كل انسان يحمل في داخله غرفة


Recommended Posts

كم عدد الكلمات المحفورة في شجرة الزان!

أنها تريد تذكيرنا! كما لو أن الكلمات لها القدرة على التذكير! لأن الكلمات مثل متسلقي جبال سيئين. فهم لا يجلبون الكنوز، لا تلك التي في أعالي الجبال ولا تلك التي تختبئ في أعماق الجبال!

هناك تذكر حيوي، يمر عابراً في كل قيم التذكر، يمسدها برقة مثل يد حنون. وإذا تصاعد لهب من هذا الرماد، مشتعلاًً وحاراً، قوياً وعنيفاً بينما تبحلق أنت بثبات، كما لو كنت مسيراً من قوى سحرية، فيعني...

لكن في هذا التذكر الوجل، لا يستطيع المرء كتابة اسمه بيد غشيمة وآلة عمل يدوية خشنة، في هذه الأوراق البيض، القنوعة التي ترضى بالقليل.

عندما نتحدث مع بعضنا: تكون الكلمات قاسية، يمر المرء عليها كما لو أنه يسير على بلاط شارع مرصوف بصورة سيئة. الأشياء الأكثر رقة تصبح أقداماً ثقيلة الحركة ولا نستطيع فعل شيء لها. أننا مثبتون ببعض في الطرق، أصطدم بك وأنت تصطدم بي - لا أجرؤ على الحركة، وأنت أيضاً. وعندما نصل إلى بعض الأشياء، التي هي ليست بالضرورة أحجار طريق، نرى فجأة، بأننا نملك ألبسة مقنعة وأقنعة وجوه، نعمل بحركات مدورة (أنا قبل كل شيء) ولنصبح فجأة حزينين ومنهكين. هل كنت ذات يوم متعباً مع أحد كما أنت معي؟

أنا متعب، يجب أن أفتش عن نفسي عبر راحة النوم، وإلا فأنني ضائع لا محالة. أي عناء، لكي يلقى المرء نفسه! لا يحتاج بذل جهد مثل هذا أي تمثال لكي يقف المرء على قدميه.

نحن مهجورون مثل أطفال ضلّوا الطريق في الغابة. إذا وقفتَ أمامي وتطلعت بيّ، فهل ستعرف شيئاً من الآلام، التي فيّ، وأي شيء سأعرفه أنا، من الآلام التي فيك؟ وماذا سيحصل، لو رميّت نفسي أمامك وبكيت وأنا أحكي لك، فهل ستعرف شيئاً مني، أكثر مما تعرفه عن الجحيم عندما يحكي لك أحدهم عنه، واصفاً حرارته ورعبه؟ ويكفي هذا السبب لوحده، لكي نعرف، نحن البشر، علينا أن نهاب بعضنا البعض جداً، أن نمعن في التفكير كثيراً، وأن نقف إلى جانب بعضنا متضامنين، كما لو كنا نقف عند مدخل يؤدي الى الجحيم.

كل إنسان يحمل في داخله غرفة. هذه الحقيقة يستطيع المرء التأكد منها عند اصاخته السمع. فعندما يسير أحدهم بسرعة ويصيخ السمع بدقة، في الليل مثلاً، عندما يكون كل شيء حولنا صامتاً، فإن المرء سيسمع مثلاً، خشخشة مرآة حائط ليست مثبتة بشكل جيد.

إلى أي مدى من اللامبالاة يمكن أن تصل الإنسانية، إلى أي قناعة عميقة، بحيث أن المرء يفقد وللأبد كل حس صحيح.

كل علم هو منهج ما للبحث عند مقارنته بالمطلق. لذلك لا حاجة للخوف من ضرورة منهجية واضحة. أنها القشرة، ولكن لا شيء أكثر من ذلك، باستثناء أن تكون أكثر من نفسها.

ضعف الذاكرة للتفاصيل الصغيرة ولمجرى التصور الخاص بالعالم فأل سيئ تماماً. فقط أجزاء من الكلّ. كيف تريد إذاً تأدية أكبر الواجبات، أن تتشمم قربها فقط، أن تحلم بوجودها، أن تتوسل حلمها على الأقل، إذا كنت لا تستطيع التعبير عن نفسك بهذه الدقة، بأنك، عندما تجيء لاتخاذ قرار، تقبض بيدك على نفسك كلها، مثلما تقبض على حجر لرميه، أو على سكين للذبح. من ناحية أخرى: على المرء ألا يبصق في اليدين، قبل أن يبسطهما.

نحن، إذا رأينا ذلك من زاوية عينين ملطختين بما هو أرضي، في وضع يشبه وضع مسافرين في قطار، تعرضوا لحادث مؤسف في نفق طويل، وبالذات عند تلك النقطة، حيث لا يرى المرء الضوء في بداية النفق، إنما يرى عند نهاية النفق ضوءاً ضعيفاً جداً جداً، لدرجة أن النظرة تصبح مجبرة بالاستمرار على البحث دائماً، لأنها تضيع دائماً، حيث لا تكون حتى البداية والنهاية مؤكدة.

ابتداء من نقطة معينة لن يكون هناك خط رجعة. تلك هي النقطة التي يجب الوصول إليها.

من الخارج يستطيع المرء دائماً من طريق النظريات أن يكسر العالم بانتصار، ويأخذه معه للهاوية، لكن فقط من الداخل يلقى المرء العالم ونفسه بهدوء وبحقيقية.

تاريخ الإنسانية هو اللحظة التي تقع بين خطوتين لجوال.

مأساة دون كيشوت ليست خياله، إنما سانشو بانسا. سانشو بانسا، الذي لم يشتهر، نجح مع مرور السنين، من طريق تهيئة أعداد كبيرة من روايات الفروسية واللصوصية في ساعات الليل لشيطانه، الذي سماه لاحقاً دون كيشوت، في إلهاء نفسه لدرجة، أن هذا قام من دون تحفظ بممارسة أفعال جنونية، لم تضر أحداً، لكنها وبسبب نقص أُحدوثة ما، كان يجب أن يقع فيها بالذات سانشو بانسا. على أي حال، سانشو بانسا رجل حر، تبع من دون تحفظ، ربما بسبب شعور خاص بالمسؤولية، دون كيشوتة في كل حملاته وامتلك في النهاية تسلية مفيدة وكبيرة حتى نهايته.

هناك مخابئ لا تحصى، وهناك إنقاذ واحد فقط، لكن إمكانات الإنقاذ من جهة أخرى كثيرة مثل المخابئ.

هناك هدف، لكن ليس هناك طريق؛ لأن ما نسميه طريق، هو التردد (...). لا تسمح للشر أن يجعلك تعتقد، بأن بإمكانك أن تحصل على الأسرار منه.

الشر هو ما يُلهي. الشر يعرف عن الخير، لكن الخير لا يعرف شيئاً عن الشر. معرفة النفس يملكها فقط الشرير.

الانتحاري هو السجين، الذي يرى مشنقة انتصبت في صحن السجن، فيعتقد بضلال، بأنها نُصبت له هناك، فيهرب في الليل من زنزانته، يتوجه إليها ويشنق نفسه عليها.

الإيمان بالتقدم لا يعني الاعتقاد، بأن التقدم حدث سلفاً. في هذه الحالة لن يكون هناك إيمان.

الحياة ملهاة مستمرة، لدرجة أنها لا تسمح للمرء لأن يفكر قليلاً، بأي وسيلة تلهيه.

لم أفهم أبداً ما هي القوانين. (عن الحياة).

رابط هذا التعليق
شارك

هناك مخابئ لا تحصى، وهناك إنقاذ واحد فقط، لكن إمكانات الإنقاذ من جهة أخرى كثيرة مثل المخابئ.

ماشاء الله عليك اخوي روفو .. مشاركاتك جميلة خصوصا المجموعة الرائعة التي تقوم بطرحها بين وفت واخر التي تحتوي على ترجمات لبعض الأعمال الأدبية .. أحييك فعلا

رابط هذا التعليق
شارك

من فضلك سجل دخول لتتمكن من التعليق

ستتمكن من اضافه تعليقات بعد التسجيل



سجل دخولك الان