها، ولما قرن استحلالها باستحلال الخمر والخز، فإن كان بالحاء والراء المهملتين فهو استحلال الفروج الحرام، وإن كان بالخاء والزاي المعجمتين فهو نوع من الحرير غير الذي صح عن الصحابة رضي الله عنهم لبسه.

إذ الخز نوعان: أحدهما من حرير، والثاني من صوف، وقد روى هذا الحديث من وجهين، وقال ابن ماجة في سننه، حدثنا عبد الله بن سعيد عن معاوية بن صالح عن حاتم بن حريث عن ابن أبي مريم عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف على رءوسهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم قردة وخنازير وهذا إسناد صحيح، وقد توعد مستحلي المعازف فيه، بأن يخسف الله بهم الأرض، ويمسخهم قردة وخنازير، وإن كان الوعيد على جميع هذه الأفعال، فلكل واحد قسط في الذم والوعيد.

وفي الباب عن سهل بن سعد الساهلي وعمران بن حصين، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عباس، وأبي هريرة وأبي أمامة الباهلي، وعائشة أم المؤمنين وعلي ابن أبي طالب وأنس بن مالك، وعبد الرحمن بن سابط والغازي بن ربيعة، ونحن نسوقها لنقر بها عيون أهل القرآن، وتشجي بها حلوق أهل سماع الشيطان، ثم ساقها كلها، ولولا طلب الاختصار، لنقلتها لك -أيها القارئ الكريم- ولكني أحيل الراغب في الاطلاع عليها على كتاب الإغاثة، حتى يرى ويسمع ما تقر به عينه ويشفى به قلبه، وهي على كثرتها، وتعدد مخارجها، حجة ظاهرة وبرهان قاطع على تحريم الأغاني والملاهي، والتنفير منها، تضاف إلى ما تقدم من الآيات والأحاديث الدالة على تحريم الأغاني والمعازف، ويدل الجميع على أن استعمالها والاشتغال بها من وسائل غضب الله، وحلول عقوبته والضلال والإضلال عن سبيله، نسأل الله لنا وللمسلمين العافية من ذلك، والسلامة من مضلات الفتن، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

رابط هذا التعليق
شارك

الأدلة من الكتاب والسنة تحرم الأغاني والملاهي وتحذر منها ** لقد اطلعت على ما نشرته مجلة الرائد في عددها السابع والستين والثامن والستين بقلم أبي تراب الظاهري تحت عنوان : [الكتاب والسنة لم يحرما الغناء ولا استعمال المعازف والمزامير والاستماع إليها] وتأملت ما ذكره في هذا المقال من الأحاديث والآثار وما اعتمده في القول بحل الغناء وآلات الملاهي تبعا لإمامه أبي محمد ابن حزم الظاهري ، فتعجبت كثيرا من جرأته الشديدة تبعا لإمامه أبي محمد على القول بتضعيف جميع ما ورد من الأحاديث في تحريم الغناء وآلات الملاهي ، بل على ما هو أشنع من ذلك ، وهو القول بأن الأحاديث الواردة في ذلك موضوعة ، وعجبت أيضا من جرأتهما الشديدة الغريبة على القول بحل الغناء وجميع آلات الملاهي مع كثرة ما ورد في النهي عن ذلك من الآيات والأحاديث والآثار عن السلف الصالح رضي الله عنهم ، فنسأل الله العافية والسلامة من القول عليه بغير علم ، والجرأة على تحليل ما حرمه الله من غير برهان ، ولقد أنكر أهل العلم قديما على أبي محمد هذه الجرأة الشديدة وعابوه بها ، وجرى عليه بسببها محن كثيرة فنسأل الله أن يعفو عنا وعنه وعن سائر المسلمين .

ولقد حذر الله عباده من القول عليه بغير علم ونهاهم سبحانه أن يحرموا أو يحللوا بغير برهان ، وأخبر عز وجل أن ذلك من أمر الشيطان وتزيينه ، قال تعالى قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ

وقال تعالى : وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وقال تعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ فحذر الله سبحانه عباده في هذه الآيات الكريمات من التحليل والتحريم بغير علم ، وبين سبحانه أن القول عليه بغير علم في رتبة رهيبة فوق الشرك ، ونبه عباده على أن الشيطان يحب منهم القول على الله بغير علم ، ويأمرهم به ليفسد عليهم بذلك دينهم وأخلاقهم ومجتمعهم ، فالواجب على كل مسلم أن يحذر القول على الله بغير علم ، وأن يخاف الله سبحانه ويراقبه فيما يحلل ويحرم ، وأن يتجرد من الهوى والتقليد الأعمى ، وأن يقصد إيضاح حكم الله لعباد الله على الوجه الذنب بينه الله في كتابه أو أرشد إليه رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته نصحا لله ولعباده ، وحذرا من كتمان العلم ورغبة في ثواب الله على ذلك ، فنسأل الله لنا ولسائر إخواننا التوفيق لهذا المسلك الذي سلكه أهل العلم والإيمان ، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، إنه على كل شيء قدير ،

وأنا ذاكر لك أيها القارئ - إن شاء الله - ما وقع في كلام أبي تراب وإمامه أبي محمد من الأخطاء ، وموضح لك ما ورد من الآيات والأحاديث الصحيحة والآثار في تحريم الغناء وآلات الملاهي ، وذاكر من كلام أهل العلم في هذا الباب ما يشفي ويكفي ، حتى تكون من ذلك على صراط مستقيم وحتى يزول عن قلبك - إن شاء الله - ما قد علق به من الشبه والشكوك التي قد يبتلي بها من سمع مقال أبي تراب وأضرابه من الكتاب ، وبالله نستعين ، وعليه نتوكل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

رابط هذا التعليق
شارك

موقع الشيخ ابن باز موقع الشيخ ابن عثيمين

محاضرات الشيخ ابن باز الشيخ العثيمين

الشيخ سلمان العودة - الاسلام اليوم الشيخ سفر الحوالي

الشيخ عبدالله بن جبرين موقع الفقه للشيخ أيمن سامي

الشيخ محمد المختار الشنقيطي الشيخ صالح بن فوزان آل فوزان

موقع المنبر للخطب تخريج الأحاديث النبوية للألباني

الاسلام سؤال وجواب الشيخ المنجد موقع الشيخ عبد العزيز الراجحي

العمل للإسلام للشيخ المنجد المربي - الشيخ محمد الدويش

الصوتيات والمرئيات الإسلامي - المنجد المختار الإسلامي للشيخ المنجد

الشيخ ناصر العمر - المسلم حفاظ الوحيين للشيخ يحي اليحي

الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي الشيخ علي بن خضير الخضير

الشيخ سليمان بن ناصر العلوان طريق الإيمان - الشيخ نبيل العوضي

الدكتور طارق السويدان الشيخ محمد المختار الشنقيطي

الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق خطب الجمعة من الحرمين الشريفين

موقع التاريخ للدكتور محمد موسى الشريف الشيخ محمد حمود النجدي

دروس وخطب مركز السراج للمناشط الإسلامية

خطب الحرمين باللغات العالمية صلاة الجمعة من مكة E

خطب الجمعه عناوين بريد المشائخ والعلماء

موقع الشيخ الدكتور يحيى اليحيى العالم احمد ديدات E

السعادة الأسرية للشيخ مازن الفريح تراتيل - الشيخ عبدالعزيز الأحمد

هواتف العلماء والدعاة الشيخ حامد عبدالله العلي

يسألونك للشيخ حسام الدين عفانه علماء وإفتاء

شبكة المنهج للشيخ عثمان الخميس نخبة من العلماء والدعاة

منبر الدفاع عن العلماء الإسلام للجميع - الشيخ طارق الطواري

الدكتور جعفر شيخ ادريس محاضرات و دروس بالمساجد

الإسلام اليوم (الشيخ يوسف) E الرسالة للشيخ عوض القرني

الشيخ الدكتور جاسم مهلهل الياسين الدرر السنية للشيخ علوي السقاف

محاضرات الشيخ ممدوح الحربي الشيخ محمد نبهان (علم القراءات)

الشيخ محمد صالح كابوري الشيخ مقبل بن هادي الوادعي

الداعية عمرو خالد الشيخ عبد الله آل محمود الشريف

خطب الحرمين الشريفين الشيخ علي بن عمر بادحدح - إسلاميات

موقع القارئ مشاري العفاسي دعوة الإسلام - الشيخ محمد الحمد

موقع الشيخ ذياب الغامدي دار الأنصار للشيخ صفوت حجازي

الشيخ سليمان بن عطية المزيني موقع الشيخ محمد جبريل

الداعية جاسم المطوع الشيخ علي الطنطاوي

موقع الشيخ علي الطنطاوي الرسمي موقع الشيخ فائز شيخ الزور

الداعية محمد زياد الحسني الجزائري السمو - الشيخ عائض القرني

تفسير الأحلام - الشيخ فهد العصيمي نوافذ الدعوة - الشيخ أحمد الحمدان

الإنسان بين العلم والرؤى نصرة الشيخ عمر عبدالرحمن

سلسلة العلامتين الشيخ خالد بن عبدالله المصلح

الشيخ مصطفى العدوي ----------

http://www.raddadi.com/olama.html

رابط هذا التعليق
شارك

حكم الأغاني وأشرطة الفيديو

السؤال: هذا سائل يتكلم عن أمر ظهر وانتشر في المنطقة هنا وهو يوجد محلات الفيديو والتسجيلات التي تبيع الأغاني، فيقول الأخ: ليتك تولي هذا الموضوع شيئاً من النصيحة، خصوصاً أن هؤلاء الأشخاص أهل خير؟

الجواب: الواقع -والحمد لله- أن المنطقة هنا منطقة خير وشرف، ولا يُظن فيهم -إن شاء الله- في الجملة إلا الخير، وإن أخطأ أو قصر أحدهم أو جهل فالعقلاء موجودون، وهم أكثر من الجهال، والمنكر ما يزال منكراً، والمعروف ما زال معروفاً في هذه المنطقة، مع هذه الأصالة والعادات الطيبة.

ولذلك نستحث ونستثير الهمم، للمحافظة على بقايا الأصالة فيها ألَّا تندرس مع هذه الحضارة الزائفة التي وفدت إلينا، ومن ذلك أن يوجد فيها محلات للفيديو أو للتسجيلات التي تبيع الأغاني، والتجارة في الحرام حرام.

وقد حرَّم الله -تبارك وتعالى- الغناء والمعازف، كما قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ [لقمان:6]، وقد أقسم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه -وفي رواية أن ابن عباس أقسم أيضاً- بالذي لا إله إلا هو إنه الغناء! مع ما صح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذلك.

وقد جمعها على سبيل المثال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه إغاثة اللهفان ، منها الصحيح المتفق على صحته عند علماء الجرح والتعديل، ومنها ما هو حسن، ومنها ما هو ضعيف، ولكن يجبر بعضه بعضاً، ومنها ما هو من كلام السلف الصالح .

فالحقيقة أن حرمة الغناء -ولا سيما الغناء المعروف الذي نتكلم عنه الآن وهو ما يقترن بالموسيقى والمعازف- معلومة لكل من فقهه الله تعالى في الدين، وأنه منكر يجب على الجميع التعاون على إنكاره.

وأما الفيديو فمصيبة أعظم، لأنه يجمع إلى العزف والغناء تلك الصور المحرمة، وما يعرض فيه مما يقسي القلب ومما يزيد الغافل غفلة، بل ربما أنه بسبب مشاهدته يَغوَى وينحرف الشاب المستقيم، فكيف بمن كان من الغاوين من أصله؟! ونعني به الفيديو المعروف.

لا يأتي إنسان ويقول: أنا أعرض شيئاً فيه خير! إنما المقصود ما هو معروف الآن ومنتشر، وأنظف ما فيه أشياء رياضية لا خير فيها، من المصارعات وما يتعلق بها، ومع ما يظهر فيها من كشف للعورات، ففيها إضاعة للأوقات، وفيها استنزاف للطاقة البشرية؛ لأن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أودع في كل إنسان منا طاقات معينة، قد تكتشف وقد لا تكتشف!

بعض الناس ربما يكون شاعراً وهو لا يدري، يمكن أن يكون عالماً أو فقيهاً ولكن طاقته في ذلك لم تستكشف؛ فبعض السلف عاش عشرين إلى ثلاثين سنة، وهو لم يقرأ ولم يتعلم، ولكنه في جوهره عالم، فلمَّا تفقَّه وتعلَّم أصبح عالماً!

فهناك طاقات تكتشف؛ ولذلك المجرمون من أهل الشرق والغرب يحاولون أن يأتوا بحفلات في أي وقت، فيكتشفون -كما يقولون- المواهب، فهذا الشاب يصلح مطرب، وهذه الفتاة تصلح ممثلة.

فالله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أودع في النفس البشرية طاقات ومواهب، وكل واحد مِّنا مهما عمل ومهما نشط، فلن ينشط بكامل طاقته، وهذا من فضل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فأكثر الناس اجتهاداً في العلم، في طاقته استيعاب أكثر مما اجتهد، وأكثر الناس من الإنتاج في العمل اليدوي، في طاقتهم أن يحرزوا أكثر مما يعملون.. وهكذا.

هذه الطاقات تستنـزف عن طريق الفيديو أو التلفزيون، طاقة النظر، والفكر، والسمع، كلها تستنـزف بشكل رهيب جداً مثلما تأتي على أية فاكهة ناضجة جميلة طيبة لذيذة في غاية الرواء، فتعصر وتستنـزف منها هذه العصارة وهذه الخلاصة.

فوجود الناس أمام هذه الملاهي لا شك أنه خطر على طاقاتهم وعلى حواسهم، حتى لو كان ما يعرض كله على سبيل المباح، أو ما يسمونه الترفيه البريء.

الغربيون الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ونحن لا نستشهد بكلامهم لأنهم ليسوا حجة، فعندنا كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لكن لإعجاب القائمين على هذه الوسائل بهم، ولإقتدائهم بهم نذكر أقوالهم:

عندما أجروا دراسات على التلفزيون والفيديو وجدوا أنها من أضر الأشياء، لأنها تجعل الأمة أمة متلقية، وليست أمة متفاعلة معطية منتجة، لأن أكثر الناس -كما في الإحصائيات- يجلسون أمام التلفزيون مدة تكاد تكون ضعف ما يجلسون في مقاعد الدراسة، وهم أمام التلفزيون يتلقون ولا يشاركون.

فأنت -مثلاً- مع المدرس تشترك، الطفل مع أبيه في مشاركة وفي أخذ وعطاء، لكن أمام هذا الجهاز لا توجد أية مشاركة، كله تلقٍ فقط، وذلك الجهاز هو الذي يتكلم.

حتى أن الدراسات في أوروبا ذكرت أن التلفزيون من أسباب الضعف اللغوي؛ لأن الناس لم يتعودوا الكلام، وكذلك ضعف التفاعل عند الأطفال؛ لأنهم لم يتعودوا التفاعل بسبب قعودهم أمام التلفاز يسمون ويرون ما يعرض فقط، فالذي يتحكم في الطاقات العقلية للأمة بأجمعها هو الجهاز القائم لبث هذه الوسائل الإعلامية.

ومن هنا كان من يريد أن يقبض على أي بلد، يقبض على الإعلام، واليهود لما أرادوا أن يسيطروا على أمريكا وعلى أوروبا سيطروا على الإعلام، فسيطروا عليه بالكامل، يحجبون أي شيء إسلامي أو أي شيء ضد اليهود، ويعممون ما كان لهم.

ومن هنا نقول: إن انتشار هذه الملاهي إن كان لمجرد الترفيه، ففيه من المخاطر ما فيه، فكيف إذا اشتمل على المحرم؟!

وإذا اشتمل على ما فيه معصية لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فكيف وكل واحد منا يقول: إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [الأنعام:15]؟!

فكيف وكل واحد منا يقرأ قول الله سبحانه: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء:36]؟!

وما لا يرضاه الغربيون والكفار لأنفسهم وهم الذين ينتجون هذا اللهو لا يجوز أن نرضاه نحن أمة الإيمان والقرآن لأنفسنا.

وفي سبيل القضاء على مثل هذه الظاهرة يجب علينا ما يأتي:

أولاً: على المسئولين القائمين على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الجهات التعليمية وفي أية جهة مسئولة أن يحاولوا وأن يبذلوا جهدهم للقضاء على هذا الفساد.

ثانياً: الواجب على الآباء أن يحفظوا بيوتهم من هذا الفساد، وكذلك يجب على المدرسين والمربين حفظ طلابهم من هذا الفساد، ويجب على الأمهات حفظ أبنائهم وبناتهم من هذا الفساد وهكذا، وقد قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته }، وبقدر ما عليك من مسئولية تكون مؤاخذتك بين يدي الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

فإذا تعاونا على ذلك، قلبنا هذه الأشياء من بيع للغناء والفساد، إلى أداة خير وإنتاج وتسجيلات نافعة إسلامية والحمد لله.

فالتسجيلات خاصة بالإمكان أن تكون تسجيلات إسلامية، وأنا أعلم أنه قد يقول البعض: يُمنع التحويل من تسجيلات غناء إلى تسجيلات إسلامية أو إنه صعب، قد لا يكون ممنوعاً بنص قرار لكنه صعب.

نقول: حتى لا يسأل أحد أو يقول: إننا أحلنا إلى حل غير عملي.

نقول: إننا نحن الذين جعلناه أو غيره من الأشياء التي تخدم الدعوة صعباً؛ لأن أهل الشر والفجور والمعاصي تعاونوا وتقووا بتعاونهم، وهم الذين يخذلهم الله سبحانه، ولا يجمع الله شملهم، وهم الذين بعضهم لبعض عدو في الدنيا والآخرة، لكن إذا تعاونوا على شيء جعلوه واقعاً، وأصبح الذي يطالب بضده مطالباً بخلاف الواقع! أما نحن فقد تخاذلنا وتفرقنا.

ألا يستطيع الواحد منا أن يرفع سماعة الهاتف، ويتصل بالجريدة الفلانية، ويقول: لماذا تنشرون هذه الصور؟! أو يتصل بالتلفزيون ويقول: لماذا نشرتم هذا المسلسل أو هذه الفكرة الليلة؟! أو يكتب خمسة أسطر أو عشرة أسطر، كرسالة إلى مسئول أو كمقال إلى صحيفة؟ أو يطالب التسجيلات وغيرها؟! لو فعلنا ذلك لوجدنا الاستجابة بإذن الله.

لكن عندما يكون أهل الشر هم المتعاونين مع بعضهم، يكون صوتهم هو الأقوى خاصةً مع تمكنهم من هذه الأجهزة ومن هذه الوسائل، ويجب أن نسعى ليكون لنا صوت يسمع لقال الله، وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا نخاف من أي شيء.

أما إذا قلنا غير قال الله وقال رسوله، فإننا نستحق العقاب والخوف.

أما ما دمنا نطالب بالحق، فيجب أن يكون التغيير من تسجيلات أغاني إلى تسجيلات إسلامية والذي ينال التشجيع، بل يحرم أصلاً أن تعطى تصاريح للتسجيلات التي تبيع الأغاني، فكيف يصل الحال إلى أنه يمنع تبديلها إلى تسجيلات إسلامية؟! هذا شيء لا يجوز، ووجوده دليل على ضعف أهل الخير.

أنا الآن لا أتكلم عن أولئك، وإنما يهمني أنتم، فضعفنا وهواننا عليهم جعلهم يأتون بمثل هذا القرار رغم أنوفنا ونحن ساكتون، ولو قمنا بالحكمة وبالأسلوب الحسن والإنكار بطريقة محكمة جيدة، وأشعنا الخير، وأشعنا معرفة الحلال والحرام في الأمة، لقضي على هذا وعلى غيره من المنكرات، فالأمر عام وليس خاصاً بهذه الطريقة.

إلقاء المسئولية على الغير

السؤال: بعض الشباب همه هو تصيد أخطاء العاملين، سواءٌ في المركز أو في غيره، وإذا طلب منه العمل، اشترط شروطاً، منها: أن تزال بعض المنكرات في المركز مع العلم أنها منكرات عنده، أو عند بعض أهل العلم وعند غيره لا بأس بها، فما حكم إنكارها؟ وما نصيحتكم لمثل هذا وجزاكم الله خيراً؟

الجواب: هذا السؤال يخص الإخوة القائمين بالدعوة في المركز أو ما حوله ممن يريدون العمل فيه؛ أما تصيد الأخطاء فليس هذا من شأن الدعاة إلى الله سبحانه، فكل منا لا بد أن يُخطئ، وكلنا يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بل الخطأ هو من نتيجة العمل، فالذي يعمل دائماً يلام ويقال له: أخطأ في عمله؛ لكن الذي لا يعمل فهو لا يخطئ، ولا يعلم عنه الناس أي شيء ولا ينتقدونه، إنما نقول: إذا رأى المسلم أو الشاب المؤمن الحريص الداعية خطراً أو منكراً أو ما يستوجب النصيحة والتوجيه، فيجب عليه أن يبذل النصيحة بالأسلوب الحسن، ولا يتجاوز ما ينبغي أن يقوله إلى ما لا ينبغي أن يُقال.

أي: لا يتجاوز ذلك إلى سوء الظن، ولا إلى تحميل الأمور ما لا تحتمل، وإنما يتكلم الإنسان وينصح ويعظ بحسب ما يظهر له، ويكل السرائر وما خفي إلى الله سبحانه.

وفي هذه الحالة الواجب على من كان لديه ما يوجب الانتقاد، أن يتحمل وأن يتقبل بروح الإخلاص والاخوة الإيمانية، فما كان خطأ متفقاً على أنه خطأ فإنه يزال، ومن دلك على خطأ فأزلته فهو خير ممن أثنى عليك بما ليس فيك.

ثم إن كان الخطأ مواضع الاجتهاد، فلا يجوز أن يختلف الشباب فيه، مثل أية مسألة للعلماء فيها قولان، أو اختلف فيها الدعاة والعلماء المعتبر بقولهم، ولا نعني أي عالم!

لا نعني أننا نأتي بعلماء ربانيين معروفين ثقات، ونعارض أقوالهم بكلام من ينتسب إلى العلم وهم بعيدون عن التمسك بالسنة!

العلماء الثقات المعروفون في هذه البلاد إذا اختلفوا على قولين في أمر من الأمور، فلا يجوز لأحد من الناس أن يحمل إخوانه الآخرين على فتوى بعضهم؛ فهو قد أخذ برأي، وهم قد أخذوا بالرأي الآخر.؟

بل يجب أن يعذر بعضهم بعضاً؛ لأنه قد بنى على اجتهاد، ولا يعني ذلك أننا لا نتناقش ليتبين لنا الراجح من المرجوح، فإن المدارسة والمساءلة أمر مطلوب، وهي مما ينمي ويرقي المركز وغير المركز.

ففي الحقيقة أن مجرد النقد ليس عيباً، ولا يمكن أن يستقيم أي شيء إلا بالنقد وبالنصيحة، وكل الحياة يجب أن تكون كذلك، لكن أن يكون دافعها الإخلاص لله وللدعوة وأن يكون التلقي لها تلقياً سليماً وحكيماً، وبذلك نستطيع أن نتلافى كثيراً من المشاكل.

وهناك أمور أحب أن أنصح الإخوة بها:

أي شيء يمكن أن يفتح عليك باب مشكلة، وتستطيع أن تسد هذا الباب، فلا تأته، حتى لو كان عندك دليل عليه، وترى أنه ما فيه شيء، ولكن ترى أنه قد يصد عنك بعض أهل الخير، وقد يفتح عليك أبواباً من الإشكاليات.. أقفل هذا الباب، وحاول بقدر ما تستطيع كما يقول شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية رحمه الله : ''إنما يحمل العامة من الناس على الجمل الثابتة من الكتاب والسنة'' .

أي: نحاول أن نحمل الناس على الجمل الثابتة وعلى الأصول الواضحة حتى في مسائل الدعوة، فنأتي بالوسائل أو الأساليب الواضحة التي لا إشكال فيها، وندع ما فيه إشكال بالكلية، إن لم نخفف منه، بحيث أنه إن انتقد ينتقد جزئياً، ولا يصبح شغلنا الشاغل.

المهم أن تكون النصيحة وبذل الخير هو ديدننا جميعاً.

ملاحظة: بالنسبة لموضوع النشيد أو التصوير أو التمثيليات: ما اتفق عليه العلماء قديماً وحديثاً من أمور الدعوة وواجباتها يغنينا إذا قمنا به وبذلنا الجهد فيه عن التشاغل بمثل هذه الأمور، أو التفكير فيها ومحاولة معرفة ما هو الراجح وما هو المرجوح والتعب الشديد والقراءة فيها.

أما عملياً فإن استغنينا عنها أو عن أي شيء منها، فيمكن أن يكون فيها غلق لباب من أبواب الإشكال، وإن أخذ بشيء منها يؤخذ بقدر معين حتى لا يثير عليك حفيظة إخوانك الآخرين.

وأيضاً: الإنسان إذا رأى أن الشيء بقدر معين، فعليه أن يغض النظر ويتجاوز، أما لو تتبعنا مثل هذه الجزئيات، فتأكدوا أنه قد يضيع علينا كثير من الأصول الكلية المجمع عليها والتي لم نقم بها، فمن العبث وإضاعة الأوقات أن تكرر مسائل معينة لا جديد فيها، وليس لدينا مقدرة على أن نرجح فيها قولاً من الأقوال، وإنما نستهلكها ونكرر الكلام الذي لا يمكن أن يُؤدي إلى شيء من ذلك.

الفرقة والتفرق

السؤال: فضيلة الشيخ: نرجو منكم أن تتكلموا عن موضوع التفرق فإنه مما عمت به البلوى في هذه الأيام، وجزاكم الله خيراً؟

الجواب: الفرقة عذاب، فالله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- جعلها عذاباً من عنده: { صلَّى رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة فأطال فيها، فتأملها صحابته رضي الله عنهم، فقالوا: يا رسول الله! رأيناك تصلي صلاة رغبة ورهبة، فلم ذلك؟ فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله سبحانه قد أنزل علي قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ [الأنعام:65] }

فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما نزلت هذه الآية، صلَّى هذه الصلاة، ورغب إلى ربه سبحانه، وتضرع إليه أن يحفظ أمته من هذه المصائب ومن العذاب أن يأتيها من فوقها، أو أن تغتال من تحتها بالخسف، كما حصل لبعض الأمم، أو أن يلبسها شيعاً ويذيق بعضها بأس بعض، فاستجاب له الله تبارك وتعالى، وقال: {أعطاني ربي اثنتين ومنعني الثالثة -وفي رواية أنها اثنتين- قال: هذه أهون أو هاتان أهون }، فاستجاب له الله سبحانه ألَّا يهلك هذه الأمة بعذاب من فوقها، واستجاب له ألا يعذب هذه الأمة بعذاب من تحتها.

أما الفرقة والتشيع والتفرق وإذاقة بعضهم بأس بعض، فمنعها الله سبحانه عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وقد صح في الحديث أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: {إذا وقع السيف في أمتي فلن يرفع إلى يوم القيامة }، فوقع السيف، ووقعت الفتنة، ووقع التفرق في أمور العقيدة، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة }، وكذلك في الأمور العملية وفي الأحكام فالفرقة عذاب.

وهي من جانب آخر سنة من سنن الله الكونية التي يجب أن نتلافاها وألَّا نتجاهلها، فالواجب علينا أن نتجنب وأن نتلافى الفرقة ما استطعنا، لأنها عذاب، والله تعالى يقول: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا [آل عمران:103]، وقال أيضاً: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ [آل عمران:105]، وقال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ [الأنعام:159] وحتى لو كانت الفرقة في ذات البين على الدنيا، فقد سماها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحالقة، قال: {لا أقول: تحلق الشعر ولكن تحلق الدين }، ففساد ذات البين والخلاف والنزاع كم أضاع على الأمة الإسلامية أشياء كثيرة، وقد ورد في ليلة القدر: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أريها، وأراد أن يخبر بها الصحابة الكرام رضي الله عنهم فتلاحى رجلان -اختصم رجلان- فأنسيها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

الخصومة والفرقة والملاحاه والجدل لا تنتج إلا الشر، ولكن ما دام الخلاف واقعاً، والاجتهادات مختلفة، فما العمل؟

أولاً: يجب أن نكون مع الحق، ولا نتنازل عن الحق مهما خالفه الناس، قال تعالى: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأنعام:116]، وقال تعالى: وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ [الصافات:71].

يجب أن نكون مع الحق ولو قل أهله.

ثانياً: أن نحرص على توحيد الناس على الحق؛ وذلك بدعوتهم إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

أرأيتم لو أن الناس اجتمعوا على غير القرآن والسنة، هل نفرح بهذا الاجتماع، ونقول: كلمة واحدة اجتمعت، أم نكره هذه الاجتماع؟

لا شك أننا نكره هذا الاجتماع، لأننا نريد أن يكون الاجتماع على الكتاب والسنة، فإن كان على غير الكتاب والسنة، فلا خير في هذا الاجتماع أبداً، ولن يكون اجتماعاً مرحوماً ولا معصوماً أبداً، بل يجب أن يكون الاجتماع على كتاب الله وسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شرعاً وواقعاً، فالأمة لا تجتمع إلا على الكتاب والسنة.

ولو أنك دعوت الناس إلى أي واحد غير محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن أكثر من النصف سوف يرفضونك، ولا يمكن أن يوافقوك، لكن لو دعوتهم إلى الله وإلى محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لوجدت أن كل مخلص وصادق قد استجاب لك بإذن الله، أما من أعمى الله بصيرته، وضرب على قلبه حب الخلاف، فهذا لا نفع فيه.

فنرجو من الإخوة الكرام أن يتحابوا وأن يتوادوا وأن يجعلوا كل الأمور الخلافية موضعاً للبحث العلمي والمناصحة، وأن يعلم كل منهم أنه ينبغي له أن يقبل أخاه على ما فيه من خطأ وعلى ما فيه من عيب، كما قيل:

ولست بمستبقٍ أخاً لا تلمه على شعث أي الرجال المهذبُ

لابد في أي إنسان من عيب، حتى الزوجة، وحتى الأبناء، وحتى الجيران والأرحام والمدرسين، لا بد أن في كل إنسان جانباً مما لا يرضيك ولا يعجبك، كطبع معين لا يعجبك، لكن فيه خير غير ذلك، فخذ الخير منه لتجتمع القلوب وتأتلف -إن شاء الله- على الحق والخير.

التعرف على الواقع المحيط

السؤال: كثير من شباب الدعوة في هذه المنطقة يجهل ما يدور حولنا من واقع قد يهدد هذه الصحوة ويهدد عقيدتنا، وذلك لقلة المحاضرات المركزة التي تناقش هذا الواقع المؤلم؛ وتطرح القضايا والأحداث الجارية، فهل تعطينا عرضاً سريعاً لآخر الأحداث في العالم الإسلامي، وخاصة في الجزائر ، وإرتيريا وأفغانستان وغيرها؟

الجواب: الحقيقة أن قلة المحاضرات المركزة في جانب معين مما يهدد الدعوة والعقيدة، لا شك أن هذا نقص مشاهد ومعروف ومعلوم، ومن أسباب ذلك:

أن أكثر الناس ربما لا يحرصون على هذه المحاضرات أو لا يفهمونها أو لا يرون أنها تمس واقعهم، وأحياناً قد لا يحتاجونها.

نحن طلبة العلم نقر بذلك، أنهم أحياناً قد لا يحتاجون لمثل هذه المحاضرات المركزة في خطر الواقع، والخطر على العقيدة وعلى الأمة، وإنما يحتاجون إلى المواعظ والمحاضرات العامة التي تربطهم بالإيمان بالله، وبأداء فرائض الله، وهذا خير لا شك فيه، وجوانب الخير لا تتعارض، لكنها تظل جوانب مهمة، فلا يغفل جانب لحساب جانب آخر، فتلافي هذا لا شك أنه أمر مطلوب.

ويجب على الإخوة الواعين أن يقوموا -بأنفسهم- بما يستطيعون، وأن يستقدموا من يمكن أن يزيد في هذا الجانب؛ لأن بعض الإخوة قد يلوم أو يعاتب من في المدن، فحتى تكون الأمور واضحة على حقيقتها أقول:

أنت حتى بعض أمورك الأساسية في واجباتك في البيت أو في الجامعة أو في المدرسة، إذا سكتوا عنك تفرح وربما تتساهل، وهذا شيء واضح، وكلنا نعاني من ذلك، لكن مع المطالبة الشديدة تفرح وتستكمل كما قال الشاعر:

أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته ومدمن القرع للأبواب أن يلجا

أما بالنسبة للعالم الإسلامي عموماً فإنه يمر بمرحلة مخاض، وهي مثل مرحلة ما قبل الولادة، وهي كالغلس الشديد الذي يكون قبل طلوع الشمس.

نحن الآن نعيش في صراعات وتناقضات وفي أحداث غريبة متلاحقة ومتنافرة، وإن شاء الله سيكون بعد هذا المخاض ولادة الأمة المؤمنة، وخروج العملاق الذي سيقود هذا العالم بأجمعه إلى الخير.

فمثلاً: الجزائر ما كان أحد يتوقع أن تقوم فيها للإسلام راية في مثل هذه السرعة، وإن كنا لا نحب العجلة ونشفق ونخاف منها لكن في الحقيقة أنه قامت فيها نهضة قوية.

ومن ذلك ما انتشر وعرفتموه -والحمد لله- من فوز الجبهة الإسلامية بأكثرية ساحقة في الولايات، حتى أنه في نفس العاصمة -والعواصم دائماً أكثر المناطق فساداً وبعداً عن الخير- نجد أنه لم تفز الحكومة في حيٍّ واحد من أحياء العاصمة، فحتى أحياء العاصمة فاز فيها الإسلاميون في الانتخابات المحلية، وهذا شيء عجيب، أن يقع ذلك في البلد الذي رسخت فيه اللغة الفرنسية والعادات والتقاليد الفرنسية.

ووقف الغرب كله، كما تسمعون صوت لندن أو أمريكا أو غيرها يستطيع التقارير، حتى الاجتماع المعقود لرؤساء وزراء دول المغرب الثلاث: من ضمن موضوعاته التي لم تعلن، ولكن أعلنتها بعض الإذاعات: كيف نواجه هذه الجبهة الإسلامية التي بدأت تغزو هذا البلد؟! كيف جاءت؟!

هذا فضل من الله سبحانه أولاً، ثم بفضل جهود الدعاة إلى الله، وقد استمعت إلى محاضرة للشيخ عباس مدني رئيس الجبهة الإسلامية ، ألقاها في الحج قال: إننا أولاً إنما دعونا الناس إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاجتمعوا، وركِّز على هذه القضية، ولم نفرق الأمة إلى شيع أو إلى طوائف وأحزاب متنافرة، بل دعوناهم جميعاً إلى الكتاب والسنة، وذكر هو بنفسه كلمة الإمام مالك رضي الله عنه إمام دار الهجرة عندما قال: ''لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها'' .

ثانياً: حملنا كل إنسان في الشعب مسئوليته، فنقول له: أنت مسئول أمام الله، هل تختار الإسلام أو تختار غيره؟ هل تأمر بالمعروف أم لا؟ هل تكون عبداً لله أو لـفرنسا ؟ أتريد الاشتراكية أم تريد منهج محمد وهو القرآن والسنة؟

فحمل كل إنسان مسئوليته، فقام الناس قومة واحدة، حتى كانوا في مباريات الكرة، يجتمع في الملعب خمسون ألف أو أكثر، ويظن الناس أنهم اجتمعوا للعب الكرة، وإذا بهم يهتفون بالهتافات الإسلامية، وهذا قبل الانتخابات، فحصلت صحوة طيبة مباركة؛ لأنها دعت في الجملة إلى الالتزام العام بالكتاب والسنة، وفي هذا دليل على أنه لا يجمع الأمة إلا هذا المنهج.

ونسأل الله -سبحانه- أن يوفقهم فيما بقي وأن يحفظهم! وهذه آثار الدعوات الطيبة:

دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب وئدت ثم قامت، ثم ماتت ثم قامت، وكذلك الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله فهو داعية ومجدد الجزائر قامت دعوته، ثم جاءت الاشتراكية وقضت عليها، ثم هاهي تقوم من جديد، وهي دعوة سلفية على منهج الكتاب والسنة، ولله الحمد.

أما في إرتيريا ، فهناك الجبهة الشعبية ، وهي جبهة ماركسية في الظاهر، ولكنها صليبية في الواقع، ويقف مع الجبهة الشعبية لتحرير إرتيريا أمريكا والغرب كله، وتريد أمريكا من مخططاتها الصليبية العالمية أن تجعل طوقاً نصرانياً في إفريقيا يحد من انتشار الإسلام، وهذا الطوق يشمل إرتيريا التي يريدون أن تحكمها الجبهة الشعبية ، وقد سيطرت الآن على معظمها، ويريدون -أيضاً- أن يفصلوا جنوب السودان ويقيموا فيه دولة نصرانية ، ثم يربطوا هذا الحزام إلى غرب إفريقيا ، حيث يوجد هناك أكثريات مسلمة، ولكن حكامها من النصارى، وكذلك ليبيريا التي تسمعون عنها كل يوم، والمأساة والضحية هم المسلمون.

فإيجاد هذا الطوق وهذا الحزام إنما هو لمنع انتشار الإسلام، وتغلغل الإسلام إلى جنوب إفريقيا ووسطها، ثم يبدأ يتقلص في الشمال، ولهم دعم للنصارى في مصر ، وهكذا يريدون تطبيق هذا الحزام.

حتى إنهم حاولوا -وهم جادون وقد عملوا من ذلك الشيء الكثير- أن يُنصِّروا دول الخليج ، والآن لهم كنائس ضخمة -في كثير من دول الخليج - علنية في الميادين العامة، فيريدون أن يحيطوا هذا البيت الحرام وهذه القلعة من قلاع توحيد الله، بسياج نصراني، ولذلك فإن كل المساعدات التي تتلقاها الجبهة كلها من الغرب ومن أمريكا ، مع أنها تعلن أنها ماركسية أو شيوعية ، وكذلك من حكومة إثيوبيا النصرانية .

المسلمون ظهروا وعندهم فكرة، ولها الآن أكثر من سنة، وهي لماذا لا نجتمع؟ فاجتمعوا وعقدوا ميثاقاً فيما بينهم على أن تكون دعوتهم وجهادهم على الكتاب والسنة، فسموها حركة الجهاد الإرتيري ، واتفقوا على ألا يكون للحركة أي منهج إلا منهج الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح لها، لا ينتسبون إلى أية فرقة أو إلى أي مبدأ غير كتاب الله وسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومعظمهم من خريجي الجامعة الإسلامية بالمدينة ، فقاموا وإذا بتباشير النصر وتباشير الخير -والحمد لله- تأتيهم من كل جهة، فتوحد أكثر الإرتيريين تحت قيادة هذه الجبهة، ثم بدءوا في أعمال ميدانية، نسأل الله أن يبصرهم وأن يوفقهم وأن يحفظهم.

فأهم خطوة للنصر هي الاجتماع على الكتاب والسنة، وما بعد ذلك فسيأتي بإذن الله، وإن كان بعد الابتلاء والامتحان، كما حصل للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وللصحابة.

فنحن ندعو الله لهم بالثبات. وأيضاً ننصح لهم بما نستطيع أن يثبتوا على أن يكون منهجهم منهج الكتاب والسنة، قال تعالى: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ [الحج:40]، هذا المنهج من تمسك به نجا وفاز بإذن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

أما أفغانستان : فالقضية الأفغانية هي القضية الأولى المعروفة في الساحة -والحمد لله- والكل يعرفها حتى العوام، وحتى النساء، وحتى الأطفال يعرفونها، ولكن ما قد يخفى من تفاصيلها أنه بقدر ضخامة الجهاد الأفغاني والهزة الهائلة التي أحدثها في موازين القوى العالمية، وبقدر صمود هذا الشعب المسلم في وجه هذه الدولة العاتية، بقدر ذلك كان التخطيط المقابل الذي نغفل عنه دائماً، عندنا دغدغة العواطف والبهجة والفرح فقط.

نركز على جانب التفاؤل ولا نحسب الحساب للحذر، والله تعالى أمرنا أن نأخذ حذرنا دائماً، وأن نكون حذرين من المجرمين، وهذا الذي جعل اللعبة الدولية تحاك بأن يخرج الروس من أفغانستان ، فإذا خرجوا ستضعف المقاومة، وسيضعف التفاعل في العالم الإسلامي: من التبرعات، والمساعدة المادية والمعنوية، وكل شيء سيضعف؛ لأن الناس يرون أن الروس قد خرجوا.

والشيء الآخر:أن الحكومة الأفغانية الموجودة تنادي بشعارات إسلامية، أصبحت تعرض مواعظ، وتعرض الصلاة، وأبيحت حتى في معسكراتهم!

وكثير من الأسئلة تقول: نريد أن نقاتل الشيوعيين، أو نطلق عليهم النار؛ فإذا بهم يؤذنون ويصلون؟! فهم قد عرفوا سر اللعبة! الشيوعيون قالوا: هؤلاء جاءوا للجهاد على أساس أن هناك مسلماً يقاتل كافراً، فلا شك أن كثيراً من الناس يتحرز من قتال المسلم وهو يصلي، ويقول: لا إله إلا الله.

الأمر الآخر: قالوا: لو استمر الجهاد بهذه القوة، وأخذ جلال أباد ثم كابل ، ستقوم دولة إسلامية، وستكون خطراً على تركستان والبلاد الإسلامية التي تحتلها روسيا من جهة.

وإذا ظهرت العملة الأصيلة فإن الدنانير الزائفة سوف تختفي من السوق.

أي: لو قامت دولة إسلامية نقية، كما يسمونها في لندن وغيرها حركة وهابية، فلا شك أنها ستفضح واقع المنطقة التي حولها، فرأوا أنه يمكن أن يجمع بين هذه المتناقضات بأن يجتمع الأفغان على الملك أو أي رئيس آخر لا يكون من المجاهدين الوهابيين أو المتطرفين، بمعنى أن يكون إنساناً ديمقراطياً علمانياً مرناً يُحب الغرب، ويعيش مع الغرب، وينادي بالحرية الإنسانية والديمقراطية وحكم الشعب.. إلى غير ذلك؛ فيجتمعون عليه.

فبعض المجاهدين رأى أن المصلحة في هذه المرحلة الآن أن نغض النظر ونقبل هذا حتى نقوى أكثر، والبعض يقول: إذا استسلمنا من الآن فإن ذلك سيجعلنا نستسلم فيما بعد؛ فحدثت مشكلة.

كذلك حدثت مشكلة الروافض أعداء الله ورسوله، الذين يقفون مع كل عدو ضد المسلمين.. فإنهم قد قاموا يطالبون بمقاعد في البرلمان، ومن الوزارات، ومن الزخم الإعلامي ما لم يبذلوا من أجله أي شيء، وهم لا يستحقونه؛ بل يجب ألَّا يُشرَكوا أبداً في أية حكومة، فالحكومة الإسلامية لا يجوز أن يشرك فيها أعداء الله ورسوله وأعداء الكتاب وأعداء السنة..!

أيضاً: هم يشكلون عاملاً آخر... وهكذا؛ فنتيجة لذلك حصل ما ترونه الآن من المراوَحة في موضع واحد، وعدم التقدم الحاسم السريع لهذه القضية.. ومع ذلك نقول: إن إيجابياتها كبيرة جداً والحمد لله، وإن المستقبل للإسلام.

إن إخواننا هناك يحتاجون منا الدعاء بالنصر والثبات على الحق، ويحتاجون -أيضاً- أن نمدهم بالدعوة وبالرأي الصائب لكي يستقيموا عليه لينصرهم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ويحتاجون إلى المساعدات المادية التي تقلصت عليهم في الفترة الأخيرة، وأصبحوا يشكون من تقلصها، وهم في أشد الحاجة إليها مع ظروف الحرب، وهناك أيضاً ظروف البيئة والحر.. إلى غير ذلك، ونسأل الله سبحانه أن ينصرهم وأن يظهرهم على عدوهم، وأن ينصر الإسلام والمسلمين في كل مكان.. إنه سميع مجيب.

الحداثة وأبعادها

السؤال: إن الحداثة لها وجود هنا، فما تعليقكم على ذلك؟

الجواب: الحداثة الكلام فيها يطول، ولكن مدى وجودها في المنطقة هو الذي يحدد، فلاشك أن عندنا هنا فيما رأيت وسمعت أن الحداثة في الفترة الأخيرة تحاول أنها تذهب إلى الأرياف وإلى المدن والمناطق النائية وخاصة في الصيف؛ لأن في المدن الرئيسية قد ظهرت عوارها وبان بوارها، وقام في وجهها -ولله الحمد- الدعاة في كل مكان.

الحداثيون باسم التحديث الشعري، وباسم التجديد في القصيدة العمودية وغير العمودية، وباسم استيراد مناهج نقدية أدبية، بهذه الأسماء يريدون طمس دين الإسلام، حتى لو قالوا: لا نريد أن نُغير ولا أن نهدم إلا اللغة، وأن التجديد الذي نطالب به هو فقط في اللغة، فإن ذلك هدم للإسلام؛ لأن من يهدم لغة القرآن فقد هدم القرآن.

وكذلك هدم العقلية الإسلامية، فلا شك أن هدمها -وهي عقلية تزن الأمور بالميزان الإسلامي الصحيح وهو أنقى الموازين وأصفاها- هدم للأمة؛ لأننا عن طريق هذه العقلية نقول لهم ونبين لهم ونبلغهم كتاب الله وسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهم ينظرون إلى أحوال الأمم ويستقرئونها بهذه العقلية.

الحداثة تدمر -مما تدمر- المنهج العقلي في التفكير؛ لأنها عبارة عن ثورة في أوروبا ، ويسمونها في أوروبا ثورة اللامعقول على العقل، أو ثورة اللاعقلية ضد الاتجاه العقلي، تثور على العقل ومعايير العقل وأحكام العقل بالكلية! فهي أحلام وتخيلات..!

حتى إن بعضهم يقول: إن أساس الحداثة هو الجنون، أي: أساس التعبير الحقيقي عن النفس الإنسانية هو الجنون، وبعضهم يقول: إنها الأمر الباطن، ولذلك يعتمدون على الأحلام والرؤى والخيالات، ويقولون: يستحيل أن تناقش القصة أو القصيدة على أي أساس عقلي.

فإذا قلت مثلاً: لماذا يُشبِّهُ الشاعر أو الأديب هذا بهذا، والعقل لا يوافق على هذا التشبيه؟ فإنهم يقولون لك: أنت الآن تناقش إلى العقل، ونحن نرفض أحكام العقل! وبهذه الطريقة يهدمون العقل وطريقة التفكير السليم، ولا شك أن ذلك يجعل الأمة ضائعةً هائمةً، لا تعرف هدىً، ولا تعرف حقاً ولا خيراً، ولذلك تعد الحداثة من وسائل هدم العقلية الإسلامية.

وهناك في هذه المنطقة ترويج لما يُسمى بالفن التشكيلي، والفن التشكيلي لا يقوم على معايير عقلية واضحة، أو الرسم: الأصل أن يكون الحكم على المبدع فيه واضحاً بالمعايير العقلية حتى يرتقي هذا المبدع، لكن عندما تكون المعايير غير عقلية، فإنه لا يرتقي إلا من يراد له أن يرقى! يمكن لواحد أن يرسم لوحة طولها عشرون متراً -مثلاً- يبذل فيها ألواناً وجهداً، فعندما يراها أي شخص من الحداثيين، فإنه يقول: هذه كلاسيكية لا تصلح! لأنه لا يوجد له معيار عقلي، وإذا جاء واحد يرسم أي شخابيط، قالوا: لوحة ممتازة ورائعة! ويُعطَى جائزة نصف مليون!

إن الذين يدعمون هذه الحركة يريدون ضرب المعايير؛ حتى يعلوا شأن من يريدون ويخفضوا شأن من لا يريدون، فتبقى المسألة تحكماً غير عقلي؛ لأنها قضت في الأصل على معايير العقل، وهذا ما يمكن أن نشير إليه -في هذه العجالة- عن الحداثة وواقعها، كذلك ننبه إلى أنها لم تنته، ولكنها غيَّرت أساليبها، وغيَّرت الأقنعة؛ لأنها ترتدي أي قناع يمكن أن ترتديه.

عرض الأفلام المدبلجة للأطفال

السؤال: هذا يسأل عن أفلام الأطفال المدبلجة التي تعرض في التلفاز؟

الجواب: سبق وأن تكلمنا عن خطر وسائل الإعلام، وزيادة على ذلك نقول:

إن الطفل بالأخص مستهدف بشكل أكبر، وخاصة الطفل المسلم الذي هو شاب الغد، ومعنى ذلك أن الحكم على أية أمة من الأمم ومعرفة مستقبل أية أمة من الأمم رهن بواقع أطفاها ومنهج أطفالها.

فمن نعم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على هذه البلاد، وعلى دول الخليج بالذات -دول البترول- أن نسبة المواليد فيها أعلى من نسبة الوفيات، وهذا عندنا طبيعي والحمد لله.

أما في أوروبا ، فهناك مشكلة خطيرة جداً في أكثر دول أوروبا وهي أنها تعاني من أن الوفيات أكثر من المواليد، فتراهم يهتمون بمسألة الزواج وعودة المرأة إلى البيت ولو بشكل جزئي، ويهتمون بقضايا تكثير النسل والإعانات، وقد رأوا أننا لو تفوقنا عليهم بشرياً، فإن ذلك سيكون تهديداً خطيراً لهم.

فمثلاً: هولندا مثل الكويت تقريباً في المساحة، فـالكويت سكانها تقريباً مليون، إلى مليون ونصف، وهولندا سكانها أربعة عشر مليون! وهذه الكثافة السكانية العالية هي سر من أسرار قوة الغرب، ولذلك كان من جملة ما يريدونه لنا تأخير سن الزواج، والدعوة إلى عمل المرأة، حتى يتعطل الزواج، ويستمروا في تفوقهم علينا.

ومن جملة ذلك أيضاً: أنهم يريدون هدم عقلية الشباب وتحطيم الطفل المسلم، لأن هذا عامل من العوامل المادية المحسوسة لتفوق أية أمة، فعدوهم الخطير هو الشرق لو استطاع أن يكون أكثر منهم بشرياً، ثم وجهت طاقته البشرية بالعقيدة الصحيحة.

اليهود يسعون إلى أن يأتي اليهودي من روسيا ومن الحبشة ومن كل مكان، ويحرصون على الطاقة البشرية.

وكندا واستراليا وغيرها من الدول تحرص كل الحرص على الطاقة البشرية، وعلى توجيه الطاقة البشرية.

وفي أمريكا يخصصون قنوات معينة للأطفال، مع أنهم في ضلال الكفر وظلامه، ونحن هنا -مع الأسف- الطفل عندنا مهدر، يجلس أمام التلفزيون كما يشاء، ولو عملت إحصائية عن نسبة ما يقضيه الطفل مع أبيه بالنسبة لما يقضيه أمام التلفزيون أو في الشارع، لربما كانت النسبة مفزعة لنا، وكثير من الناس لا يعرف عن ولده شيئاً.

فقد حدثني مدير مدرسة في مكة ، قال: أحد الطلاب كان عنده كفاءة ونجح، ولم أدرِ في نصف العام إلا وقد جاء والده يسأل عن ابنه قال: أنا أريده، قال المدير: قلنا يا والد! ولدك نجح العام الماضي والآن هو في الثانوية.. لا يدري الأب في أية سنة وصل الابن وهما في بلد واحد، والمدرسة في الحي نفسه وليست بعيدة!

فإذا كان الأب لا يدري عن ابنه في أية سنة هو، فإنه بلا شك لا يدري مع من يمشي، ولا يدري مع من يعيش..!

بل بعض الآباء يعتبر التلفزيون حلالاً! فيترك الأطفال في البيت يرونه، ويرون هذه المسلسلات المدبلجة -كما يسمونها- ويرون الفساد والانحطاط.. وكثير من هذه المسلسلات وضعت وصممت للطفل الأوروبي الذي لا يؤمن بالله ولا بالآخرة، والذي ليس له هدف أو معيار إلا معيار الوطنية أو الجد أو العمل فقط، وغيرها من المعايير التي يعيش عليها الغرب الكافر؛ لأنه لا هم له غير هذه الحياة الدنيا، أما الطفل المسلم فيجب أن يتربَّى على أن يطيع الله ورسوله، وأن يتبع الله ورسوله، وأن يحب الصحابة والتابعين، وأن يعرف قادة الإسلام الذين لا يعرف عنهم أكثر أطفالنا أي شيء، ويعرفون عن أبطال الكرة وأبطال الفساد والتمثيل والخلاعة الشيء الكثير..!

وهذه المشكلة التي يعاني منها أطفالنا لا تقتصر على الأفلام، بل هي عامة في وسائل تربيتنا، وكلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته!

وهؤلاء الشباب -وكل مولود يولد على الفطرة- فيهم تقبُّل، وفيهم استجابة، وهم في هذه الجزيرة التي هي معدن الخير، فكما ظهر الصحابة -رضي الله عنهم- فمن الممكن أن يظهر منهم جيل يقاربهم ويحاذيهم، وإن لم يكن مثلهم، ولكن يسير على طريقهم؛ فالطفل إذا حُفِّظ القرآن حفظه، فهم أبطال في صورة أطفال! لكنهم وَجَدوا من يُهدِر طاقتهم، ووجدوا من لا يستوعبها ومن لا يهذبها؛ فأصبحت ضائعة.

فهذه أمريكا دولة كافرة فاجرة!! لكنها تخطط لتسيطر على العالم وتتحكم فيه، والله ما أورثها الأرض اصطفاءً لها ولا تكريماً لها، وإنما لأنها تبني أمورها على تخطيط.

جمعت كل المسئولين عن قطاع التربية والتعليم وهم على مستوى عالٍ في البلد، وعملوا دراسات مكثفة.

(ليسوا مثلنا! فاللجنة عندنا تجتمع: عضو يكتب، وعضو يوقع، والثالث لم يحضر! وأحياناً نستأجر لجنة خبراء من الخارج لدراسة موضوع طلابنا)

واجتهدوا في اجتماعات طويلة، ثم لخصت التقارير بعد اجتماعات كثيرة في كتيب، وقد ترجم إلى اللغة العربية، وهو موجود في الأسواق عنوانه أمة معرضة للخطر ، حبذا أن يقرأ كل مدرس هذا الكتيب.

هذا الكتاب هو تقرير اللجنة، وبعد دراسة الحكومة له أمرت أمراً إجبارياً أن ينشر في جميع وسائل الإعلام: في التلفزيون، والإذاعة، وفي الصحافة، وفي المدارس، وفي الاجتماعات.. وأن يُعاد نشره عدة مرات حتى يصل إلى كل أذن في المجتمع!!

انظر القوة في الأمر، يعلنون بكل صراحة أن مستوى التعليم في بلادهم منحط، وأن وسائل التربية متدهورة، وأن الطفل مستواه كذا، فيذكرون كل المساوئ، ولا يذكرون الإيجابيات والإنجازات، وهم أعلى أمة في الإنجازات، إنما ذكروا المساوئ والأشياء التي يجب أن تتلافى، وأنهم إذا لم يتلافوها فإنهم أمة معرضة للخطر..!

فهؤلاء الكفار انتبهوا إلى ضرورة التربية، وإلى أهميتها، وأن الطفل هكذا يجب أن يكون، وهكذا يجب أن يُربى، واللجان تتبعها لجان، والدراسات تتبعها دراسات، ويتبعها عمل، ليروا أسباب تفوق الطفل الياباني على الطفل الأمريكي... وهكذا!

ونحن مستوى التعليم لدينا ينحط ويتدهور بشكل فظيع مريع! أما في أول أيامنا فالإخوة يذكرون أن الإنسان كان إذا بلغ سادس ابتدائي، فإنه يصبح شيخ القرية وخطيب الجماعة، يفهم كل شيء، فكان مستوى سادس كلمة مدح عظيمة، أما الآن فقد يتخرج من الجامعة، وهو لا يحسن أن يكتب صفحة، وإذا كتب لا تدري ماذا يريد..!

يُكتب لنا في كل محاضرة كثير من الأسئلة لا نستطيع أن نقرأها، وربما يوجد في السطر الواحد عدة أخطاء: إما في النحو، أو أخطاء علمية.

فالتعليم في بلادنا مستواه منحط، ويجب أن نقولها بأمانة: يجب على رجال التربية والتعليم أن يقدروا ذلك، وأن يتقوا الله في أطفال خير أمة أخرجت للناس، وفي الشباب الذي لو ربي تربية سليمة قويمة لكان على ما يرضي الله، ولكان أكبر عدو وأكبر شوكة في نحور أعداء الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

القرآن الذي قُلصَ في المناهج وفي الحصص وفي الحفظ: لماذا يُقَلَّص؟ مَنْ وراء ذلك؟ لماذا لا نفكر؟ والحر تكفيه الإشارة..!

فكرة إنشاء معهد تمريض للنساء

السؤال: ما رأيكم في فكرة إنشاء معهد للممرضات في الباحة ؟

الجواب: فكرة إنشاء معهد للتمريض للممرضات في منطقة الباحة حقيقةً فكرةٌ مؤسفة جداً، ولو لم يكن إلا مجرد إقرار الفكرة فقط، حتى لو لم ينجح المشروع، لكن وجود الفكرة وأنها تنتشر، وأن توزع أوراق الاستبانات، والناس منهم من شارك ومنهم لم يشارك، ومنهم من عبأها، ومنهم من لم يعبئها، فمجرد قبولنا للمبدأ مشكلة، وزادني ألماً أن بعضهم قال: لماذا لا نتصل بالوزارة؟ وقالوا: إن مدير عام المعاهد الصحية هناك من أبناء المنطقة، سبحان الله! إن صح هذا الذي بلغني، فهو والله شيء عجيب جداً!!

نحن الذين نعرف مساوئ وفساد التمريض، وما هي الجناية التي تكون على الممرضة نفسها! دعك من فساد المجتمع من أجلها! هذه الشابة الفتاة التي في بيتها تستنكف وتستكبر أن تخدم أمها تذهب خادمة للرجال الأجانب والأغراب!

والآن مع الأسف أصبح الأغراب أكثر من أهل البلد!

تخدم الأغراب من كل دين ومن كل جنس ولون، ويقال: تخدم الوطن! وكله في خدمة الوطن!

هذا الوطن إذا جعلناه بهذه المثابة فقد جعلناه وثناً وليس وطناً، فديننا وقيمنا وأصالتنا المشتقة من ديننا خير لنا ألف مرة من الشعارات الزائفة التي تلبس علينا...!

أقول: إن الفكرة قد بدأ يروج لها، فيجب عليكم -وهذه أمانة ننقلها إلى كل من هو حاضر ومن يسمع هذا الكلام ومن يستطيع أن يبلغه- أن تقفوا صفاً واحداً في وجه هذا الشر حتى لا يُنَفَّذَ؛ لأنه بلا شك سيكون فتح باب من أبواب الشر، فاتقوا الله في أعراضكم، واتقوا الله في بناتكم، واتقوا الله في هذا الجيل، فكل امرأة مسلمة وكل فتاة مسلمة فهي عرضك، وإن كنت لا تعرفها، وإن كانت في أطراف الهند أو في أندونيسيا .

والله إننا نخاف من استخدام الإندونيسيات أو الفلبينيات أو غيرها، ومن الفساد الذي حصل من الإتيان بهن هنا ولا سيما المسلمات منهن، وما يتعرضن له من الأذى والابتلاء، ويؤلمنا والله ذلك أشد الألم؛ فكيف نرضى ذلك لبناتنا، ونحن في هذه المنطقة؟

قد يقال: من يمرض النساء؟

وأنا أقول: ليس الحل أن نرتكب الأخطاء، ثم تترسخ الأخطاء، ثم تزيل الأخطاء بأخطاء أخرى ومحرمات!!

الحل الصحيح أنه يجب علينا وجوباً -وليس مجرد استحباب- أن يكون عندنا مستشفيات نسائية خاصة تتعلق بجميع أمور المرأة.

والضرورة لها أحكام، فمثلاً: عملية ضرورية يجب أن يقوم بها رجل، لا أحد يخالف في ذلك، لكن الولادة وعموماً كل ما يتعلق بالنساء يجب أن يكون في مستشفيات نسائية خاصة، هذا هو الحل الأول.

فإذا وجد ذلك، ورأينا أنه لابد من دخول بنات معينات ضمن هذا المجال، كما في تعليم البنات، فإننا نفكر آنذاك في ذلك، أما الآن فمن المعروف أن الممرضة لن تعمل إلا في مستشفيات بين الرجال، فكيف يكون الحال؟ هل تقضي هذه الممرضة على شبابها؟ ومن يتزوج هذه الممرضة؟

الآن الجامعيات ما وجدن من يتزوجن بهن، فكيف بالممرضة؟! هدمت مستقبلها، وهدمت عرضها، لأنها تساوم على عرضها، والمرأة ضعيفة، وقد يقال لها: أنتِ لن تترقي أو تصبحي كذا إلا بمساومة! قد يطلب منها أن تسافر بمريض، فتنفتح عليها أبواب الشر.

نحن الآن نشكو من واقعنا الحالي الموجود الآن في المستشفيات وغيرها، فكيف إذا أصبحت البنت ممرضة؟!

لو أن واحداً منا عرض عليك وأتاك، وقال لك: يا أخي! أنا عندي عجوز كبير أو عجوزة كبيرة، عمرها ثمانين سنة، وأنا سمعت أن ابنتك متعلمة، وتستطيع أن تضرب الإبر، فأريدك أن تأتي بها عندي كل يوم أربع ساعات، أو كل وقت تشرف عليها وتراقبها، وأنا أعطيها خمسة آلاف أو عشرة آلاف ريال؟

أقول: يمكن أن يقاتلك ويقول: هل بنتي خدَّامه عندك يا كذا ويا كذا؟!

لكنها في المستشفى سوف تخدم العمال والأغراب والأجانب، ثم نقول: هذه خدمة للوطن! وهذا لا شيء فيه! لأننا فقدنا المعايير، والله المستعان..!

فيا إخوان! لا تغرنا الشعارات، لو فتح المعهد، وأنا واثق أنه لن يفتح، ولكن لو فتح فاعلموا أنه سيكتب في الجرائد: تقدم جديد! وإنجاز حضاري! وتطور في منطقة الباحة ..! وخذ لك من هذا الكلام.

وعند حفل الإفتتاح يقال: هذا الإنجاز! وهذا التطور! ومن مثل هذه الشعارات التي خدعتنا وضيعتنا: التطور السياحي! والتطور العمراني! وقعنا في التطور هذا ونسينا ما أنزل الله، ونسينا أحكام الله، ونسينا كيف نعبد الله! كله تطور وتطور وإنجازات!

بينما -والله- لو بنينا هذا التطور وهذا التقدم وهذه الإنجازات على كتاب الله، وراعينا فيها حدود الله، لنفوزن في الدنيا والآخرة، فوضعنا بالنسبة إلى أمم الكفر في الدنيا ما هو بشيء، لكن لو بنيناها على تقوى الله، فإنه سيبارك لنا في أموالنا وفي حضارتنا، فيجب أن تكون حضارتنا حياة إيمانية حقيقية، يكون الأصل فيها والسمو والرفعة والمنزلة والمكانة للتقوى وللعمل الصالح النافع وللإحسان وللعدل وللفضيلة، أما هذه الخرسانات الجاهلة من التراب أو معايير مادية معينة نجعلها هي المعيار ونهدر الدين والشرف والكرامة والعرض، من أجل مثل هذه السفاسف التي لا تليق بنا كأمةٍ من أمة الإسلام عموماً، وبما لنا من أصالة خصوصاً.

تقصير الآباء في دفع أبناءهم إلى حلقات القرآن الكريم

يقول السائل: إن لدينا في هذه المنطقة هنا حلقات للقرآن الكريم، إلا أن الإقبال عليها قليل في بعض القرى، وهذا نتيجة عدم رغبة الآباء في ذلك، بدعوى أن الطالب إذا ذهب في العصر إلى مدارس تحفيظ القرآن والتي هي ساعة تقريباً، فقد يضيعون الدروس الصباحية، نرجو توجيه الآباء؟

الجواب: نحن أحياناً مثل الذي يُضحي بالدجاجة من أجل البيضة! ما فائدة العلم؟!

والله ليس لنا قيمة لا عند الله ولا عند الناس ولا في أي مجال ولا بأي معيار إلا بالكتاب والسنة!

ثم نقول: إذا حفظ القرآن ضاعت عليه الجغرافيا والفيزياء والرياضيات!

نحن لا نحتقر هذه العلوم، ولكن أي علم أنت خلقت لأجله ولتعلمه والحرص عليه؟

لماذا إذا جاء دوري الرياضات والألعاب فإنك تجعله يشارك فيها؟! حتى إنه قد يعطى إجازة رسمية؟! يضيع عليه شهر أحياناً، وبعضهم شهران أو ثلاثة، ويقول لك: هو في دورة رياضة! فإذا جئنا عند القرآن ترى الأب يقول: والله ما ضيع ابني إلا القرآن وقت العصر! بعض الآباء يقولونها، يقول: ما ضيعه إلا فلان وفلان لما جاءوا وقالوا له: تعال! اقرأ القرآن، وإلا فإنه قد كان الأول في المدرسة..!

إذا وجد بعض رفقاء الخير، وأصبح يسمع ندوات طيبة ومحاضرات طيبة، فحتى لو لم يحقق أي شيء، إذا اهتدى واستقام فهذا خير عظيم، لا نقول: يستقيم الطالب ويضيع دراسته!

لكن والله من عرف قيمة القرآن، فسيعرف قيمة غيره من العلوم، وأن من وفقه الله لحفظ كتابه، فسيوفقه لغيره من العلوم.

وقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {إن الله ليرفع بهذا القرآن أقواماً ويضع به آخرين }.

وأنا أعرف بعض الناس كان يحرص أن يأخذ ولده شهادة عليا في بعض المجالات، فحفظ الابن القرآن، ولما حفظ القرآن أعطاه الله من النور والبرهان حتى صارت له منزله عالية، فقلت لأبيه: ما رأيك لو كان ابنك طبيباً هل كان ذلك أحسن؟ فقال: لو تؤتى له الدنيا كلها ما أريدها.

فيجب علينا أن نحمد الله سبحانه أنه يوجد من احتسب وأنشأ هذه الجماعة -جماعة التحفيظ- واجتهد وبذل وقته من أجلها، وأن نتبرع لها وأن نشجعها بقدر استطاعتنا.

ما يواجهه الشاب المستقيم في بيته

السؤال : الشاب الذي يستقيم في أسرة يواجه أمرين:

الأمر الأول: أنه يسكن مع أسرة عندها بعض المحرمات من أغاني أو تلفزيون أو فيديو أو غير ذلك.

الأمر الثاني: يذهب إلى خالته، أو إلى أخته ليسلم عليها، فيحضر بنات الخالة، ويحضر من لا يجوز أن يكشف عليها فتكشف؟!

الجواب: هذا جزء مما يعانيه الشاب إذا استقام.

فأولاً: نوصي هذا الشاب بالصبر، ونعلم أن هذا الدين لا يقوم إلا بالصبر على هذه الأمور وعلى غيرها مما سيجد من عقبات، ولكن -أيضاً- ننصح الإخوة الآباء والأمهات أن يتقوا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في أبنائهم، وأن يفرح الأب إذا وجد من أبنائه من ينكر عليه هذا المنكر وأن يخرجه من بيته.

وكذلك الأم تحمد الله وتفرح أن يوجد في بيتها ومن أبنائها من يقول: هذا حرام وهذا حلال، ويبين لها الحق لتجتنبه، فهذه نعمة، فبدلاً من أن تقام عليها الحجة من الخارج، يأتي ابنها ويعلمها ويقول لها.

فيجب عليك أن تصبر وتحتسب وتدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة، كما يجب على الآباء أن يتقوا الله في مثل هذا الشاب، ولا يضيعوه ولا يرغموه على ما لا يريد من المحرمات.

الطريقة المثلى لاستغلال الوقت

السؤال: هذا شخص هداه الله يقول: إنه كان في المعاصي وهداه الله، وهو نادم على كل لحظة ضاعت من وقته، والآن يريد أن يطلب العلم، فما هي الطريقة المثلى لترتيب الوقت والاستفادة منه؟

الجواب: هذا فضل من الله، وهذا الندم من خير ما ترجو عند الله، ويرجو كل واحد منا ذلك من ندمه على ما فرط من عمره، وخوفه من عذاب الله سبحانه، وخوفه من ذنوبه ومعاصيه، هذا الخوف نفسه نرجو به أن ننال رضا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عنا؛ لأن النفاق ما خافه إلا مؤمن، ولا أمنه إلا منافق.

ويرى المؤمن ذنبه كالجبل يكاد أن يقع عليه، أما المنافق مهما كسب من ذنب، فهو ينظر إليه كذباب وقع على أنفه ثم طار..!

فالخوف من الذنوب أمر محمود، ونسأل الله أن يجعله وسيلة لهذا الأخ ولنا جميعاً إلى أن نجدَّ في طلب الطاعات وفي كسب رضا الله فيما بقي من أعمال.

أما طلب العلم فيختلف بحسب رغبتك أنت واهتمامك ومجالك الذي تريد أن تطلب فيه، وأيضاً بحسب وقتك وظروف عملك.

أقول: عليك أن تجتهد بما تستطيع وتستعين بالله سبحانه { ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً يسَّر الله له به طريقاً إلى الجنة } بإذن الله.

وهنا قضية مهمة واقعية، فالشاب أول ما يهتدي وأول ما يستقيم يكون له دافع تعويض ما فات، ينظر إلى الشباب المستقيمين: هذا له عشرين سنة يصلي وأنا ما كنت أصلي، وهذا يقرأ القرآن وأنا ما كنت أقرأ إلا اللهو أو الحرام، هذا يجتهد في الطاعة وأنا كنت غارقاً في المعاصي، فيشعر أنه فات عمره، والعمر لا يعوض، فكل شيء قد يعوض إلا الوقت، فما ذهب ذهب وانتهى، وكما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أعمار هذه الأمة ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك }، فإذا كان الآن في الثلاثين أو العشرين فقد ذهب ثلثه أو نصفه، إذاً هذه مشكلة، إذا تأملها العاقل -وكل من يهتدي فقد عقل- فإنه يفكر هذه الأفكار، فيكون عنده قوة وحماس، فيأتي على المنكرات، ويقول: اليوم لا بد أن نطهر البيت من الفساد،ونغير الكشف، ونقضي على الاختلاط، ونغير كذا في العائلة، ونفعل ونفعل، فأول ما يبدأ يبدأ بهذه القوة وبهذا الحماس، فيضعف بعد فترة:

أولاً: لأنه تحمل من البلاء ما لا يطيق، وهو لا يزال ضعيف البنية، ولا يزال يزحزح صخرة أو جبلاً قوياً فلا يستطيع.

ثانياً: لأن الإيمان يزيد وينقص! ولا بد من مراعاته ومتابعته وتجديده، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب }، أي: مثلما يبلى الثوب يبلى الإيمان، فجددوا إيمانكم، جددوه بذكر الله، وبقراءة القرآن، ومجالسة الصالحين.. وهكذا؛ فالإنسان يكون في حالة حماس، ثم قليلاً قليلاً.. لا يدري إلا وقد فتر، بعد القيام النشيط إلى طاعة الله يضعف، بعد الاهتمام القوي في القرآن تراه بعد فترة يقول: والله ما قدرت أحفظ إلا جزءاً، وبعد ذلك انقطعت ثم فترت..!

الإيمان يزيد وينقص، ويحتاج دائماً إلى دفع مستمر، إلى شحن زيادة حتى لا يضعف، كلما أراد أن يضعف نقويه، والهمة تحتاج إلى تجديد، بل مع التفكر في هذه الأمور ومع الانتباه والاحتراس -إن شاء الله- نتلافى الفتور.

ومن أهم أسباب تلافي الفتور: مصاحبة الإخوة الأخيار، لأنه إذا صادف عندي حالة ضعف، فتكون عند أخي حالة قوة، وبعضنا ينشط بعضاً، أما الإنسان وحده فيضعف ويخمل وهو لا يدري.

الإحسان في معاملة العمال الأجانب

السؤال: ما رأيكم فيمن يأكل أجور العمال، مثلاً: من يريد تجديد الإقامة يأخذ منه مالاً، وعندما يريد السفر إلى أي مكان يلزمه ورقة من الكفيل، فيأخذ منه ثمن هذه الورقة، مثل العلماء الذين يعملون في الخارج؟

الجواب: الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقول في الحديث القدسي: {يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا }، ويقول تعالى: وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً [الكهف:59]، ويقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {الظلم ظلمات يوم القيامة }.

ومن أعظم الظلم أكل أموال الناس بالباطل، وأكل حق الأجير ومال الأجير، ولنا عبرة في الذين أطبقت عليهم الصخرة، لما أحسن إلى الأجير،تضرع إلى الله، فكشف الله عنه هذه الصخرة، مع دعاء الآخرين.

هذه من الأمور التي أخذت صورة غريبة في واقعنا، وما كنا نظن أنها تصل إلى هذه الحالة، هي صورة الرق، ولكن في صورة عصرية، وأشبة بالرق، لما تجد من المرارة والشكوى التي اطلعت عليها وسمعتها منهم، ويمكن أن يكون في الخفاء ما هو أعظم من الشكاوى التي في مراكز العمل والعمال.

بعض العمال يشكو أنه لا يُعطى راتبه عدة أشهر، وبعضهم يعطى فقط مصروفاً معيناً على قدر النفقة، مثل الدابة تعطيها علفاً من أجل أن تعيش لتخدمك، أما يشعر الإنسان أن هذا الرجل وراءه أسرة، ووراءه التزام؟! وبعضهم يقول: إما أن تفعل كذا وإلا سفرتك! أصبحت وسيلة للتكسب، رق في صورة عصرية! يتكسب الإنسان بعرق عباد الله!

فنسأل الله أن يحفظ لنا هذه النعمة، فقد كان آباؤنا يخدمون في المدن، وبعضهم قطعوا البحار إلى الحبشة وغيرها، يخدمون الناس مثل هؤلاء العمال ليحصلوا لقمة العيش، والآن نسينا لما أنعم الله علينا، وأصبحنا نتحكم في رقاب خلق الله من جميع البلاد.

وهذا الكلام أقصد به العمال المسلمين؛ لأن الكفار -أصلاً- لا يجوز دخولهم هذه البلاد، فالعمال كلهم يجب أن يكونوا مسلمين، وإذا كانوا كذلك فيجب أن نرفق بهم: {والراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض، يرحمكم من في السماء }؛ لا تكلفوهم بما لا يطيقون، ولا تأمروهم بما يشق عليهم، ولا تظلموهم حقوقهم، وتجاوزوا عنهم، فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جعل للمحسنين وللمقسطين منزلة لم يجعلها لأحد قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن يوم القيامة، وكلتا يديه يمين }.

فالإحسان إلى الناس والقسط والقيام بالعدل وإعطاء كل ذي حق حقه من سمات هذا الدين العدل، ومن الوصايا العشر، يقول تعالى: وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى [الأنعام:152]، فإذا كان العدل في القول مطلوباً، فما بالك به في حقوق الناس؟!

لا شك أنه مطلوب أكثر وأكثر.

فلنتق الله في هؤلاء العمال، ولنحمد الله الذي أعطانا من الخير والنعمة ما جعلهم يأتوننا من أجل الحاجة إلى بلادنا، ونعوذ بالله أن يبتلينا بفقر يضطرنا إلى أن نذهب إلى بلادهم! فوالله لندفعَنَّ ديناً عظيماً لو حصل لنا هذا الشيء، وأكثرهم قلوبهم سوداء من جرَّاء ما يعانون من مرارة الألم من كثير من الناس في هذه البلاد، نسأل الله العفو والعافية!

http://64.42.215.60/index.cfm?fuseaction=p...s&contentid=817

رابط هذا التعليق
شارك

سلام عليكم ... اخونا كاتب الموضوع ممتأكد انك كتبت الموضوع وانت بكامل قواك العقليه !!! ... الغناء محرم بإجماع العلماء وورد ايات واحاديث وإليك بهذه الايه ((اخونا مصور منتديات حرمة الغالية كفى وفى))

{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ...} [سورة لقمان: آية 6.] الآية؛ لهو الحديث الذي بالايه هو الغناء .. ..

وقالها احد صحابة الرسول المفسرين (ابن عباس) ان لهو الحديث هو الغناء واقسم على ذلك ثلاثاً ..... واذا كنت تظن ان الفتوى التي وضعتها صحيح فأتنا بالمفتي لها ! !!!!

_ وقد ورد ان الغناء المباح هو الشعر ما كان يسمى سابقاً في العصور القديمه فقد كانوا يقولون الشعر وفيه من النبرات هذا المباح ومنه الاناشيد الموافقه للشروط الاسلاميه فهناااك اناشيد بقي ان يطلق عليها غناء ومنها كثير طبعا كل ما دخل فيه الالات اي المعازف فهذا ايضاً محرم ... وانا لا أتي بكلام من عندي بل من اناس شهد لهم بالعلم .......... sad1.gif

والغريب اني لم ارى رد او تنبيه او اي كلام حول هذا الموضوع من الاعضاء والادارة ... لأنه شيء حرام ويتم تحليله !

رابط هذا التعليق
شارك

مرحبا

انا من يوم اني فبطن امي وادري ان الاغاني حرام تجي انت وتحللها؟

عاد انا من يوم ما شفته من لبنان قلت هذا اكيد امه رقاصه

معليش ع الرد بس هذا اقل شي نسويه مابقى الا يحرم الصلاه؟

وتحياتي

رابط هذا التعليق
شارك

الاخوه الكرام المعارضين

اولا : اتمنى منكم الهدوء وبعد الهدوء ارجو الهدوء ثانيه

ثانيا : اول الاخطاء التي ارتكبتوها انكم تقولون ان الاغاني محرمه بأجماع وهذا امر غير صحيح البته لان القضيه قضيه خلافيه واتمنى ان تعودوا لتقرئو الفتوى التي اوردتها بامعان

اما من جعله محرم بالاجماع وتمت تربيتكم عليه كالاخ ابو عمار هم علمائنا المتشددين للاسف الشديد الذين يحتكرون العلم لانفسهم ولا يعترفون باقوال الاخرين

وبالمناسبه فأن فتوى كفتوى الفهد والخضير في تحليل الارهاب وقتل الامنيين لا تختلف كثيرا في اجتهادها عن فتوى الغناء

الفرق ان ان فتوى الجهاد المزعومه كانت فتوى سياسيه خطيره تكاد تفتك بنا بينما فتوى الاغاني هي فتوى كماليه ليست من ضروريات الحياة وبالتالي لم يوجد من يفندها

هناك امر في غاية الاهميه وهو ا انكم جميعا لا تقرئون الا من مشائخنا فقط وهذا جهل اذ يفترض ان تتطلعوا على جميع اراء وفتاوي ومنهج المشائخ الاخرين في الدول الاخرى اذ ان الدين ليس حكرا على فئه او دوله دون غيرها

لاتنسوا ان مشائخنا ينهجون من منهج الامام احمد بن حنبل وهو المشهور عنه بتشدده

والمشكله ان مشائخنا يستشهدون بما يورده الامام احمد بن حنبل دون الاشاره الى ان هناك من يخالفه من الائمه الثلاثه الاخرين

نصيحتي لكم :

اقرئو ,, ثم اقرئو ,, ثم اقرئو في كل شي وليس الدين وحسب ولا تتوهموا ان الدين لايعرفه سوا علمائنا

اعيد الغناء حلال طالما انه لم يظل عن سبيل الله

ان اقتنعتم فاهلا وان لا فاهلا ايضا

ولانتسو ايضا ان اصل كل شي الاباحه

واذا كان هناك ثمة اختلاف اعيدوا الشيء الى اصله

شكرا

رابط هذا التعليق
شارك

فتاوي اخرى لمشائخ اخرين عن حكم سماع الاغاني :

(( 1 ))

حكم الإستماع إلى الموسيقى [10/06/2003]

--------------------------------------------------------------------------------

السؤال:

--------------------------------------------------------------------------------

هل يجوز وضع آلات موسيقية في الأناشيد مع العلم أن استخدام الآلات الموسيقية محرمة شرعاً، وما حكم من يسمعها من أجل نية سماع الكلمات فقط؟

--------------------------------------------------------------------------------

الجواب:

بقلم: الأستاذ الشيخ سامي الخطيب

--------------------------------------------------------------------------------

لا بد من الإشارة بداية إلى أن قضية الموسيقى من المواضيع التي اختلف في الحكم فيها جمهور الفقهاء؛ ما بين مُبيح بإطلاق ومحرِّم بإطلاق ومقيِّد للإباحة مشترط للحرمة.

ولهذا كان لا بد من بحث الموضوع بشيء من التفصيل ليستبين للأخ السائل وجه الحق دونما تقليد لقول قائل، وإنما اتباعاً للدليل الذي يجب أن ندور معه حيثما دار، وبهذا نقول بداية:

"الأصل في الأشياء الإباحة" ولا يصبح الشيء حراماً إلا بنص صريح صحيح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو"، ولا نجد في نصوص الشريعة ما يحرم الغناء والموسيقى صراحة. لأننا عندما نبحث في نصوص الشريعة نجد أن الذين قالوا بحرمة الموسيقى استدلوا بآية واحدة؛ وجملة من الأحاديث لا يرتقي إلى درجة الصحة فيها إلا حديث واحد، أما الآية فقوله تعالى: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين" قال ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما لهو الحديث هو الغناء، وقد صرح ابن حزمأن رأيهما يخالف رأي عدد من الصحابة، فضلاً عن أن الآية غير صريحة في تحريم الموسيقى، وإنما تتحدث عن لهو الحديث، فلا يمكن أن نتخذها دليلاً على تحريم الموسيقى!! وقد قال ابن حزم رحمه الله تعالى في المحلى عند تعرضه لهذه الآية: "إن من يشتري مصحفاً ليضل به عن سبيل الله ويتخذه هزواً كان كافراً، أما من اشترى لهو الحديث ليتلهى به ويروِّح عن نفسه دون ذمِّ الله عز وجل، فلا بأس في فعله، إلا أن يضيع بلهوه صلاة أو فريضة".

واستدلوا على التحريم بحديث أبي مالك الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ليكونن قوم من أمتي يستحلون الحِر والحرير والخمر والمعازف" والمعازف هي آلات الموسيقى والعزف.

وهذا الحديث في صحيح البخاري، إلا أن من المفيد أن نشير هنا إلى أن الحديث وإن كان في البخاري إلا أنه من معلقاته لا من أحاديثه المسندة المتصلة، ورغم أن الجمهور على أن الحديث صحيح إلا أن سنده لم يسلم من الطعن في بعض رواته، حيث إن الحديث قد ورد من طرق متعددة كلها تدور على راوٍ اسمه"هشام بن عمار"، وهو عالم محدث ومقرئ، إلا أن أبا دواد قال عنه: "حدَّث بأربعمائة حديث لا أصل لها"، وقال الإمام أحمد: "طيَّاش خفيف" ورغم دفاع الذهبي عنه إلا أنه قال: "صدوق مكثر له ما يُنْكَر" وأنكروا عليه أنه لم يكن يحدِّث إلا بأجر. ومن كان هذا شأنه لزم أن لا نحكِّم حديثه في مواطن النـزاع والخلاف، خاصة في أمر تعمُّ به البلوى مثل الموسيقى.

وعلى افتراض صحة الحديث فإنه قد ورد في رواية أخرى عن أبي مالك الأشعري ايضاً دون أن يكون في سندها "هشام بن عمار" بلفظ: "ليشربنَّ أناس من أمتي الخمر يسمُّونها بغير اسمها، يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض، ويجعل منهم القردة والخنازير" وهو حديث صحيح رواه ابن حبان في صحيحه، والبخاري في تاريخه. ويتبين من هذا الحديث أن المعازف ليست محرمة لذاتها وإنما تحريمها لما يرافقها من شرب الخمر.

وأما غير ذلك من الأحاديث التي يتداولها الناس في تحريم الموسيقى والمعازف فلم يثبت منها حديث واحد..

والخلاصة التي يمكن أن نخلص إليها هي أن الموسيقى تكون حراماً إذا كانت مثيرة للغرائز مشجعةً على الحرام، كأن تترافق مع صوت امرأة تخضع بقولها فتفتن الرجال، أو مع حركات مثيرة وكلام فاحش بذيء يدعو إلى الرذيلة ويشجع الخنا ويتغنى بالمنكر، أو يقترن بشرب الخمر أو التبرج والاختلاط الماجن بين النساء والرجال.

أما أن تكون الموسيقى مترافقة مع كلام عادي لا يصادم قيم الإسلام و آدابه، أو كان كلاماً طيباً ودعوة إلى فضائل الأخلاق كالأناشيد الإسلامية التي نسمعها اليوم، فلا بأس بها إن شاء الله، بل ربما يكون وجودها أفضل إذا كان ذلك مما يزيد من تأثير الكلمة في النفس.

ولكننا ندعو مع ذلك إلى الورع في السماع، فالمسلم يترك الكثير مما لا بأس فيه من المباح خوفاً من الوقوع في الحرام، وقد حرَّم الإسلام الغلوَّ والمبالغة في كل شيء، وأنفاس الإنسان معدودة عليه فلننفق الوقت في ذكر الله وقراءة القرآن وسماعه وحضور حلق العلم وسماع المحاضرات النافعة، فذلك خير.

ويبقى بعد كل ذلك أن نقول: "استفت عند السماع قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك" فإن كان الغناء مثيراً للغريزة؛ مغرياً بالفتنة، متجاوزاً حدود الدعوة إلى الفضيلة فتجنبه، وإلا فلا، والله تعالى أعلم

(( 2 ))

السؤال الأول: ما حكم سماع الاغاني وسماع الموسيقى؟

الجواب للداعية عبدالله السليماني

اختلف اهل العلم في الموسيقى واتفقوا على جواز الغناء

بدونها سواء سماه بعضهم غناء او حداء او انشادا او شعرا اذا كان لا يشتمل على

محرم واما اغاني اليوم مع الموسيقى ففيها خلاف فاذا كانت تشتمل على كلمات

فاضلة ومباحة ولا تدعوا الى الفساد والرذيلة فلا بأس بها بعض الاحيان على شرط

ان لا تكون هم الانسان وشغله وتصرفه عن سماع القران والسنة وان لا تشتمل على

محرم بالجملة وهناك ادلة لكل من الفريقين الذين حرموا والذين اباحاوها

والافضل ان الانسان يشغل نفسه بالذكر ولكن في بعض المناسبات كالاعياد والاعراس

لاباس بها وبالاخص للنساء لان طبيعتهم الانثوية تجعلهم احوج من غيرهم لذلك

وعلى العموم المسألة فيها تفصيل طويل وانا قلت المختصر ولمن اراد المزيد زد ناه

ان شاء الله في غير هذا الموضع والله اعلم واستغفره سبحانه من الخطأ

(( 3 ))

سماحة الشيخ،

نرجو منكم التفصيل في بيان حكم سماع الأغاني... بارك الله بكم

--------------------------------------------------------------------------------

الجواب:

بقلم: المستشار الشيخ فيصل مولوي

--------------------------------------------------------------------------------

الحمد الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...

الغناء من الأمور التي وقع فيها خلاف واسع بين الفقهاء.

- فمنهم من قال بتحريمه من حيث الأصل، ويباح في المناسبات مثل الأعراس أو الأعياد أو الختان أو قدوم غائب، واستدلوا على ذلك بالآية الكريمة (ومن الناس من يشري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله) سورة لقمان. وبحديث أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن بيع المغنيات وعن شرائهن وعن كسبهن وعن أكل أثمانهن" أخرجه أحمد وابن ماجة والترمذي. وينسب هذا الرأي إلى عبد الله بن مسعود، وجمهور علماء أهل العراق وأكثر الحنفية وبعض الحنابلة.

- وأكثر العلماء قالوا بكراهته، وهم الشافعية والمالكية وأكثر الحنابلة، لما فيه من اللهو، ولأنه يخل بالمروءة، ولأنه ينبت النفاق في القلب كما يقول الإمام أحمد.

- وذهب بعض المحققين، إلى أن الأصل في الغناء الإباحة، ويكون حراماً إذا صاحبه عارض تحريم، أو يكون مكروهاً إذا صاحبه سبب كراهة، ويكون مطلوباً إذا صاحبه سبب لذلك. واستدلوا بما يلي:

1- لم يثبت أي دليل على تحريم الغناء بالمطلق. فالآية الكريمة (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله) لا يفهم منها تحريم لهو الحديث إلا إذا كان يضل عن سبيل الله، فإذا اعتبرنا أن لهو الحديث هو الغناء، فهو حرام قطعاً إذا كان للإضلال عن سبيل الله، وكذلك كل عمل مشروع يحرم إذا أدى إلى الإضلال. ويفهم من ذلك أن الغناء أو لهو الحديث ليس ممنوعاً إذا لم يؤد إلى الإضلال عن سبيل الله.

وأما حديث أبي أمامة في النهي عن بيع المغنيات وشرائهن وكسبهن وعن أكل أثمانهن، فهو لا يصح عند أهل الحديث، ففي سنده علي بن يزيد، قال البخاري عنه (منكر الحديث) وقال النسائي (ليس بثقة) وقال أبو زرعة (ليس بقوي) وقال الدارقطني (متروك) راجع الموسوعة الفقهية باب استماع الجزء الرابع.

2- وثبت بالنص باباحته من حيث الأصل، وهو حديث عائشة رضي الله عنها المتفق عليه " دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش وحول وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني وقال: مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: دعهما، فلما غفل غمزتهما فخرجتا".

فمن الثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمح بالغناء في بيته، صحيح أن هناك روايات أخرى لهذا الحديث ذكر فيها "دعهما يا أبا بكر، فإن لكل قوم عيد، وهذا عيدنا". وقد استند عليها من يرى حصر اباحة الغناء بالأعياد والمناسبات المماثلة لها. لكن عموم نص الرواية الأولى، تفيد أن الأصل في الغناء الإباحة، وبالتالي فهو لا يحرم أو يكره إلا إذا صاحبه سبب من أسباب التحريم أو الكراهة.

3- القياس الصحيح يقتضي الإباحة. فالغناء صوت جميل موزون، وهو يرجع إلى تلذذ حاسة السمع بما هو مخصوص بها كغيرها من الحواس. والأصل في جميع الحواس إباحة التلذذ إلا إذا صاحبه عارض تحريم. والإنسان بفطرته يتلذذ بأصوات الطيور، وينزعج من أصوات الحمير. ولم يحرم عليه الإستماع إلى أصوات الطيور الجميلة، فينبغي أن لا يحرم عليه صوت إنسان جميل. والقياس الصحيح لا يرى فرقاً بين صوت الطير وصوت الإنسان.

هذا هو رأي عبد الله بن جعفر، وعبد الله بن الزبير، والمغيرة بن شعبة، وأسامة بن زيد، وعمران بن حصين، ومعاوية بن أبي سفيان وغيرهم من الصحابة، وعطاء بن أبي رباح وبعض الحنابلة منهم أبو بكر الخلال، وصاحبه أبو بكر عبد العزير، والغزالي من الشافعية بالإضافة إلى شيخ الظاهرية ابن حزم.

ومقتضى هذا الرأي أن الغناء المباح من حيث الأصل:

أ- يصبح حراماً:

- إذا صاحبه منكر كشرب الخمر أو الإختلاط الماجن.

- إذا كان الكلام فيه فاحشاً أو محرماً أو كذباً، كالغزل أو التشجيع على الحرام أو إشاعة المنكر.

- إذا خشي أن يؤدي إلى حرام كتهيج الشهوة.

- إذا خشي أن يؤدي إلى تعطيل واجبات شرعية أخرى كالصلاة وغيرها.

ب- ويكون مكروهاً:

- إذا صاحبه مكروه، كغناء المرأة أمام الرجال، هذا إذا لم يؤد إلى تهيج الشهوة والفتنة، فإذا أدى إلى ذلك فهو حرام.

- إذا خشي أن يؤدي إلى فوات سنن ومستحبات كقيام الليل ونحو ذلك.

ج- ويكون مطلوباً:

- إذا كان فيه تحريك للعواطف وتشجيع على الخير، كالغناء الحماسي الذي يحرك العواطف للجهاد ومقاتلة الأعداء، أو الأناشيد الدينية التي ترقق المشاعر وتمجد الله تعالى وتوحده، وتمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشجع على طاعة الله. ما لم يكن فيها كلام منكر.

رابط هذا التعليق
شارك

خف ربك ايها الصديق علمنا متشددون هداك الله نحن أهل السنة والجماعة العلم ولله الحمد من عندنا ياخي بالعقل هل تري ان الأغاني فيها منفعة بل هي الفساد نحن لسنا مطوعة بس اننا نعرف ان الأغاني حرام بل الصغير والكبير والجاهل يعرف أن الأغاني حرام هل أنت أعلم من ابن باز وأبن عثمين رحمهم الله بل هم علما هذه الآمة في عصرهم

لا قل أن التدخين حلالا لا قل أقول الله يهديك لنفسك أرجع الى الآحدايث والسلف وأنظر بنفسك جب واحد من علما هذه البلد الطيبة يقول أن الأغاني حلال اتحدك والله أتحدك

رابط هذا التعليق
شارك

((4 ))

سماع الأغاني س: يحرم بعض الناس سماع الأغاني -أيًا كان لونها- مستدلين بقوله تعالىsad.gif ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوًا أولئك لهم عذاب مهين) . واحتجوا بأن بعض الصحابة قالوا: إن لهو الحديث في الآية هو الغناء، كما يحتجون بآية أخرى هي قوله تعالىsad.gifوإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه) والغناء من اللغو فهل هذا الاستدلال بالآيتين صحيح؟ وما رأيكم في سماع الأغاني؟ أفتونا في هذه المسألة الخطيرة، فإن الناس تنازعوا تنازعًا شديدًا وفي حاجة إلى حكم بيِّن وقول فصل، ولكم منا الشكر ومن الله الثواب .

ج:

أبي الوفاء محمد درويش

مسألة الغناء بآلة (أي مع الموسيقى) وبغير آلة، مسألة ثار فيها الجدل بين فقهاء المسلمين منذ الأعصر الأولى ، فاتفقوا في مواضع، واختلفوا في أخرى . اتفقوا على تحريم كل غناء يشتمل على فحش أو فسق أو تحريض على معصية، إذ أن الغناء ليس إلا كلامًا فحسنه حسن وقبيحه قبيح. وكل قول يخالف أدب الإسلام فهو حرام ، فما بالك إذا اجتمع له الوزن والنغم وقوة التأثير؟ واتفقوا على إباحة ما خلا من ذلك في مواطن السرور المشروعة كالعرس، وقدوم الغائب وأيام الأعياد، وقد وردت في ذلك نصوص صحيحة صريحة . واختلفوا فيما عدا ذلك اختلافًا بينًا، فمنهم من أجاز كل غناء بآلة وبغير آلة بل اعتبره مستحبًا، ومنهم من منعه بآلة وأجازه بغير آلة، ومنهم من منعه منعًا باتًا، بل عده حرامًا. والذي نفتي به ونطمئن إليه من بين تلك الأقوال: إن الغناء -في ذاته- حلال فالأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نص صحيح بحرمتها، وكل ما ورد في تحريم الغناء فهو إما صريح غير صحيح أو صحيح غير صريح. ومن ذلك الآيتان المذكورتان في السؤال. فأما الآية الأولى (ومن الناس من يشتري لهو الحديث)لقمان:6 الخ . فقد استدل بها بعض الصحابة والتابعين على حرمة الغناء وخير جواب لنا عن تفسيرهم هذا ما ننقله عن الإمام ابن حزم في المحلى: قال: لا حجة في هذا لوجوه: أحدهما أنه لا حجة لأحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم. والثاني أنه قد خالفهم غيرهم من الصحابة والتابعين.والثالث أن نص الآية يبطل احتجاجهم، لأن الآية بها وصف (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم، ويتخذها هزوًا) وهذه صفة من فعلها كان كافرًا بلا خلاف، ولو أن امرءاً اشترى مصحفًا ليضل به عن سبيل الله ويتخذها هزوًا لكان كافرًا، فهذا هو الذي ذمه الله تعالى، وما ذم قط عز وجل من اشترى لهو الحديث ليتلهى به، ويروح نفسه، لا ليضل عن سبيل الله تعالى. وكذلك من اشتغل عن الصلاة عامًدا بقراءة القرآن أو بقراءة السنن أو بحديث يتحدث به أو بغناء أو بغير ذلك فهذا فاسق عاص لله تعالى، ومن لم يضيع شيئًا من الفرائض اشتغالا بما ذكرنا فهو محسن. أهـ . وأما الآية الثانية (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه)القصص:55 فالاستدلال بها على حرمة الغناء غير سليم أيضا، فإن الظاهر من الآية أن اللغو هو سفه القول من السب والشتم ونحو ذلك. وبقية الآية تنطق بذلك، قال تعالى (وإذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم . سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) فهي شبيهة بقوله تعالى في عباد الرحمنsad.gifوإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا) . ولو سلمنا أن اللغو في الآية يشمل الغناء لوجدنا الآية تستحب الأعراض عن سماعه وتمدحه وليس فيها ما يوجب ذلك. وكلمة اللغو ككلمة الباطل تعني ما لا فائدة فيه، وسماع ما لا فائدة فيه ليس محرمًا ما لم يضيع حقًا أو يشغل عن واجب. روي عن ابن جريج أنه كان يرخص في السماع فقيل له : أيؤتى به يوم القيامة في جملة حسناتك أو سيئاتك؟ فقال: لا في الحسنات ولا في السيئات لأنه شبيه باللغو، وقال تعالىsad.gifلا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم). قال الإمام الغزالي:"إذا كان ذكر اسم الله تعالى على الشيء عن طريق القسم من غير عقد عليه ولا تصميم والمخالفة فيه على أن لا فائدة فيه-لا يؤاخذ به، فكيف يؤاخذ بالشعر والرقص؟" على أنا نقول: ليس كل غناء لغوًا، أنه يأخذ حكمه وفق نية صاحبه، فالنية الصالحة تجعل اللهو قربة والمزح طاعة، والنية الخبيثة تحبط العمل الذي ظاهره العبادة وباطنه الرياء (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم) وننقل هنا كلمة جيدة قالها ابن حزم في المحلى ردًا على الذين يمنعون الغناء قال:"واحتجوا فقالوا: أمن الحق الغناء أم من غير الحق؟ ولا سبيل إلى قسم ثالث" وقد قال الله تعالى(فماذا بعد الحق إلا الضلال) الفرقان:63 فجوابنا وبالله التوفيق: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالsad.gif إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل أمرئ ما نوى) فمن نوى باستماع الغناء عونًا على معصية الله تعالى فهو فاسق، وكذلك كل شيء غير الغناء، ومن نوى به ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله عز وجل، وينشط نفسه بذلك على البر فهو مطيع محسن، وفعله هذا من الحق. ومن لم ينو طاعة ولا معصية فهو لغو معفو عنه كخروج الإنسان إلى بستان متنزهًا ، وقعوده على باب داره متفرجًا وصبغة ثوبه لازورديًا أو أخضر أو غير ذلك، ومد ساقه وقبضها وسائر أفعاله . (المحلى) وأما الأحاديث التي استدل بها المحرمون فكلها مثخنة بالجراح، لم يسلم منها حديث دون طعن في ثبوته أو دلالته أو فيهما معًا. قال القاضي أبوبكر بن العربي في كتابه "الأحكام": لم يصح في التحريم شيء، وكذا قال الغزالي وابن النحوي في العمدة، وقال ابن حزم: كل ما روي فيها باطل موضوع. وإذا سقطت أدلة التحريم بقي الغناء على الإباحة الأصلية، فكيف وقد جاءت نصوص ثابتة تفيد حل الغناء. نكتفي منها بما ورد في الصحيحين أن أبا بكر دخل على النبي في بيت عائشة وعندها جاريتان تغنيان فانتهرهما أبو بكر وقال: أمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال النبي عليه السلام: (دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد) ولم يرد ما ينهى عن الغناء في غير العيد، وإنما المعنى أن العيد من المواطن التي يستحب فيها إظهار السرور بالغناء وغيره من اللهو البريء . ولكن لا ننسى في ختام هذه الفتوى أن نضيف إليها قيودًا لابد من مراعاتها: ( أ ) فلابد أن يكون موضوع الأغنية مما يتفق وتعاليم الإسلام وآدابه.. فالأغنية التي تقول: "الدنيا سيجارة و كأس" مخالفة لتعاليم الإسلام الذي يجعل الخمر رجسًا من عمل الشيطان ويلعن شارب "الكأس" وعاصرها وبائعها وحاملها وكل من أعان فيها بعمل. والأغنية التي تمجد صاحب "صاحبة العيون الجريئة" أغنية تخالف أدب الإسلام الذي ينادي كتابه: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم)، (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن)..ويقول رسول الله: (يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وعليك الثانية) وهكذا .. (ب) ثم إن طريقة الأداء لها أهميتها، فقد يكون الموضوع لا بأس به، ولا غبار عليه، ولكن طريقة المغني أو المغنية في آدائه بالتكسر في القول، وتعمد الإثارة، والقصد إلى إيقاظ الغرائز الهاجعة، وإغراء القلوب المريضة -ينقل الأغنية من دائرة الحلال إلى دائرة الحرام من مثل ما يسمعه الناس ويطلبه المستمعون والمستمعات من الأغاني التي تصرخ بـ "ياه" و "يوه" "ييه" الخ. ولنذكر قول الله لنساء النبي: ( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض). (جـ) هذا إلى أن الدين حرم الغلو والإسراف في كل شيء حتى في العبادة، فما بالك بالإسراف في اللهو وشغل الوقت به ولو كان مباحًا، أن هذا دليل على فراغ القلب والعقل من الواجبات الكبيرة والأهداف العظيمة، ودليل على إهدار حقوق أخرى كان يجب أن تأخذ حظها من وقت الإنسان المحدود، وما أصدق وأعمق ما قاله ابن المقفع: "ما رأيت إسرافًا إلا وبجانبه حق مضيع". ( د ) على أن المستمع -بعد الحدود التي ذكرناها- يكون فقيه نفسه، فإذا كان الغناء أو نوع خاص منه يستثير غريزته، ويغريه بالفتنة ويسبح به في شطحات الخيال الحسي فعليه أن يتجنبه ويسد الباب الذي تهب منه رياح الفتنة على قلبه ودينه وخلقه فيستريح ويريح. ولا ريب أن هذه القيود قلما تتوافر جميعًا في أغاني هذا العصر بكمها وكيفها وموضوعها وطريقة أدائها والتصاقها بحياة أقوام بعيدين كل البعد عن الدين وأخلاقياته و مثله. فلا ينبغي للمسلم التنويه بهم، والمشاركة في نشر ذكرهم، وتوسيع نطاق تأثيرهم إذ به يتسع نطاق إفسادهم. ولهذا كان الأولى بالمسلم الحريص على دينه أن يأخذ بالعزيمة لنفسه وأن يتقي الشبهات وينأى بنفسه عن هذا المجال الذي يصعب التخلص فيه من شائبة الحرام إلا ما ندر. ومن أخذ بالرخصة فليتحر لنفسه وليتخير ما كان أبعد عن مظان الإثم ما استطاع، وإذا كان هذا في مجرد (السماع) فإن الأمر في (الاحتراف) بالغناء يكون أشد وأخوف، لأن الإندماج في البيئة "الفنية" كما تسمى خطر شديد على دين المسلم يندر من يخرج منه سالمًا معافى.. وهذا في الرجل، أما المرأة فالخطر منها وعليها أشد، ولذا فرض الله تعالى عليها من التصون والتحفظ والاحتشام في لبسها ومشيتها وكلامها ما يباعد الرجال من فتنتها وما يباعدها من فتنة الرجال ويحميها من أذى الألسن وشره الأعين وطمع القلوب المريضة كما قال تعالى: (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) وقال: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) . واحتراف المرأة المسلمة للغناء يعرضها لأن تَفتن أو تُفتن ويورطها في محرمات قلما تستطيع التغلب عليها من الخلوة بالأجنبي للتلحين أو التسجيل أو التعاقد أو غيرها، ومن الاختلاط بالرجال الأجانب عنها اختلاطًا لا تقره الشريعة، بل الاختلاط بالنساء المتبرجات "المتحررات" من المسلمات بالوراثة ومن غير المسلمات هو محرم أيضًا

--------------------------------------------------------------------------------

مركز معلومات أنصار السنة المحمدية 1422هـ - 1424هـ

(( 5 ))

أنواع الفنون الاسلامية الفنون السمعية

--------------------------------------------------------------------------------

التقسيم ( ترتيل - موسيقى - غناء):

تنقسم الفنون السمعية عند مختلف علماء المسلمين سواء السلف منهم أو المعاصرون إلى 3 فروع:

* فرع يتعلق بالصوت الخاص أو ما يسميه الغرب: الموسيقى، وهو بمثابة ترجمة لرؤية معرفية خاصة بكل شعب أو بكل حضارة في شكل طبقات صوتية ومدد إيقاعية متفاوتة.

والفرع الثاني يتعلق بإضافة الصوت البشري من خلال عنصر الأداء والإحساس إلى الطبقات والمدد الإيقاعية المنغمة ليحدث ما تعارف الناس على تسميته بالغناء.

والفرع الثالث هو فرع خاص بالمسلمين، وهو تلاوة القرآن وتجويده، أي أداء الواجب الديني العبادي بصوت حسن مرخم منغم عملاً بالحديث الشريف "زينوا القرآن بأصواتكم" وبالحديث الشريف الآخر "لكل شيء حلية، وحلية القرآن الصوت الحسن".

وقد قال رجل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "حبب إلي الصوت الحسن فهل في الجنة صوت حسن؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إي والذي نفسي بيده، إن الله تعالى ليوحي إلى شجرة في الجنة أن أسمعي عبادي الذي اشتغلوا بعبادتي عن عزف البرابط والمزامير فترفع صوتًا لم تسمع الخلائق مثله في تسبيح الرب وتقديسه".

الحديث الشريف السابق يوضح أن الصوت الحسن من نعم الله على العباد في الدنيا وفي الآخرة، بل إن من يشتغل عن العزف في الدنيا سيسمع في الآخرة صوتا لم يسمع بمثله في تسبيح الرحمن وتقديسه.

وإشكالية الفنون السمعية عند المسلمين إشكالية محلولة فعلاً مطروحة قولاً، فالغناء والموسيقى فعل حضاري معبّر عن الرؤية المعرفية للأمة، أمر مستمر ولا يحتاج لتدليل أو لبيان، أما اختلاف الفقهاء -وهو رحمة للعباد- فهو اختلاف تفصيلي يربط أحيانا بين السماع واللهو والإعراض عن ذكر الله، ومن ثَم يأتي النهي عنه من خلال باب سد الثغرات ودرء الشبهات.

وفي القرآن الكريم الكثير من الآيات البينات التي توضح أهمية الصوت الحسن وتأثيره في البشر والجن على حد سواء؛ ففي سورة الجن يقول الله تعالى: "قل أوحي إليَّ أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنَّا سمعنا قرآنًا عجبًا* يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدًا" (الجن:1-2) كان سماع القرآن هو سبيل الهداية، ويدعو القرآن إلى ترتيل القرآن فيقول تعالى في سورة المزمل: "يا أيها المزمل* قم الليل إلا قليلا* نصفه أو انقص منه قليلا* أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً" (المزمل:1-4).

القرآن الكريم كنسق نموذجي:

فالقرآن الكريم هو النسق النموذجي للفنون السمعية، مثلما هو النموذج الأول الذي يُحتذى دائما في أنواع الفنون الأخرى كافة.

ويرى السهروردي أن السماع الحق هو سماع القرآن؛ حيث يفسر الآية الكريمة "وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق" (المائدة:83) بأن هذا هو السماع الحق الذي لا يختلف فيه اثنان من أهل الإيمان، وهو السماع المحكوم لصاحبه بالهداية واللب.

وروي أن عمر -رضي الله عنه- كان ربما مر بآية في ورده فتخنقه العبرة ويسقط ويلزم البيت اليوم واليومين حتى يعاد ويحسب مريضًا، فالسماع يستجلب الرحمة من الله الكريم، والأصل عندنا أن الجمال والحسن يستنطق المرء بالتسبيح، فكيف لو كان الحسن في صوت يرتل القرآن أو يجوده.

القرآن إذن نموذج أوليّ للفنون السمعية ويحتذيه الفنان لو أراد أن يخرج فنًا صوتيًا أو سمعيًا راقيًا يؤثر في القلب ويدعو إلى العبادة، وليس من قبيل المصادفة أن نجد أن أساطين المغنين والموسيقيين قديمًا وحديثًا قد حفظوا القرآن وجوّدوه واستفادوا من ذلك؛ ونذكر على سبيل المثال لا الحصر من العصر الحديث: أم كلثوم سيدة وقيثارة الغناء العربي، والشيوخ أبو العلا محمد، وسيد درويش، وزكريا أحمد، وسيد مكاوي وغيرهم.

إن التمكن من ترتيل وتجويد القرآن يعطي الموسيقيَّ أسرار الموسيقى العربية التي تمثل التعبير الصوتي عن الرؤية المعرفية الخاصة بالأمة، هذا التعبير الذي يتجلى أساسا في صوتيات علوم القرآن.

والموسيقى العربية مثلها مثل أي نوع من أنوع الموسيقى في العالم تمثل هوية خاصة تعكس الخصائص الجوهرية للأمة التي تؤديها. والمسلمون بصفة خاصة نموذجهم الأوليّ الذي تنبع منه كافة الفنون الصوتية الأخرى، مثل الأذان وتراتيل الحج وغيرها هو القرآن.

وما يميز الفنون السمعية عند العرب اقترانها بالفعل الحياتي دائما، فالموسيقى والغناء والحداء والنصيب والنشيد والأذان والترتيل وغير ذلك من أشكال الفنون السمعية هو مظهر من مظاهر الفعل الحياتي للإنسان المسلم.

ويُروى عن الرسول أنه قال لأنجشة وهو يحدو بأمهات المؤمنين بصون حسن: "رفقا بالقوارير". والحداء هو قيادة العير مع التنغيم والتلحين بصوت حسن وفي إيقاع منتظم يشنف الآذان ويطرب القلوب.

الخصائص الإسلامية للفنون السمعية:

والفنون السمعية الإسلامية مثلها مثل الفنون الإسلامية الأخرى تفي بالشروط الأخرى، وتتسم بنفس السمات التي تميز غيرها من الفنون التي وسمناها بسمة الإسلامية، فالفن السمعي الحياتي الذي يؤدي دورًا حياتياً عند المسلمين مرغوب ومطلوب، يقول ابن القيسرواني: إن باب السماع لا يمكن البت فيه، وكل ما نفع المسلمين فهو حلال مباح، ويرى ابن حجر الهيثمي أن السماع ثلاثة أقسام: سماع العوام وهو حرام لأنه رذيلة لا تفيد، وسماع الزهاد وهو مباح لحصول المجاهدة، وسماع العارفين وهو مستحب لحياة قلوبهم، وهنا نراه يربط بين السماع وبين درجات التقوى ومعرفة الله سبحانه، فهو في هذا يسير في نهج أن الحُسن يستنطق اللسان بالتسبيح.

الصفة الأولى وهي صفة الحياتية تتجلى في مظاهر كثيرة، منها: أغاني الحرفيين وأناشيد العاملين والطوائف وأغاني المناسبات، وقد حض الرسول -عليه السلام- على إحياء الأفراح بالأناشيد والأغاني. ولا يتوقف الأمر عند هذا، بل إن الأعياد والمناسبات الدينية كانت لها أغانيها الخاصة وأهازيجها المناسبة، وهكذا لعبت الفنون السمعية دوراً هامًا، وما زالت في حياة الأمة الإسلامية.

والصفة الثانية وهي التركيبية تتجلى أساسا في عملية رؤية المقامات العربية والشرقية بصفة عامة بوصفها سلالم مركبة، فالموسيقى الشرقية ليست وحدات بسيطة وإنما هي وحدات معقدة في ذاتها، والمزاج الشرقي يتوافق مع هذه الوحدات ومع رؤيتها الصوتية للكون التي تخالف في الأساس الرؤية الغربية.

ويرى الفلاسفة المسلمون أن للغناء فضيلة تتجاوز المنطق ويتعذر عليه إظهارها كما يقول أبو حيان التوحيدي، وأن الموسيقى تحرك فضائل النفس وتدعو للفضيلة والحب الإلهي والمناجاة.

والدراسات العربية في مجال الموسيقى وعلم الأصوات كثيرة وعديدة، وكلها تدلنا على أن العرب قد تبحروا في هذا الموضوع ودرسوه دراسة علمية بغرض النفع والانتفاع والاستبصار.

ما نخلص له هو أن الفنون السمعية عند المسلمين مثل غيرها من الفنون تتميز بصفات الحياتية والتركيبية والدعوة للعبادة.

وأن الاستمتاع بما أحل الله مرخص عند كل الفقهاء، وأن تحريم السماع أو الموسيقى إنما هو مرتبط بباب سد الثغرات عند بعض الفقهاء، حيث إن الأصل في الأشياء الإباحة.

وفي هذا الصدد لا بد أن نفهم الإطار الحياتي للعمل الفني الصوتي أو هندسة الصوت كما يسميها الدكتور "إسماعيل راجي الفاروقي" وكيف تنسج الموسيقى مع المناسبة التي تعزف فيها.

وما هو دور الموسيقى الدينية والموسيقى الفلكلورية والموسيقى التقليدية في المناسبات، وكيف تنسجم مع الأداء والمؤدين وتأثيرها في الجمهور الواسع، وكيف تأثرت بهذه الموسيقى شعوب غير عربية، نظراً لأن الإسلام نقل معه التقاليد الجمالية المنتمية للعربية كلغة حضارية.

إن فهم الموسيقى والفنون السمعية لا بد وأن يركز على الثوابت كما يركز على المتغيرات لفهم الكل الموسيقي وليس بعضه.

أحكام السماع:

ولو تكلمنا عن حكم الغناء في صدر الإسلام، سنجد اختلاف مواقف الفقهاء تبعاً لموطنهم، فأهل العراق كانوا أهل غلظة وتشدد يحرمون الغناء، بينما كان أهل الحجاز أهل تحضر ومدنية يبيحونه.

هنا سنجد ربطًا موضوعيًا بين المكان والرؤية المعرفية التي تنعكس في رؤية الحكم الفقهي، وكذلك الزمان، فحين يقول العرب: أهل العراق أهل غلظة وتشدد إنما يعنون الثغور الجديدة التي أنشأها المسلمون في الكوفة وغيرها، بينما أهل الحجاز هم أهل التحضر الذي انطلق إسلاميًا بعد بعثة الرسول -عليه الصلاة والسلام-.

إن الغناء في العصر الجاهلي لم يكن مزدهرًا، فقد كان محصوراً في أراجيز قليلة تُؤدى على وتيرة واحدة بلا هدف والدرجات الصوتية فيه محدودة، وحدث ازدهار الموسيقى مع الحضارة الإسلامية. والعصر العباسي والعصر الفاطمي هما أزهى عصور الحضارة الإسلامية فيما يتعلق بالغناء والفنون السمعية، بل لقد انحدرت الموسيقى مع انهيار الحضارة الإسلامية بعد العصر الفاطمي.

ويمكن تصنيف الفنون السمعية تصنيفًا هرميًا يأتي على قمته الترتيل القرآني باعتباره المعيار والنموذج الأوليّ الذي أدى إلى توحد في سمات البنية العامة للفنون السمعية الإسلامية، ومن ثم انعكس هذا في أنماط الأداء المنتشرة في كافة بلدان الأمة الإسلامية، بل وأثر هذا النمط في البلاد التي تبعد عن هذه الأمة أو التي تخالطها.

ويتضمن هذا التقسيم بُعدًا معرفيًا هامًا هو أثر عقيدة التوحيد من خلال كلام الله في الحياة الصوتية للأمة وكيف يوجهها وجهة عقدية عبادية.

ويقرر السهروردي أن سماع القرآن هو السماع الحق الذي يستجلب الرحمة من الله الكريم ويملأ القلب بالهدى واليقين. ثم يحدثنا عن حكمة الاختلاف في حكم الغناء والسماع. ويسوق رأي الشيخ أبي طالب المكي الذي يرى أن السماع فيه حرام وحلال وشبهة، فمن سمعه بنفس مشاهدة شهوة وهوى فهو حرام، ومن سمعه بمعقوله على صفة مباح من جارية أو زوجة كان شبهة لدخول اللهو فيه، ومن سمعه بقلب يشاهد معاني تدله على الدليل ويشده إلى الجليل فهو مباح. ببساطه يرى الشيخ أبو طالب أن السماع فعل إنساني مركب مثله مثل أي فعل إنساني وفيه كل وجوه الفعل الإنساني، فمتى كان عباديا كان حلالاً ومتى كان شهويًا دنسًا كان حرامًا.

الأساس أن القرآن هو النموذج الأوليّ لكل الفنون السمعية الإسلامية، حيث إن كلام الله نزل بالعربية والقرآن هو الحقيقة المركزية في حياة المسلم.

ويوضح الإمام أبو حامد الغزالي أن السماع فعل إنساني تركيبي ينطبق عليه حكم الفعل الإنساني المركب من حيث إن الغرض هو الذي يحلّه أو يحرّمه.

والقرآن شرع ونموذج للحضارة في آن. إن القرآن يدعو إلى النطق به وترتيله في آيات بينات كثيرة، والقرآن بالنسبة للمسلمين هو صوت الآيات المنطوقة وليس مجرد النص المكتوب كما يفهم الغربيون.

ويقسم أبو القاسم الجنيد السماع على أساس السامعين، ومن ثم يحرمه على العوام ذوي النفوس الدنيئة، وسماع الزهاد المباح لحصول المجاهدة، وسماع العارفين المستحب. ويورد الهيثمي رأيًا يقول فيه: إن المغني مردود الشهادة، وإن الدف حلال والطبول كذلك وباقي آلات الموسيقى حرام.

بينما يرى الشوكاني أن اللهو والمعازف حرام، ويحل ضرب النساء بالدف لاستقبال الغائب. ويقول ابن القيسروني: إنه لا يمكن الإفتاء في هذه المسألة بحظر ولا إباحة، بل ويذهب إلى أن ضرب الدف سنة؛ ويورد أحاديث تؤيد السماع، وأحاديث تدعو إلى إحياء الزفاف ببعض الغناء أو الدف، ولا يذكر روايات تنهى عنه.

ومثله مثل العديد من الفقهاء يرى ابن تيمية السماع في إطاره الحياتي التركيبي، ومن ثم فمنه الحلال، ومنه الحرام، ومنه ما تخالطه الشبهة، ومنه المستحب.

وهذه الأحكام كلها توضح رأينا في أن الفنون السمعية مثلها مثل سائر الفنون الإسلامية أعمال حياتية تركيبية عبادية، ومن ثَم فهي حلال، وإلا دخلت في الشبهات وصارت أحيانًا من المحرمات.

ويؤكد الأستاذ محمد الغزالي على أن الغناء ليس محرمًا ويستدل على ذلك بأقوال ابن حزم التي يدحض فيها بعض الآراء التي تحرم الغناء استنادًا على أحاديث يرى ابن حزم أنها غير صحيحة.

ويقسم الشيخ الغزالي الغناء إلى 7 أصناف غير محرمة لأنها لأغراض حميدة وهي: إلهاب الشوق لزيارة الأماكن المقدسة، وإثارة الحميّة للقتال، ووصف المعارك وتثبيت الرجال، والرثاء، ووصف ساعات الرضا والسرور، والغزل الشريف، ووصف الأمجاد الإلهية.

وخلاصة القول في السماع: هو أنه لم يرد نصّ في الكتاب ولا في السنة في تحريم سماع الغناء أو آلات اللهو ويحتج بما ورد في الصحيح أن الرسول وكبار الصحابة قد سمعوا أصوات الجواري والدفوف بلا نكير وأن الأصل في الأشياء الإباحة، وكل ضار في الدين أو العقل أو النفس أو المال أو العرض فهو من المحرم ولا محرم غير ضار، فمن علم أو ظن أن السماع يجر به لمحرم حرم عليه

رابط هذا التعليق
شارك

(( 6 ))

د. يوسف القرضاوي

الغناء في الإسلام

ما حكم الإسلام في الغناء والموسيقى؟

سؤال يتردد على ألسنة كثيرين في مجالات مختلفة وأحيان شتى.

سؤال اختلف جمهور المسلمين اليوم في الإجابة عليه، واختلف سلوكهم تبعاً لاختلاف أجوبتهم، فمنهم من يفتح أذنيه لكل نوع من أنواع الغناء، ولكل لون من ألوان الموسيقى مدعياً أن ذلك خلال طيب من طيبات الحياة التي أباح الله لعباده.

ومنهم من يغلق الراديو أو يغلق أذنيه عند سماع أية أغنية قائلاً: إن الغناء مزمار الشيطان، ولهو الحديث ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة وبخاصة إذا كان المغِّنى امرأة، فالمرأة ـ عندهم ـ صوتها عورة بغير الغناء، فكيف بالغناء؟ ويستدلون لذلك بآيات وأحاديث وأقوال.

ومن هؤلاء من يرفض أي نوع من أنواع الموسيقى، حتى المصاحبة لمقدمات نشرات الأخبار.

ووقف فريق ثالث متردداً بين الفريقين؛ ينحاز إلى هؤلاء تارة، وإلى أولئك طوراً، ينتظر القول الفصل والجواب الشافي من علماء الإسلام في هذا الموضوع الخطير، الذي يتعلق بعواطف الناس وحياتهم اليومية، وخصوصاً بعد أن دخلت الإذاعة ـ المسموعة والمرئية ـ على الناس بيوتهم، بجدها وهزلها، وجذبت إليها أسماعهم بأغانيها وموسيقاها طوعا وكرها.

والغناء بآلة ـ أي مع الموسيقى ـ ويغير آلة: مسألة ثار فيها الجدل والكلام بين علماء الإسلام منذ العصور الأولى، فاتفقوا في مواضع واختلفوا في أخرى.

اتفقوا على تحريم كل غناء يشتمل على فحش أو فسق أو تحريض على معصية، إذ الغناء ليس إلا كلاماً، فحسه حسن، وقبيحه قبيح، وكل قول يشتمل على حرام فهو حرام، فما بالك إذا اجتمع له الوزن والنغم والتأثير؟

واتفقوا على إباحة ما خلا من ذلك من الغناء الفطري الخالي من الآلآت والإثارة، وذلك في مواطن السرور المشروعة، كالعرس وقدوم الغائب، وأيام الأعياد، ونحوها بشرط ألا يكون المغنى امرأة في حضرة أجانب منها.

وقد وردت في ذلك نصوص صريحة ـ سنذكرها فيما بعد.

اختلفوا فيما عدا ذلك اختلافاً بيناً: فمنهم من أجاز كل غناء بآلة وبغير آلة، بل اعتبره مستحباً، ومنهم من منعه بآلة وأجازه بغير آلة، ومنهم من منعه منعاً باتاً بآلة وبغير آلة، وعده حراماً، بل ربما ارتقى به إلى درجة الكبيرة.

ولأهمية الموضوع نرى لزاما علينا أن نفصل فيه بعض التفصيل، ونلقى عليه أضواء كاشفة لجوانبه المختلفة، وحتى يتبين المسلم الحلال فيه من الحرام، متبعاً للدليل الناصع، لا مقلداً قول قائل، وبذلك يكون على بينة من أمره، وبصيرة من دينه.

الأصل في الأشياء والإباحة:

قرر علماء الإسلام أن الأصل في الأشياء الإباحة لقوله تعالى: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً) (سورة البقرة/29)، ولا تحريم إلا بنص صحيح صريح من كتاب الله تعالى، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو إجماع ثابت متيقن، فإذا لم يرد نص ولا إجماع. أو ورد نص صريح غير صحيح، أو صحيح غير صريح، بتحريم شئ من الأشياء، لم يؤثر ذلك في حله، وبقى في دائرة العفو الواسعة، قال تعالى: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) (سورة الأنعام/ 119).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينْسى شيئاً"، وتلا: (وما كان ربك نسياً) (سورة مريم/ 64) رواه الحاكم عن أبي الدرداء وصححه، وأخرجه البزار.

وقال: "إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدوداً فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها" أخرجه الدار قطني عن أبي ثعلبة الخشني.

وحسنه الحافظ أبو بكر السمعاني في أماليه، والنووى في الأربعين.

وإذا كانت هذه هي القاعدة فما هي النصوص والأدلة التي استند إليها القائلون بتحريم الغناء، وما موقف المجيزين منها؟

أدلة المحرمين للغناء ومناقشتها:

أ_ استدل المحرمون بما روى عن ابن مسعود وابن عباس وبعض التابعين: أنهم حرموا الغناء محتجين بقول الله تعالى: (ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين) (سورة لقمان/ 6) وفسروا لَهْو الحديث بالغناء.

قال ابن حزم: ولا حجة في هذا لوجوه:

أحدها: أنه لا حجة لأحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والثاني: أنه قد خالفهم غيرهم من الصحابة والتابعين.

والثالث: أن بعض الآية يبطل احتجاجهم بها؛ لأن الآية فيها: (ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا) وهذه صفة من فعلها كان كافراً بلا خلاف، إذ اتخذ سبيل الله هزوا.

ولو أن امرأ اشترى مصحفاً ليضل به عن سبيل الله ويتخذه هزوا لكان كافراً! فهذا هو الذي ذم الله تعالى، وما ذم قط عز وجل من اشترى لهو الحديث ليتلهى به ويروح نفسه لا ليضل عن سبيل الله تعالى. فبطل تعلقهم بقول كل من ذكرنا وكذلك من اشتغل عامداً عن الصلاة بقراءة القرآن أو بقراءة السنن، أو بحديث يتحدث به، أو بنظر في ماله أو بغناء أو بغير ذلك، فهو فاسق عاص لله تعالى، ومن لم يضيع شيئاً من الفرائض اشتغالاً بما ذكرنا فهو محسن1. أ ه‍.

ب_ واستدلوا بقوله تعالى في مدح المؤمنين: (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه) (سورة القصص/55) والغناء من اللغو فوجب الإعراض عنه.

ويجاب بأن الظاهر من الآية أن اللغو: سفه القول من السب والشتم ونحو ذلك، وبقية الآية تنطق بذلك. قال تعالى: (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) (سورة القصص/ 55)، فهي شبيهة بقوله تعالى في وصف عباد الرحمن: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) (سورة الفرقان/ 63).

ولو سلمنا أن اللغو في الآية يشمل الغناء لوجدنا الآية تستحب الإعراض عن سماعه وتمدحه، وليس فيها ما يوجب ذلك.

وكلمة اللغو ككلمة الباطل تعنى ما لا فائدة فيه، وسماع ما لا فائدة فيه ليس محرماً ما لم يضيع حقاً أو يشغل عن واجب.

روى عن ابن جريج أنه كان يرخص في السماع فقيل له: أيؤتى به يوم القيامة في جملة حسناتك أو سيئاتك؟ فقال: لا في الحسنات ولا في السيئات؛ لأنه شبيه باللغو، قال تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) (سورة البقرة/225، سورة المائدة/ 89).

قال الإمام الغزالي: (إذا كان ذكر اسم الله تعالى على الشيء على طريق القسم من غير عقد عليه ولا تصميم، والمخالفة فيه، مع أنه لا فائدة فيه، لا يؤاخذ به، فكيف يؤاخذ بالشعر والرقص؟!2.

على أننا نقول: ليس كل غناء لغوا؛ إنه يأخذ حكمه وفق نية صاحبه، فالنية الصالحة تحيل اللهو قربة، والمزح طاعة، والنية الخبيثة تحبط العمل الذي ظاهره العبادة وباطنه الرياء: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"3.

ج‍_ واستدلوا بحديث: "كل لهو يلهو به المؤمن فهو باطل إلا ثلاثة: ملاعبة الرجل أهله، وتأديبه فرسه، ورميه عن قوسه" رواه أصحاب السنن الأربعة، وفيه اضطراب، والغناء خارج عن هذه الثلاثة.

وأجاب المجوزون بضعف الحديث، ولو صح لما كان فيه حجة، فأن قوله: "فهو باطل" لا يدل على التحريم بل يدل على عدم الفائدة. فقد ورد عن أبي الدرداء قوله: إني لأستجم نفسي بالشيء من الباطل ليكون أقوى لها على الحق. على أن الحصر في الثلاثة غير مراد، فإن التلهي بالنظر إلى الحبشة وهم يرقصون في المسجد النبوي خارج عن تلك الأمور الثلاثة، وقد ثبت في الصحيح. ولاشك أن التفرج في البساتين وسماع أصوات الطيور، وأنواع المداعبات مما يلهو به الرجل، لا يحرم عليه شئ منها، وإن جاز وصفه بأنه باطل.

د_ واستدلوا بالحديث الذي رواه البخاري ـ معلقا ـ عن أبي مالك أو أبي عامر الأشعرى ـ شك من الرواي ـ عن النبي عليه السلام قال: "ليكونن قوم من أمتي يستحلون الحر4 والحرير والخمر والمعازف". والمعازف: الملاهي، أو آلات العزف.

والحديث وأن كان في صحيح البخاري، إلا أنه من "المعلقات" لا من "المسندات المتصلة" ولذلك رده ابن حزم لانقطاع سنده، ومع التعليق فقد قالوا: إن سنده ومتنه لم يسلما من الاضطراب، فسنده يدور على (هشام بن عمار)5 وقد ضعفه الكثيرون.

ورغم ما في ثبوته من الكلام، ففي دلالته كلام آخر؛ إذ هو غير صريح في إفادة حرمة "المعازف" فكلمة "يستحلون" ـ كما ذكر ابن العربي ـ لها معنيان: أحدهما: يعتقدون أن ذلك حلال، والثاني: أن يكون مجازاً عن الاسترسال في استعمال تلك الأمور، إذ لو كان المقصود بالاستحلال: المعنى الحقيقي، لكان كفراً.

ولو سلمنا بدلالتها على الحرمة لكان المعقول أن يستفاد منها تحريم المجموع، لا كل فرد منها، فإن الحديث في الواقع ينعى على أخلاق طائفة من الناس انغمسوا في الترف والليالي الحمراء وشرب الخمور. فهم بين خمر ونساء، ولهو وغناء، وخزّ وحرير، ولذا روى ابن ماجه هذا الحديث عن أبي مالك الأشعري بلفظ: "ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير"، وكذلك رواه ابن حيان في صحيحه.

ه‍_ واستدلوا بحديث: "إن الله تعالى حرم القَيْنة (أي الجارية) وبيعها وثمنها، وتعليمها".

والجواب عن ذلك:

أولاً: أن الحديث ضعيف.

ثانياً: قال الغزالي: المراد بالقينة الجارية التي تغني للرجال في مجلس الشرب، وغناء الأجنبية للفساق ومن يخاف عليهم الفتنة حرام، وهم لا يقصدون بالفتنة إلا ما هو محظور. فأما غناء الجارية لمالكها، فلا يفهم تحريمه من هذا الحديث. بل لغير مالكها سماعها عند عدم الفتنة، بدليل ما روى في الصحيحين من غناء الجاريتين في بيت عائشة رضي الله تعالى عنها. [الإحياء ص1148] وسيأتي.

ثالثاً: كان هؤلاء القيان المغنيات يُكَوِّنَّ عنصراً هاماً من نظام الرقيق، الذي جاء الإسلام بتصفيته تدريجياً، فلم يكن يتفق وهذه الحكمة إقرار بقاء هذه الطبقة في المجتمع الإسلامي، فإذا جاء حديث بالنعي على امتلاك (القينة) وبيعها، والمنع منه، فذلك لهدم ركن من بناء "نظام الرق" العتيد.

و_ واستدلوا بما روى نافع أن ابن عمر سمع صوت زمارة راع فوضع أصبعيه في أذنيه، وعدل راحلته عن الطريق، وهو يقول: يا نافع، أتسمع؟ فأقول: نعم، فيمضي، حتى قلت: لا. فرفع يده وعدل راحلته إلى الطريق وقال: "رأيت رسول الله يسمع زمارة راع فصنع مثل هذا" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.

والحديث قال عنه أبو داود: حديث منكر.

ولو صح لكان حجة على المحرمين لا لهم. فلو كان سماع المزمار حراما ما أباح النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر سماعه، ولو كان عند ابن عمر حراماً ما أباح لنافع سماعه، ولأمر عليه السلام بمنع وتغيير هذا المنكر، فإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر دليل على أنه حلال.

وإنما تجنب عليه السلام سماعه كتجنّبه أكثر المباح من أمور الدنيا كتجنبه الأكل متكئاً وأن يبيت عنده دينار أو درهم...الخ.

ز_ واستدلوا أيضاً بما روى: "إن الغناء ينبت النفاق في القلب" ولم يثبت هذا حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ثبت قولاً لبعض الصحابة، فهو رأى لغير معصوم خالفه فيه غيره، فمن الناس من قال ـ وبخاصة الصوفية ـ إن الغناء يرقق القلب، ويبعث الحزن والندم على المعصية، ويهيج الشوق إلى الله تعالى، ولهذا اتخذوه وسيلة لتجديد نفوسهم، وتنشيط عزائمهم، وإثارة أشواقهم، قالوا: وهذا أمر لا يعرف إلا بالذوق والتجربة والممارسة، ومن ذوق عرف، وليس الخبر كالعيان.

على أن الإمام الغزالي جعل حكم هذه الكلمة بالنسبة للمغنى لا للسامع، إذ كان غرض المغنى أن يعرض نفسه على غيره ويروج صوته عليه، ولا يزال ينافق ويتودد إلى الناس ليرغبوا في غنائه. ومع هذا قال الغزالي: وذلك لا يوجب تحريماً، فإن لبس الثياب الجميلة، وركوب الخيل المهملجة، وسائر أنواع الزينة، والتفاخر بالحرث والأنعام والزرع وغير ذلك، ينبت النفاق في القلب، ولا يطلق القول بتحريم ذلك كله، فليس السبب في ظهور النفاق في القلب المعاصي فقط، بل المباحات التي هي مواقع نظر الخلق أكثر تأثير [الإحياء ص1151].

ح_ واستدلوا على تحريم غناء المرأة خاصة، بما شاع عند الناس من أن صوت المرأة عورة. وليس هناك دليل ولا شبه دليل من دين الله على أن صوت المرأة عورة، وقد كان النساء يسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ملأ من أصحابه وكان الصحابة يذهبون إلى أمهات المؤمنين ويستفتونهن ويفتينهم ويحدثنهم، ولم يقل أحد: إن هذا من عائشة أو غيرها كشف لعورة يجب أن تستر.

فإن قالوا: هذا في الحديث العادي لا في الغناء، قلنا: روى الصحيحان أن النبي سمع غناء الجاريتين ولم ينكر عليهما، وقال لأبي بكر: دعهما. وقد سمع ابن جعفر وغيره من الصحابة والتابعين الجواري يغنين.

أدلة المجيزين للغناء:

تلك هي أدلة المحرمين، وقد سقطت واحداً بعد الآخر، ولم يقف دليل منها على قدميه، وإذا انتفت أدلة التحريم بقى حكم الغناء على أصل الإباحة بلا شك، ولو لم يكن معنا نص أو دليل واحد على ذلك غير سقوط أدلة التحريم، فكيف ومعنا نصوص الإسلام الصحيحة الصريحة، وروحه السمحة، وقواعده العامة، ومبادئه الكلية؟

وهاك بيانها:

أولاً: من حيث النصوص:

استدلوا بعدد من الأحاديث الصحيحة، منها: حديث غناء الجاريتين في بيت النبي صلى الله عليه وسلم عند عائشة، وانتهار أبي بكر لهما، وقوله: مزمور الشيطان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على أنهما لم تكونا صغيرتين كما زعم بعضهم، فلو صح ذلك لم تستحقا غضب أبي بكر إلى هذا الحد.

والمعول عليه هنا هو رد النبي صلى الله عليه وسلم على أبي بكر رضى الله عنه وتعليله: أنه يريد أن يعلم اليهود أن في ديننا فسحة، وأنه بعث بحنيفية سمحة. وهو يدل على وجوب رعاية تحسين صورة الإسلام لدى الآخرين، وإظهار جانب اليسر والسماحة فيه.

وقد روى البخاري وأحمد عن عائشة أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة، ما كان معهم من لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو".

وروى النسائي والحاكم وصححه عن عامر بن سعد قال: دخلت على قرظة بن كعب وأبي مسعود الأنصاري في عرس، وإذا جوار يغنين. فقلت: أي صاحَبْى رسول الله أهلَ بدر يفعل هذا عندكم؟! فقالا: اجلس إن شئت فاستمع معنا، وإن شئت فاذهب، فإنه قد رخص لنا اللهو عند العرس.

وروى ابن حزم بسنده عن ابن سيرين: أن رجلا قدم المدينة بجوارٍ فأتى عبد الله بن جعفر فعرضهن عليه، فأمر جارية منهن فغنت، وابن عمر يسمع، فاشتراها ابن جعفر بعد مساومة، ثم جاء الرجل إلى ابن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن، غبنت بسبعمائة درهم! فأتى ابن عمر إلى عبد الله بن جعفر فقال له: إنه غبن بسبعمائة درهم، فإما أن تعطيها إياه، وإما أن ترد عليه بيعه، فقال: بل نعطيه إياها. قال ابن حزم: فهذا ابن عمر قد سمع الغناء وسعى في بيع المغنية، وهذا إسناد صحيح لا تلك الأسانيد الملفقة الموضوعة.

واستدلوا بقوله تعالى: (وإذا رأوا تجارة أو لهو انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين) (سورة الجمعة/ 11).

فقرن اللهو بالتجارة، ولم يذمهما إلا من حيث شغل الصحابة بهما ـ بمناسبة قدوم القافلة وضرب الدفوف فرحا بها ـ عن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم، وتركه قائما.

واستدلوا بما جاء عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم أنهم باشروا السماع بالفعل أو أقروه. وهم القوم يقتدي بهم فيهتدي.

واستدلوا بما نقله غير واحد من الإجماع على إباحة السماع، كما سنذكره بعد.

وثانياً: من حيث روح الإسلام وقواعده:

أ_ لا شئ في الغناء إلا أنه من طيبات الدنيا التي تستلذها الأنفس، وتستطيبها العقول، وتستحسنها الفطر، وتشتهيها الأسماع، فهو لذة الأذن، كما أن الطعام الهنيء، لذة المعدة، والمنظر الجميل لذة العين، والرائحة الذكية لذة الشم...الخ، فهل الطيبات أي المستلذات حرام في الإسلام أم حلال؟

من المعروف أن الله تعالى كان قد حرم على بني إسرائيل بعض طيبات الدنيا عقوبة لهم على سوء ما صنعوا، كما قال تعالى: (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا. وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل) (سورة النساء/ 160-161)، فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم جعل عنوان رسالته في كتب الأولين (الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم) (سورة الأعراف/ 157).

فلم يبق في الإسلام شئ طيب أي تستطيبه الأنفس والعقول السليمة إلا أحله الله، رحمة بهذه الأمة لعموم رسالتها وخلودها. قال تعالى: (يسألونك ماذا أحل الله لهم قل أحل لكم الطيبات) (سورة المائدة/ 4).

ولم يبح الله لواحد من الناس أن يحرم على نفسه أو على غيره شيئا من الطيبات مما رزق الله مهما يكن صلاح نيته أو ابتغاء وجه الله فيه، فإن التحليل والتحريم من حق الله وحده، وليس من شأن عباده، قال تعالى: (قل أرأيتم ما أنزل اللهُ لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون) (سورة يونس/59) وجعل سبحانه تحريم ما أحله من الطيبات كإحلال ما حرم من المنكرات، كلاهما يجلب سخط الله وعذابه، ويردى صاحبه في هاوية الخسران المبين، والضلال البعيد، قال جل شأنه ينعى على من فعل ذلك من أهل الجاهلية: (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين) (سورة الأنعام/ 140).

ب_ ولو تأملنا لوجدنا حي الغناء والطرب للصوت الحسن يكاد غريزة إنسانية وفطرة بشرية، حتى إننا لنشاهد الصبي الرضيع في مهده يسكته الصوت الطيب عن بكائه، وتنصرف نفسه عما يبكيه إلى الإصغاء إليه ولذا تعودت الأمهات والمرضعات والمربيات الغناء للأطفال منذ زمن قديم، بل نقول: إن الطيور والبهائم تتأثر بحسن الصوت والنغمات الموزونة حتى قال الغزالي في الإحياء: (من لم يحركه السماع فهو ناقص مائل عن الاعتدال، بعيد عن الروحانية، زائد في غلظ الطبع وكثافته على الجمال والطيور وجميع البهائم، إذ الجمل مع بلادة طبعه يتأثر بالحداء تأثراً يستخف معه الأحمال الثقيلة، ويستقصر ـ لقوة نشاطه في سماعه ـ المسافات الطويلة، وينبعث فيه من النشاط ما يسكره ويولهه. فنرى الإبل إذا سمعت الحادي تمد أعناقها، وتصغي إليه ناصبة آذانها، وتسرع في سيرها، حتى تتزعزع عليها أحمالها ومحاملها).

وإذا كان حب الغناء غريزة وفطرة فهل جاء الدين لمحاربة الغرائز والفطر والتنكيل بها؟ كلا، إنما جاء لتهذيبها والسمو بها، وتوجيهها التوجيه القويم، قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: إن الأنبياء قد بعثوا بتكميل الفطرة وتقريرها لا بتبديلها وتغييرها.

ومصداق ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: "ما هذان اليومان؟" قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية: فقال عليه السلام: "إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر" رواه أحمد وأبو داود والنسائي.

وقالت عائشة: "لقد رأيت النبي يسترني بردائه، وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد، حتى أكون أنا التي أسأمه ـ أي اللعب ـ فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو".

وإذا كان الغناء لهواً ولعباً فليس اللهو واللعب حراماً، فالإنسان لا صبر له على الجد المطلق والصرامة الدائمة.

قال النبي صلى الله عليه وسلم لحنظلة ـ حين ظن نفسه قد نافق لمداعبته زوجه وولده وتغير حاله في بيته عن حاله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ: "يا حنظلة، ساعة وساعة" رواه مسلم.

وقال علي بن أبي طالب: روحوا القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا أكرهت عميت.

وقال كرم الله وجهه: إن القلوب تمل كما تمل الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكمة.

وقال أبو الدرداء: إني لأستجم نفسي بالشيء من اللهو ليكون أقوى لها على الحق.

وقد أجاب الإمام الغزالي عمن قال: إن الغناء لهو ولعب بقوله: (هو كذلك، ولكن الدنيا كلها لهو ولعب... وجميع المداعبة مع النساء لهو، إلا الحراثة التي هي سبب وجود الولد، كذلك المزح الذي لا فحش فيه حلال، نقل عن ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة.

القائلون بإجازة الغناء:

تلك هي الأدلة المبيحة للغناء من نصوص الإسلام وقواعده، فيها الكفاية كل الكفاية ولو لم يقل بموجبها قائل، ولم يذهب إلى ذلك فقيه، فكيف وقد قال بموجبها الكثيرون من صحابة وتابعين وأتباع وفقهاء؟

وحسبنا أن أهل المدينة ـ على ورعهم ـ والظاهرية ـ على حرفيتهم وتمسكهم بظواهر النصوص ـ والصوفية ـ على تشددهم وأخذهم بالعزائم دون الرخص ـ روى عنهم إباحة الغناء.

قال الإمام الشوكانى في "نيل الأوطار": (ذهب أهل المدينة ومن وافقهم من علماء الظاهر، وجماعة الصوفية، إلى الترخيص في الغناء، ولو مع العود واليراع. وحكى الأستاذ أبو منصور البغدادي الشافعي في مؤلفه في السماع: أن عبد الله بن جعفر كان لا يرى بالغناء بأساً، ويصوغ الألحان لجواريه، ويسمعها منهن على أوتاره. وكان ذلك في زمن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه.

وحكى الأستاذ المذكور مثل ذلك أيضاً عن القاضي شريح، وسعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، والشعبي).

وقال إمام الحرمين في النهاية، وابن أبي الدنيا: (نقل الأثبات من المؤرخين: أن عبد الله بن الزبير كان جوار عوَّادات، وأن ابن عمر دخل إليه وإلى جنبه عود، فقال: ما هذا يا صاحب رسول الله؟ فناوله إياه، فتأمله ابن عمر فقال: هذا ميزان شامي؟ قال ابن الزبير: يوزن به العقول!).

وروى الحافظ أبو محمد بن حزم في رسالة في السماع بسنده إلى ابن سيرين قال: (إن رجلا قدم المدينة بجوار فنزل على ابن عمر، وفيهن جارية تضرب. فجاء رجل فساومه، فلم يهو فيهن شيئا. قال: انطلق إلى رجل هو أمثل لك بيعا من هذا. قال: من هو؟ قال: عبد الله بن جعفر... فعرضهن عليه، فأمر جارية منهن، فقال لها: خذي العود، فأخذته، فغنت، فبايعه ثم جاء إلى ابن عمر...الخ. القصة).

وروى صاحب "العقد" العلامة الأديب أبو عمر الأندلسي: أن عبد الله بن عمر دخل على ابن جعفر فوجد عنده جارية في حجرها عود، ثم قال لابن عمر: هل ترى بذلك بأساً؟ قال: لا بأس بهذا، وحكى الماوردي عن معاوية وعمرو بن العاص: أنهما سمعا العود عند ابن جعفر، وروى أبو الفرج الأصبهاني: أن حسان بن ثابت سمع من عزة الميلاء الغناء بالمزهر بشعر من شعره.

وذكر أبو العباس المبرّد نحو ذلك. والمزهر عند أهل اللغة: العود.

وذكر الأدفوي أن عمر بن عبد العزيز كان يسمع جواريه قبل الخلافة. ونقل ابن السمعاني الترخيص عن طاووس، ونقله ابن قتيبة وصاحب الإمتاع عن قاضى المدينة سعد ابن إبراهيم بن عبد الرحمن الزهري من التابعين. ونقله أبو يعلى الخليلي في الإرشاد عن عبد العزيز بن سملة الماجشون مفتى المدينة.

هؤلاء جميعاً قالوا بتحليل السماع مع آلة من الآلآت المعروفة ـ أي آلات موسيقى ـ وأما مجرد الغناء من غير آلة فقال الأدفوى في الإمتاع: إن الغزالي في بعض تأليفه الفقهية نقل الاتفاق على حله، ونقل ابن طاهر إجماع الصحابة والتابعين عليه، ونقل التاج الفزاري وابن قتيبة إجماع أهل الحرمين عليه، ونقل ابن طاهر وابن قتيبة أيضاً إجماع أهل المدينة عليه، وقال الماوردي: لم يزل أهل الحجاز يرخصون فيه في أفضل أيام السنة المأمور فيها بالعبادة والذكر. وقال ابن النحوي في العمدة: وقد روى الغناء وسماعه عن جماعة من الصحابة والتابعين، فمن الصحابة عمر ـ كما رواه ابن عبد البر وغيره ـ وعثمان ـ كما نقله الماوردي وصاحب البيان والرافعي ـ وعبد الرحمن بن عوف ـ كما رواه ابن أبي شيبة ـ وأبو عبيدة بن الجراح ـ كما أخرجه البيهقي ـ وسعد بن أبي وقاص ـ كما أخرجه بن قتيبة ـ وأبو مسعود الأنصاري ـ كما أخرجه البيهقي ـ وبلال وعبد الله بن الأرقم وأسامة بن زيد ـ كما أخرجه البيهقي أيضاً ـ وحمزة كما في الصحيح ـ وابن عمر ـ كما أخرجه ابن طاهر ـ والبراء بن مالك ـ كما أخرجه أبو نعيم ـ وعبد الله بن جعفر ـ كما رواه ابن عبد البر ـ وعبد الله بن الزبير ـ كما نقل أبو طالب المكي ـ وحسان ـ كما رواه أبو الفرج الأصبهاني ـ وعبد الله بن عمرو ـ كما رواه الزبير بن بكار ـ وقرظة بن كعب ـ كما رواه ابن قتيبة ـ وخوات بن جيبر ورباح المعترف ـ كما أخرجه صاحب الأغاني ـ والمغيرة بن شعبة ـ كما حكاه أبو طالب المكي ـ وعمرو بن العاص ـ حكاه الماوردي ـ وعائشة والرُّبيّع ـ كما في صحيح البخاري وغيره.

وأما التابعون فسعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله بن عمر وابن حسان وخارجة بن زيد وشريح القاضي وسعيد بن جبير وعامر الشعبي وعبد الله بن أبي عتيق وعطاء بن أبي رباح ومحمد بن شهاب الزهري وعمر بن عبد العزيز وسعد بن إبراهيم الزهري.

وأما تابعوهم فخلق لا يحصون منهم الأئمة الأربعة وابن عيينة وجمهور (الشافعية). انتهى كلام ابن النحوي. هذا كله ذكره الشوكاني في نيل الإطار [ج‍8/264-266].

قيود وشروط لا بد من مراعاتها:

ولا ننسى أن نضيف إلى هذه الفتوى قيوداً لا بد من مراعاتها في سماع الغناء.

1- فقد أشرنا في أول البحث إلى أنه ليس كل غناء مباحاً، فلا بد أن يكون موضوعه متفقا مع أدب الإسلام وتعاليمه.

فالأغنية التي تقول: "الدنيا سيجارة وكاس" مخالفة لتعاليم الإسلام الذي يجعل الخمر رجساً من عمل الشيطان ويلعن شارب "الكاس" عاصرها وبائعها وحاملها وكل من أعان فيها بعمل. والتدخين أيضاً آفة ليس وراءها إلا ضرر الجسم والنفس والمال.

والأغاني التي تمدح الظلمة والطغاة والفسقة من الحكام الذين ابتليت بهم أمتنا، مخالفة لتعاليم الإسلام، الذي يلعن الظالمين، وكل من يعينهم، بل من يسكت عليهم، فكيف بمن يمجدهم؟!.

والأغنية التي تمجد صاحب العيون الجريئة أو صاحبة العيون الجريئة أغنية تخالف أدب الإسلام الذي ينادي كتابه (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم... وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن) (سورة النور/ 30-31) ويقول صلى الله عليه وسلم: "يا علي، لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة.

2- ثم إن طريقة الأداء لها أهميتها، فقد يكون الموضوع لا بأس به ولا غبار عليه، ولكن طريقة المغني أو المغنية في أدائه بالتكسر في القول، وتعمد الإثارة، والقصد إلى إيقاظ الغرائز الهاجعة، وإغراء القلوب المريضة ـ ينقل الأغنية من دائرة الإباحة إلى دائرة الحرمة أو الشبهة أو الكراهة من مثل ما يذاع على الناس ويطلبه المستمعون والمستمعات من الأغاني التي تلح على جانب واحد، هو جانب الغريزة الجنسية وما يتصل بها من الحب والغرام، وأشغالها بكل أساليب الإثارة والتهيج، وخصوصاً لدى الشباب والشابات.

إن القرآن يخاطب نساء النبي فيقول: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض). فكيف إذا كان مع الخضوع في القول الوزن والنغم والتطريب والتأثير؟!.

3- ومن ناحية ثالثة يجب ألا يقترن الغناء بشيء محرم، كشرب الخمر أو التبرج أو الاختلاط الماجن بين الرجال والنساء، بلا قيود ولا حدود، وهذا هو المألوف في مجالس الغناء والطرب من قديم. وهي الصورة الماثلة في الأذهان عندما يذكر الغناء، وبخاصة غناء الجواري والنساء.

وهذا ما يدل عليه الحديث الذي رواه ابن ماجة وغيره: "ليشربن ناس من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها، يعزف على رؤوسهم بالمعارف والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير".

وأود أن أنبه هنا على قضية مهمة، وهي أن الاستماع إلى الغناء في الأزمنة الماضية كان يقتضي حضور مجلس الغناء، ومخالطة المغنين والمغنيات وحواشيهم، وقلما كانت تسلم هذه المجالس من أشياء ينكرها الشرع، ويكرهها الدين.

أما اليوم فيستطيع المرء أن يستمع إلى الأغاني وهو بعيد عن أهلها ومجالسها، وهذا لا ريب عنصر مخفف في القضية، ويميل بها إلى جانب الإذن والتيسير.

4-هذا إلى أن الإنسان عاطفة فحسب، والعاطفة ليست حباً فقط، والحب لا يختص بالمرأة وحدها، والمرأة ليست جسداً وشهوة لا غير، لهذا يجب أن نقلّل من هذا السيل الغامر من الأغاني العاطفية الغرامية وأن يكون لدينا من أغانينا وبرامجنا وحياتنا كلها توزيع عادل، وموازنة مقسطة بين الدين والدنيا، وفي الدنيا بين الحق الفرد وحقوق المجتمع، وفي الفرد بين عقله وعاطفته، وفي مجال العاطفة بين عواطف الإنسانية كلها من حب وكره وغيرة وحماسة وأبوة وأمومة وبنوة وأخوة وصداقة... الخ فلكل عاطفة حقها.

أما الغلو والإسراف والمبالغة في إبراز عاطفة خاصة فذلك على حساب العواطف الأخرى، وعلى حساب عقل الفرد وروحه وإرادته، وعلى حساب المجتمع وخصائصه ومقوماته، وعلى حساب الدين ومثله وتوجيهاته.

إن الدين حرم الغلو والإسراف في كل شئ حتى في العبادة فما بالك بالإسراف في اللهو وشغل الوقت به ولو كان مباحاً؟!

إن هذا دليل على فراغ العقل والقلب من الواجبات الكبيرة، والأهداف العظيمة، ودليل على إهدار حقوق كثيرة كان يجب أن تأخذ حظها من وقت الإنسان المحمود وعمره القصير، وما أصدق وأعمق ما قال ابن المقفع: (ما رأيت إسرافا إلا وبجانبه حق مضيع) وفي الحديث: "لا يكون العاقل ظاغنا إلا لثلاث: مرمة لمعاش، أو تزود لمعاد، أو لذة في غير محرم"، فلنقسم أوقاتنا بين هذه الثلاثة بالقسط ولنعلم إن الله سائل كل إنسان عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه؟

د_ وبعد هذا الإيضاح تبقى أشياء يكون كل مستمع فيها فقيه نفسه ومفتيها، فإذا كان الغناء أو نوع خاص منه يستشير غريزته، ويغريه بالفتنة، ويسبح به في شطحات الخيال، ويطغى فيه الجانب الحيواني على الجانب الروحاني، فعليه أن يتجنبه حينئذ، ويسد الباب الذي تهب منه رياح الفتنة على قلبه ودينه وخلقه فيستريح ويريح.

تحذير من التساهل في إطلاق التحريم:

ونختم بحثنا هذا بكلمة أخيرة نوجهها إلى السادة العلماء الذين يستخفون بكلمة "حرام" ويطلقون لها العنان في فتاواهم إذا أفتوا، وفي بحوثهم إذا كتبوا، عليهم أن يراقبوا الله في قولهم ويعلموا أن هذه الكلمة "حرام" كلمة خطيرة: إنها تعنى عقوبة الله على الفعل وهذا أمر لا يعرف بالتخمين ولا بموافقة المزاج، ولا بالأحاديث الضعيفة، ولا بمجرد النص عليه في كتاب قديم، إنما يعرف من نص ثابت صريح، أو إجماع معتبر صحيح، وإلا فدائرة العفو والإباحة واسعة، ولهم في السلف الصالح أسوة حسنة.

قال الإمام مالك رضي الله عنه: ما شيء أشد علىّ من أن أسأل عن مسألة من الحلال والحرام؛ لأن هذا هو القطع في حكم الله، ولقد أدركت أهل العلم والفقه ببلدنا، وإن أحدهم إذا سئل عن مسألة كأن الموت أشرف عليه، ورأيت أهل زماننا هذا يشتهون الكلام في الفتيا، ولو وقفوا على ما يصيرون إليه غداً لقللوا من هذا، وإن عمر بن الخطاب وعليا وعامة خيار الصحابة كانت ترد عليهم المسائل ـ وهم خير القرون الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم ـ فكانوا يجمعون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويسألون، ثم حينئذ يفتون فيها، وأهل زماننا هذا قد صار فخرهم، فبقدر ذلك يفتح لهم من العلم قال: ولم يكن من أمر الناس ولا من مضى من سلفنا الذين يقتدي بهم، ومعول الإسلام عليهم، أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام، ولكن يقول: أنا أكره كذا وأرى كذا، وأما "حلال" و"حرام" فهذا الافتراء على الله. أما سمعت قول الله تعالى: (قل أرأيتم ما أنزل اللهُ لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون) (سورة يونس/59)؛ لأن الحلال ما حلله الله ورسوله والحرام ما حرماه.

وقال الله تعالى: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون) (سورة يونس/ 116).

--------------------------------

المصدر : عن فتاوى معاصرة

1 المحلى لابن حزم (9/60) المنيرية.

2 إحياء علوم الدين. كتاب السماع ص1147ط دار الشعب بمصر.

3 رواه مسلم من حديث أبي هريرة، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم.

4 أي الفرج والمغنى يستحلون الزنى.

5 انظر: الميزان وتهذيب التهذيب.

رابط هذا التعليق
شارك

اخونا ققح اون لاين .. فيه حديث في ما معناه انه في اخر الزمان يبدأ الناس يستحلون(ييعني يحللون المحرمات) شرب الخمر والبغاء (الزنا) والمعازف حديث للرسول ...

وعن القراءة فهنا اظم صوتي لصوتك

ومسألة التحليل والتحريم يا اخي لازم فيها الرجوع الى اهل العلم و الفقة .. والبعد عن العلماء شيء خطير وهذا ما نراه الان في بلدنا ...

واتمنى ان لا يكثر الحديث حول هذا الموضوع لأنه مسألة شك

رابط هذا التعليق
شارك

هيه يالاخو تعال ... وش اقروا ؟!! ...

وبعدين الله يحفظك جبلي مشايخ يعتد بقولهم .. مو تجيب لي

أبي الوفاء محمد درويش

وفيصل مولوي

يمكن تقول ... ليه مالهم رب ؟... أقولك ايه ... لان ابناء جلدتهم او حكوماتهم يتبعون فتاوينا ولا يتبعونهم .. طبعا ما اعمم ولكن الاغلبية ... يعني احنا القول الرجح

يعني نترك فتاوي ابن باز الله وابن عثيمين الله يرحمهم ونرجع لمشايخ مالهم في دار الافتاء اي بصمة

وبعدين اترك النسخ الله يسلمك .. أو خالف تعرف

أو ودك تطلع بشيء جديد؟

انتبه لنفسك انت شكلك ماخذ الشغلة سهالة وماتدري وين يبي يوديك هالكلام له

هذي فتنه ... لا تقولي مو فتنة

وبعدين انت ليش تروح بعيد انت هنا .. تتبع مشايخك مو مشايخ لبنان الله يحفظك .. أو مشايخنا مو قد المقام

وبعدين اذا الشيء فيه خلاف حاول انك تستند باقوال تثبت فيها الحجة .. مو تمسك طرف وتترك طرف

على فكرة انا سويت بحث على مواضيعك ... ودريت تمشي على هالطريقة

والله انك نموذج فاشل ... خذ مني هالكلمة وتذكرها بعدين

===========

العذر من مشرف البوابة .. لصراحتي

ولو اني من راعي حرمة أو مسفهل ... كان والله ماخليتك تعثي في هالمنتدى فسادا بأفكارك اللي تتشدق فيها ... برافوو يامتفتح برافوو ...

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله

اسمحوا لي بهذا التعليق

بصرف النظر عن ايهم الاصوب في كل ما ورد اعلاه من فتاوي

اود القول ان القضيه الخلافيه يجب ان نشير اليها انها خلافيه

الامر الاخر يجب الا نتعامل مع الفتوى وكأنها قران منزل او حديث صحيح باجماع

وعن المشائخ فالعلم ليس حكرا على احد كما اشار الاخ ققح ويجب ان نعلم ان في مجتمعنا السعودي مشائخ معتدلين ومشائخ متطرفين وربما المثال الاخير حول قضية الارهابيين وما اورده الشيخين ناصر الفهد والخضيري من تراجع عن فتاويهم السابقه دليل على ان الفتوى قضيه مرنه وليست قضيه منتهيه طالما ليس هناك اجماع من كافة علماء المسلمين

اخيرا ارجو ان يكون الحوار اكثر حضاريه والاختلاف في الراي لا يفسد للود قضيه

ولا اعتقد ان مسالة خلافيه كحكم الغناء هي مسالة تدعو للفتنه مهما كان الخلاف حولها ومهما كان هناك من مؤيدين او رافضين

الفتن هي في تلك الفتاوي التي تدعوا الناس للخروج على الحاكم والاخلال بالامن وقتل الابرياء والدعوه للحروب ونحوها

اما الغناء فليست قضيه قوميه او وطنيه او امه اسلاميه

انما هي قضيه جانبيه فرعيه لا يجب ان تمنح كل هذا الاهتمام وهذا التعصب من المحرمين للغناء

انا لست بصدد الحديث عن مشروعية الغناء فلست من المهتمين بهذا الجانب ولا يوجد في سيارتي شريط واحد وليس هذا من منطلق تحريمه انما من منطلق عدم الرغبه في السماع وعندما اكون مع احد الرفاق او في مجلس ما فلا اتشدد في مسالة اغلاق التلفاز

اخواني التشدد صفه قد توجد في المرء دون ان يشعر بها فلا تكونوا من المتشددين

اقول هذا الكلام عندما اطلعت على الاراء المعترضه على موضوع الاخ ققح وكانه يقول الصلاة اربع مرات في اليوم وليس خمس او كانه قال الصوم فرض كفايه وليس واجب

يا اخواني احترموا كل الاراء وكل الافكار وحاولو ان تقرأو كل شي في الوقت الذي تتحررون فيه من كل معتقد وقناعه كي يمكن لكم فهم واستيعاب الراي الاخر

لان رفض اي فكره في البدايه سوف يكون الرفض مصاحب لك حتى النهايه ولن تخرج بنتيجه ايجابيه

حتى لو حاورك كافر او شيعي او مرتد او ملحد فلا تكن قاسيا واستمع له كي يستمع لك فالفكرالمتطرف لا يعاد لجادة الصواب الى من خلال الفكر المعتدل

اشكركم

تم تعديل بواسطه قويرة نيوز
رابط هذا التعليق
شارك

أ- يصبح حراماً:

- إذا صاحبه منكر كشرب الخمر أو الإختلاط الماجن.

- إذا كان الكلام فيه فاحشاً أو محرماً أو كذباً، كالغزل أو التشجيع على الحرام أو إشاعة المنكر.

ومين قالك أن فيه غناء يدعو الى الدين الاسلامي mad.gif

رابط هذا التعليق
شارك

كلام الاخوة جميل .. ولكن المشكلة هنا اذا كنت تريد سماع الاغاني او شيء من هذا القبيل فلا تنشر وتقول ان هذا الكلام مباح وجائز سماع الاغاني وإنما تريد سماع الاغاني فإسمع بنفسك ولا تنشر ولا تقول حلال او حرام ..... وليس من كلامي صراح التشدد وانا بالنسبه لي عادي ... لكن حافظ بهذا الرأي لنفسك

رابط هذا التعليق
شارك

مذاهب الأ ئمه الا ربعه في الغناء

قول الامام مالك في الغناء :

(سئل مالك رحمه الله : عما يرخص فيه أهل المدينة من الغناء فقال : إنما يفعله عندنا الفساق )

مذهب الامام أبو حنيفه في الغناء :

(مذهب أبي حنيفة في ذلك من أشد المذاهب وقوله فيه أغلظ الأقوال وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار والدف حتى الضرب بالقضيب وصرحوا بأنه معصية يوجب الفسق وترد به الشهادة وأبلغ من ذلك أنهم قالوا : إن السماع فسق والتلذذ به كفر )

مذهب الامام الشافعي في الغناء :

وأما الشافعي : فقال في كتاب أدب القضاء : إن الغناء لهو مكروه يشبه الباطل والمحال ومن استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته

وصرح أصحابه العارفون بمذهبه بتحريمه وأنكروا على من نسب إليه حله كالقاضي أبي الطيب الطبري والشيخ أبي إسحق وابن الصباغ

مذهب الامام احمد في الغناء :

وأما مذهب الإمام أحمد فقال عبدالله ابنه : سألت أبي عن الغناء فقال : الغناء ينبت النفاق في القلب لا يعجبني : ثم ذكر قول مالك إنما يفعله عندنا الفساق قال عبدالله : وسمعت أبي يقول : سمعت يحيى القطان يقول : لو أن رجلا عمل بكل رخصة بقول أهل الكوفة في النبيذ وأهل المدينة في السماع وأهل مكة في المتعة لكان فاسقا قال أحمد : وقال سليمان التيمي : لو أخذت برخصة كل عالم أو زلة كل عالم اجتمع فيك الشر كله .

قد حكى أبو عمرو بن الصلاح الإجماع على تحريم السماع الذي جمع الدف والشبابة والغناء فقال في فتاويه :

أما إباحة هذا السماع وتحليله فليعلم أن الدف والشبابة والغناء إذا اجتمعت فاستماع ذلك حرام عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين ولم يثبت عن أحد ممن يعتد بقوله في الإجماع والاختلاف أنه أباح هذا السماع والخلاف المنقول عن بعض أصحاب الشافعي إنما نقل في الشبابة منفردة والدفع منفردا فمن لايحصل أو لا يتأمل ربما اعتقد خلافا بين الشافعيين في هذا السماع الجامع هذه الملاهي وذلك وهم بين من الصائر إليه تنادي عليه أدلة راحم والعقل مع أنه ليس كل خلاف يستروح إليه ويعتمد عليه ومن تتبع ما اختلف فيه العلماء وأخذ بالرخص من أقاويلهم تزندق أو كاد قال : وقولهم في السماع المذكور : إنه من القربات والطاعات قول مخالف لإجماع المسلمين ومن خالف إجماعهم فعليه ما في قوله تعالى <font color=#990033><font face='traditional arabic' size=4>﴿</font>: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا <font face='traditional arabic' size=4>﴾</font></font>النساء : 115

وأطال الكلام في الرد على هاتين الطائفتين اللتين بلاء الإسلام منهم : المحللون لما حرم الله والمتقربون إلى الله بما يباعدهم عنه [/color]

والشافعي وقدماء أصحابه والعارفون بمذهبه : من أغلظ الناس قولا في ذلك

وقد تواتر عن الشافعي أنه قال : خلفت ببغداد شيئا أحدثته الزنادقة يسمونه التغبير يصدون به الناس عن القرآن فإذا كان هذا قوله في التغبير وتعليله : أنه يصد عن القرآن وهو شعر يزهد في الدنيا بغنى به مغن فيضرب بعض الحاضرين بقضيب على نطع أو مخدة على توقيع غنائه فليت شعري ما يقول في سماع التغبير عنده كتفلة في بحر قد اشتمل على كل مفسدة وجمع كل محرم فالله بين دينه وبين كل متعلم مفتون وعابد جاهل قال سفيان بن عيينة : كان يقال : احذروا فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون ومن تأمل الفساد الداخل على الأمة وجده من هذين المفتونين

رابط هذا التعليق
شارك

من فضلك سجل دخول لتتمكن من التعليق

ستتمكن من اضافه تعليقات بعد التسجيل



سجل دخولك الان