روح القمر


Recommended Posts

كل ليلةً يخرج من بيته يمنح للأرض نبض قدميه معلقاَ عينيه بالقمر. يبتلع مرارة عُسر البوح. منتشيا بنفاذ ضياء القمر إلى قلبه.

ضياء القمر يتسرب إلى جسده يشعره بأنه شاسع كوطن في خلايا متشرد على الأرصفة، ضارباً بكل القوالب عرض الزمن. تهطل من عينه دمعة تسيل بكل رفق على خدهٍ، دمعته ثورة عجزٍ وصمت قلب وثقل لسان. يدخل إلى مخبزه مكتفياً بهذا القدر من ضياء القمر الذي تجمع في قلبه، كان يشعر بأن هذا النور هو روح القمر. يدخل بها إلى مخبزه ويسهر برفقتها ليله البارد.

كان لسانه ثقيل ونطق الأحرف صعب عليه. لذلك كثيراً ما يفضل الصمت. ولم تكن مشكلته هذه. بل كانت مشكلته أنه صاحب ذاكرة قوية يحفظ بها كل قصائد صديقة الشاعر عن القمر وكان يشعر بأنه في وسعه أن يقول أو يفعل شيئاً للقمر أفضل من صديقه!

هذه الليلة دخل مخبزه برفقة روح القمر!، يشعر بأنه يريد الصراخ أو البكاء أو الكلام، مجموعة من المشاعر المختلطة تنتابه دفعة واحدة ولا يعرف السبب.! أمسك بالعجين أخذت يداه تتحرك أصابعه أنامله عيناه تدمع بلا سبب كان يشعر بقلبه يتدحرج عبر ذراعية متسللاً إلى أنامله المسترخية في العجين الطري. كأقدام طفل صغير. لم يكن منتبهاً لما يفعل وعندما شعر بأن يديه توقفتا عن الحركة وعاد قلبه إلى مكانه كان مازال يتنفس بسرعة وازدادت دهشته عندما وجد نفسه قد صنع الرغيف مستديرا يشبه القمر..!!

في الصباح مر الشاعر بالمخبز وجد صديقة يبتسم وعندما سأله عن سبب السعادة أجاب بصوت عالٍ واضح خالٍ من أي عيوب وهو ُيمسك بالرغيف هذا قمري فأين قمركم ؟!!

تفاجأ لحالة صديقه الخباز وطلب منه أن يقول له كل ما حدث.. وبعد أن سمع ما قال له.

قال الشاعر: لقد تفوقت علي، أنت أحببت القمر بإخلاص فوهبك القمر روحه. أما أنا كنت أستعير أسمه في قصائدي بدلاً عن أسم حبيبتي. حبيبتي التي ترفض الجموع أن أكتب أسمها في قصائدي..!

وقبل أن تصل الشمس إلى منتصف السماء جاءت الجموع تأخذ الأرغفة من المخبز لكن الخباز قد صنع رغيفاً واحداً فقط. تعالت الأصوات

- أن تصنع رغيف يشبة القمر أو الشمس هذا لا يعني لنا شيئاً. فهو لن يكفي أحداً منا.

- هذا طفلي ماذا سيأكل. هل سأطعمه قمرك هذا ؟!.

وما أن وصلت الشمس كبد السماء حتى احتدت الأصوات وأخذت رغيف الخباز وأحرقته وقامت جماعة منهم بضربة بالعصي حتى فقد وعيه..

في الليل خرج من بيته كانت عيناه مثبته بالأرض فقد قرر أن لا يرفع عينيه للقمر. دخل لمخبزه أمسك بالعجين تحركت يداه وعندما انتهى وجد نفسه قد صنع الرغيف طويلاً يشبه العصا.

درنة (ليبيا)

17 .6 . 2003

رابط هذا التعليق
شارك

الاخ روفو مع ان المفروض المستر روفو

على اي حال

هناك تطور في التوجه

صارت القصص عربيه اصيله وان كانت خارج محيط الثقافه المحليه

لانني اعتقد ان الادب تذوق ممتع يفقد هذه المتعة اذا خرج عن بيئته

مثلا الشعر الجيزاني يحمل معاني جميله لا يمكن للنجدي ان يستمتع بها وقس على ذلك

لا اريد الدخول الى دهاليز تضاد الثقافات

ولكن مستوى الكبت الاجتماي والسياسي يختلف باختلاف المجتمعات

تحياتي

رابط هذا التعليق
شارك

أخي راعى العودة,

شكراً على المرور

وكنت أتمنى أن يكون التعليق على القصة ومعانى التى تحملة وليس على فكرة القصة فى المنتدى , خاصة منك شخصياً

أخي راعى العودة وان كان لكل أرض أدب فلأدب واحد بمعانية وعباراتة ونسقة وفكرتة , وبلمقابل قد تجد في جيزان أرض الأدب من لا تستهوية عبارات أدبية من أديب جيزانى بقدر ما تعرف أنت أن جيزان مصدر أدب جم .

أتمنى أن تعيد قراءة القصة , وان نحاول ببساطتنا انا وانت أن نفهم ماذا يريد هذا الأديب أن يقول .

روفو

رابط هذا التعليق
شارك

أخى راعي العودة ,

خير من نحتكم الية قول ابن مسعود رضي اللة عنة حيث قال ( أن هذا القرأن مأدبة اللة تعالى فتعلموا من مأدبتة ).

أذا كيف يتعلم الأعجمى الأدب من القرأن .

رابط هذا التعليق
شارك

من فضلك سجل دخول لتتمكن من التعليق

ستتمكن من اضافه تعليقات بعد التسجيل



سجل دخولك الان