عبره وعظه ......... من الاختبارات


محروسه

Recommended Posts

حالة طوارئ

في هذه الأيام، يتوجه أبناؤنا وبناتنا من الطلاب والطالبات إلى قاغات الاختبارات، فالجميع مستعد،و حالة الطوارئ معلنة، في كثير من البيوت.

وبهذه المناسبة، لنا في وقفات لابد منها:

الوقفة الأولى:

إن أعظم زادٍ لتحصيل النجاح والتفوق، ليس في امتحانات المدارس فحسب، ولكن في جميع المطالب الدنيوية والأخروية، ولمواجهة كافة الأزمات، وأحلكِ الظروف.

إنه التوكل على الله تعالى...

بالإكثار من الذكر وشدة التعلق به سبحانه وتعالى، واستجلاب مدده وعونه وتوفيقه.والاعتماد عليه سبحانه، رب العالمين، فهوالذي احاط بكل شيء علماً، وهو على كل شيء قدير، وأمره بين الكاف والنون.

فالتوكل على الله عز وجل أعظم زاد، كيف لا، وهو سبيل المؤمنين (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ). فتوكلوا على الله ايها الطلاب النجباء وثقوا به، فقد قال تعالى: ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ )

إن التوكل على الله، هو دأب المؤمنين في كافة أحوالهم، وسائر ظروفهم، وليس الأمر مقصوراً على حال الشدائد، فقد قال عليه الصلاة والسلام لابن عباس رضي الله عنهما: ( تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ... الحديث) أخرجه أحمد ( 2666)

وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم أعظم الناس توكلاً واعتماداً علىالله تعالى، فقد كانت الآيات الكريمات تتنزل عليه وهو يواجه المعاندين لدعوته، المستهزئين به، فتأمره بالتوكل علىالله تعالى،والاعتماد عليه مرة بعد مرة ( وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ). ( وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا).

ويقول عليه السلام موجها ابن عباس رضي الله عنهما ( إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ...الحديث ) أخرجه الترمذي (2440) وقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

أيها المستعدون للاختبارات توكلوا على الله، واعتمدوا عليه، فإنّه لا ينفع شيء مع خذلان الله تعالى. لاينفع حفظٌ ولا ذكاءٌ، ولا تفرغٌ ولا استعداد.

نعم هي أسبابٌ نافعةٌ، وعظيمةٌ، ولكن بإذن الله تعالى مسبب الأسباب.

الوقفة الثانية:

أوجهها للآباء والمعلمين...

فعلىالاباء مساعدة أبنائهم علىالنجاح، وتهيئةالظروف المناسبة لهم، وعليهم أن يرفقوا بهم ويقدروا جهودهم، ويتفهموا مايتعلق بالفروق الفردية،والامكانات المختلفة.

وعليهم أيضاً، أن يكونوا معاونين لأبنائهم، ومشجعين، لامرهبين ومهددين.

كما نوجه المعلمين بمساعدة التلاميذ، وذلك بالرفق بهم، بإيضاح الأسئلةلهم، وإزالة الرهبة من نفوسهم، ودأبهم في هذا أن يعاملوا الطلاب معاملة الأبناء.

كما نوصيكم أيها المعلمون الكرام؛ بالإخلاص لله تعالى، فأنتم على ثغرة عظيمة، هي ثغرة التربية والتعليم. فعليكم بمراقبة الله تعالى في كافة أعمالكم، و عليكم بالحرص على مصلحةأبنائكم وطلابكم.

الوقفة الثالثة:

لأبنائنا الطلاب...

عليكم بالاجتهاد في الاستذكار والإخلاص في طلب العلم...

أخي الطالب: أخلص النية لله تعالى، وابتغ مرضاته سبحانه وتعالى، فبهذا يكون العلم عبادة عظيمة، فكل عمل مشروع في الإسلام، مع حسن القصد وإخلاص التوجه، يتحول إلى عبادة، وقد قال صلى الله عليه وسلم ( وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا ).رواه مسلم (1674)

ورأىالصحابة رجلا جلدا يضرب الأرض بفاسه فقالوا: يا رسول الله؛ لو كان جلده في سبيل الله، فقال عليه السلام ( لا تقولوا هذا، إن كان قد خرج يعول أبوين كبيرين، فهو في سبيل الله،وإن كان قد خرج على أولاد صغار، فهو في سبيل الله، وإن كان قد خرج يعف نفسه وأهله، فهو في سبيل الله) فالإخلاص في طلب سائر العلوم يحولها إلى عبادة وقربة.

أما علوم الشريعة فلا خيار فيها، حيث يجب الإخلاص واحتساب الأجر في طلبها، وقد قال عليه السلام: ( مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنْ الدُّنْيَا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَعْنِي رِيحَهَا). رواه ابوداود ( 3179)

ايها الطلاب:

ومع الإخلاص لله تعالى والتوكل والاعتماد عليه و كثرة دعائه، واحتساب الأجر في طلب العلم، فيجب بذل أسباب النجاح من الجد والاجتهاد في التعلم الاستذكار وترتيب الأوقات، والحذر من الافراط في السهر في ليالي الامتحان، وتضييع الصلوات، و معصية الوالدين، واللجوء إلى الغش في الاختبار، فقد قال عليه السلام ( ... وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا ). رواه مسلم (146) فالغش من منكرات الذنوب، وما نطق رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك التحذير الشديد إلا من أجل بيان شناعة هذا الخلق.

إخواني وابنائي الطلاب...

إذاحصل التفوق والنجاح فهو فضل من الله تعالى، فعلينا أن نشكره (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ).

فإياكم والفخر، والغرور، بل عليكم بشكر واهب النعم، وصاحب المعروف، سبحانه وتعالى.

ولو وقع الرسوب الإخفاق فإياكم واليأس والقنوط، فهو قدر مكتوب، فعليكم بالصبر والاحتساب، وحسن التسليم لله تعالى ( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ، لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ).

إننا حينما نمر بظروف الامتحانات، فإنه يجدر بنا أن نتذكر الامتحان الأكبر...

أمتحان ليس فيه أدوار ومحاولات. خلود في الجنة أوالسعير :

( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ، وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لِأَجَلٍ مَّعْدُودٍ، يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ، فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ، خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ)

إنه يوم عظبم تبلى فيه الأفئدة والقلوب، وتحاسب فيه السرائر: ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ، فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِر )

يوم توزن فيه الأعمال،ويحاسب فيه العباد بمثقال الذرة): وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ )

( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ )

فهنيئا للناجحين في ذلك اليوم، بسعادة أبدية، في جنات ونهر، في مقعد صدق، عند مليك مقتدر.

ويا لتعاسة الراسبين الهالكين، في النار المؤصدة: (لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ )

( كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا )، ( لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ

عَذَابِهَا )

فإلى المستعدين لاختبار الدنيا...

عليكم بالاستعداد للأمتحان الأكبر: ( يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ).

( يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيه كَلَّا إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وَجَمَعَ فَأَوْعَى)

نسأل الله تعالى الإعانة والتوفيق للاختبار الأعظم (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ، عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ).

ويقول عليه السلام ( لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ ) رواه الترمذي (2341) وقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

أسال الله للجميع التوفيق والنجاح وحسن الاستعداد ليوم الحساب.

هذا وصلوا علىالنبي المختار فقد امركم بالصلاة والسلام.

د. خالد عبد الله القاسم

رابط هذا التعليق
شارك

من فضلك سجل دخول لتتمكن من التعليق

ستتمكن من اضافه تعليقات بعد التسجيل



سجل دخولك الان