أيها الألم لماذا أتيت إليّ؟


Recommended Posts

تمهيد

في البلادْ

كنا نذرف دموع الغربة

وفي الغربة ..

صرنا نذرف دموع البلاد

***

ساعة غروب..

تجلت غربتي

وأزاحت بيوت العناكب من أنفاس وسْواسي ..

لا الهّم يصاحبني، ولا البلبل يشاركني مأدبة البكاء والندم،

لا البلاد ْ!!

أختم الشمع .. شمع الضياع على عسل قلبي،

وأطارد ذباب الشوارع بزكام لا يرشّ إلا الدماء.

وأقول في سرّ سرّي ..

هل أتاك حديث الغروب .. وحديث الغربة .. وحديث البزوغ ؟؟

لماذا التنانير تشعل فوق السطوح من حطب الحروب،

ساعة إبتلاع شيطاني الى شمس كذوب ماعادت تضيء النفوس،

أدرك أن الحطب .. مازال يسري في أزقة روحه الماء ..

وأدرك أن العجين المر سيصير جمرا ً لمعدٍ فارغة ٍ ..

وسيصير عند الصباح .. السوط الأعمى على ظهر الأب ..

ووصايا مختار المحلة .. وقوافل كلاب الزيتوني ..

التي تدعو حزن البلاد الى الهشيم ..

على سلاح معطوب في حربين درداوين !!

ترى ..

متى هذا الغروب نراه صديق الغربة .. ولايخون ؟!

وعربة البلاد التي أقعى حصانها في الطريق الى المنفى !!

نراها سلة رمان بكف الأمهات !!

أرشُّ زكامي.. على الذباب الأمريكي.. وعلى الطعام ( الموحلال ).. والأصدقاء.. البلهاء ..

أرشُّ غربتي على نفسي .. وبقايا روح قصائد تحطمت رؤياها ..

في أرجوحة تدعى الفاقة والنفاق !!

أرشُّ الماء المعطر برائحة الشعراء المعذبين ..

على وجه العانس ..

والوحّاش ..

وملابسي الدبقة منذ حربين درداوين ..

وأصيح .. أيها الأ لم لماذا أتيت إليّ ؟؟

في الشوارع الخالية إلا من سوادها ..

كان وجع الشاعر يتعثر بفحيح السوط ..

الذي رافق ظهره ..

ويتذكر هراوة الشرطي الأعور التي كسرت زجاجة خمرته ..

وتركت الشاعر بصحو حتى الآن !!

هذا الشاعر .. وهذا الشرطي هما توأما هذه الغربة ..

أراها تصعد دوما بعد غروب آخر ذيل دخان من تنانير العشيرة هناك ..

تصعد مع آخر دمعة أمٍّ ترتل دعاء التوسل لولدها البعيد..

ولنجمة فراتية تضيء على جبهة غريب ..

نجمة تزدحم بدخان الحرب وحليب الجنوب،

وفضة خلخال ( بائعة القيمر ) في ساحة الطيران ..

ربما الآن أمسك بوجه الألم وأقبله ..

ترى من يتحسس قبلتي التي تشبه حبة رمان كربلائي،

على وجه الزمان ..

كل قصب الجنوب .. هل مازالت به نايات ..

وأزهار الدفلى في حدائق الفقراء ..

وجسور الخشب .. التي صارت صلبانا للشهداء..

والملح الذي مازال يضيء بدم الجنود هناك في ( المملحة )

وشارع الرشيد الذي بلا ربلات .. والحيدرخانة .. بلا صعاليك ..

وحدائق أبي نؤاس العطشى لقطرة خمرة !!

ونادي الأدباء .. الذي بلا أدباء ..

تل الزينبية .. بلا ( شير ) الحسين ...

والعشار بلا عشرة .. ولا عاشوراء ..

وغابات الحدباء .. بلا ربيع ..

لا تعيد لي شهية التذوق والحنين للبلاد !!؟

كلُّ هذا تذكرته ساعة غروب ..

وتذكرت أن البلاد كانت تلاحقني بهراوتها هناك ..

والآن أراها تجلس جنبي .. تناكدني ..

على نصب الحرية الذي إعتقلته نزوات البلاد ..

وأنا أصيح أيها الألم لماذا أتيت إلي ..

وتركت الطغاة !!

رابط هذا التعليق
شارك

رائع ..اختياراتك اخي روفو دائما يكون التميز حليفها

شدني التمهيد لهذه القصيدة .. وشدني ايضا التصوير مع انني اتحفظ على بعض الكلمات .. ولكن بشكل عام تحكي واقع مرير .. يعيشه المرء حتى في مسقط رأسه

شكرا لك

رابط هذا التعليق
شارك

من فضلك سجل دخول لتتمكن من التعليق

ستتمكن من اضافه تعليقات بعد التسجيل



سجل دخولك الان