كلمات تستحق العناء


العربي

Recommended Posts

قامت فرنسا ولم تقعد لان هناك فتاتين مغربيتين كانتا تلبسان الحجاب في المدرسة على أن تخلع الفتاتان حجابيهما إذا أرادتا الاستمرار في الدراسة ..وكانت حكاية شغلت الصحف والناس طويلا .

وشعرت أيامها بالدهشة وأنا أقراء ما يكتب واتابع الزوبعة الإعلامية العجيبة ..وقلت في نفسي : أن العذراء مريم في جميع كنائس باريس مرسومة في صورها بنفس الحجاب ، والراهبات الفرنسيات في الأديرة يرتدين نفس الحجاب ..فماذا حدث ..واي جريمة ارتكبتها الفتاتان المغربيتان حينما اختارتا الحجاب زيا .

لا أظن ان احتجاج الرأي العام الفرنسي كان بسبب الزي المختلف ..ففرنسا كرنفال أزياء وفيها كل ما يخطر وما لا يخطر على البال من الشيفون العريان إلى السروال الى القفطان ..ولا احد يلتفت الى ما تضعه على راسك والى ما تلبس أو تخلع ..فماذا حدث ..وماذا أثار الدنيا ؟؟!!.

أن احتجاج إدارة المدرسة كان على الرمز وليس الزي .

الرمز الإسلامي حمل إلى الذاكرة الأوربية تاريخا ترفضه ولا تريد أن تتذكره ..هو التاريخ الإسلامي لأسبانيا ووصول الجيوش العربية إلى فيينا غرباً ..واكتساح الجحافل الإسلامية للدردنيل والقسطنطينية والدول البيزنطية شرقاً .. ومن قبل ذلك إسقاط إمبراطوريتي الفرس والروم .

هذه الذكريات يفضل الأوربي أن ينساها وان يمحوها من ذاكرته .

وهو نفس الكابوس الذي يطارد نيكسون بعد انهيار روسيا السوفيتية ..فقال قولته الشهيرة : لقد تخلصنا من الشيوعية ..ولم يبقى لنا عدو سوى الإسلام .

أنها كوابيس وأحقاد قديمة .. لا يرى فيها الأوروبي والأمريكي الا بربرية عربية وهمجية بغيضة .

وأسال نفسي متعجباً : الم يفكر الأمريكي الأبيض فيما فعله في الهنود الحمر ..وفيما فعل القراصنة البيض في الخمسة عشر مليونا من العبيد السود الأفارقة الذين اختطفوهم من أفريقيا وباعوهم في أسواق النخاسة ..وفيما فعل الصرب من مجازر ومذابح لمسلمي البوسنة .. وما فعله الأمريكان في هيروشيما .. وما يفعله الاستعمار الأوروبي والأمريكي ألان في القارة الأفريقية في بلاد الماس والذهب ..زائير ورواندا وبوروندي بالتحالف مع أمثال موبوتو سيسكو .. وكابيلا .

أين بربرية الإسلام المزعومة من هذه الابادة القتل الجموعى وخطف الملايين وبيعهم في أسواق العبيد وفي تشريد الشعب الزائيري وموته جوعا في الغابات ونهب خيراته وثرواته وإثارة طوائفه ليقتل بعضهم بعضا .

وأين هذه الجرائم والفتن والمذابح مما فعله المسلمون في الأندلس ؟؟؟!!!

أن المسلمين لم يأتوا إلى الأندلس غزاة ، ولم يفتحوا بلاد الروم ولفرس . ولا بلاد أوروبا كما فتحها المغول والتتار للنهب والسلب .. وإنما دخلوها يحملون دينا وحضارة ..دخلوها كرسل علم وكطلائع تنوير وعمار .. ولم يغترفوا من ثروات أوروبا ما اغترفت أوروبا ونهبت من ثروات مستعمراتها في أفريقيا.

أنهم في أوروبا وأمريكا يحاولون ألان طمس هذه الحقيقة ويحاولون تزوير التاريخ وينفقون الملايين لتشويه الإسلام وتبشيع صورته .. فهو إرهاب .. وجرائم قتل وتفجير قنابل وإشعال حرائق .. في الصفحات الأولى من جميع جرائدهم .

لقد انتهت الشيوعية ولم يبق لهم عدو سوى الإسلام .

هذا هو المعنى الذي يغرسونه في كل صفحة ، وفي كل عمود وفي كل خبر ليستقر في وجدان العالم تمهيدا للعدوان الذي يدبرونه على الإسلام وأهله .

ونحن أصبحنا اضعف من أن نرد على هذا الطوفان الإعلامي التشويهي الذي يصبونه علينا صبا من كل المنافذ .. والقوى الصهيونية تغذي هذا التآمر وتدفع به إلى الذروة .

لقد التقت مصالح الكل على هدم الإسلام وتدميره وتشويهه .

وقد وقع اختيار القوى الكبرى على إسرائيل كوكيل منتدب ليقوم بالمهمة القذرة المؤهلة والمناسبة بما تحمله من حقد تاريخي وثار ذاتي لكل ما هو إسلامي .

ولم تبخل أمريكا بالمال و السلاح ولا بأسرارها الذرية ولا بما تصوره أقمارها التجسسية أولا بأول ولا بجيوش مخابراتها ولا بصواريخها على حليفها الصهيوني الحبيب .

لقد أزفت الازفة .. التي ليس لها من دون الله كاشفة .. ما الحل وما المخرج ؟؟

أن الحكومات العربية تتبرأ كل يوم من نية الحرب ، وحتى من نية الاستعداد لأي موجهة .. وتخشى ان تجتمع حتى لا يفهم ان اجتماعها بأنه إعداد لشيء .. وراياتها البيضاء مرفوعة طول الوقت .. وأياديها ممدودة للمصالحة .

وهي تصرخ بأكثر من هذا .. بان الحرب ستكون كارثة على الكل .. على المعتدي ، وعلى المعتدى عليه .. وأنها ليست حلا .. ولا وسيلة إلى أي مكسب .. وهو كلام معقول واستراتيجية مفهومة ..

ولكن كل هذه النيات الحسنة لن تجدي .. بل سوف تزيد من طمع الطامعين .. وسوف تغري المعتدي باقتناص الفرصة وتقنعه أكثر وأكثر بضعف خصمه وهشاشة عوده .

ولا أرى هذه الاستراتيجية حلا مناسباً .

ربما كان حلا مناسبا مع خصم طيب عطوف إنسان .. وفي مناخ دولي عادل ومنصف وغير متحيز .. ولكنا يا سادة نتعامل مع وحوش .. ومع دول منحازة .. وقطبية أمريكية وحيدة وظالمة مستأسدة.

وانظر إلى زائير والملايين التي تموت جوعا .. وتذكروا ما حدث في الصومال والبوسنة والشيشان .

ان أنياب هؤلاء المتحضرين المتنورين تسيل شراهة .

أن التنمية هدف وطني عظيم وشريف .. ولكن كل ما تبنيه التنمية في سنين يمكن أن تدمره طائرة في غارة واحدة .

يا إخوة .. أني لا أرى سلاما .. ولا أشم رائحة أمان . وارى ضرورة الاجتماع الفوري لكل الحكومات العربية .. وضرورة التنسيق لجميع الاحتمالات .. وضرورة حشد الامكانات.. والوقفة الشجاعة معا لمواجهة المصير .

وربما استطاعت الوقفة الصارمة المتحدة أن تؤجل الكارثة .

هي في جميع الأحوال أفضل من أن نؤخذ على غرة .. وأفضل من أن نطمئن أنفسنا بسلام لا وجود له .

ولا احد يحب الحرب .. ولا احد يريد ذات الشوكة .. ولكن ربنا هو الذي خلق خلقه وهو يعرفهم أكثر مما نعرفهم .. وهو يقول لنا : )كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (البقرة:216)

فماذا نفعل إذا كان القتال من سنن الحياة ، والإفساد والعلو الإسرائيلي والمعركة حول القدس في صريح القران .

والآيات تقول بهذا وان لم تعين ميقاته .

أن الموت قدر محتوم على جميع العباد .. والموت قادم علينا بحرب وبدون حرب .. والحرص لن يرده .. والخوف لن يؤجله .

والتاريخ يقول لنا : أن المنتصر ليس دائما الأكثر سلاحا ولا الأكثر عتادا .. فالروم والفرس كانوا أكثر من المسلمين عددا وعتادا حينما هزموا .. والمسلمون كانوا في بدر الأقل عددا وعتادا حينما انتصروا .. بالأيمان تنصر الفئة المؤمنة .. ذلك وعد الله

والله يقود الحروب من فوق سبع سماوات .. وأسباب النصر والهزيمة عنده .. والله هو المحيي والمميت ، وليس عنده أزمة وسائل .. فهو يميت بكلمة ويحيي بكلمة .. وعنده الزلازل والبراكين والأعاصير والأوبئة .. وهو المستغني عن صواريخنا ودباباتنا .

فهل انتم مؤمنون ؟؟

أن جواب السؤال .. هو كل شيء.

أن الأيمان هو القوة النووية الحقيقية التي تصنع الإنسان وتصنع الأمل وتصنع النصر .

والذين يؤثرون الحياة الدنيا ويحبون الحياة سوف يغادرونها رغم أنوفهم ، وسوف يبرزون إلى مضاجعهم حينما تأتي ساعتهم .. وملك الموت لن يستأذن احد قبل قبض روحه .

فعلام الخوف وعلام الحرص .. وما الدنيا التي يتقاتل عليها الناس إلا سراب ؟!

ما الدنيا إلا عطش بلا ارتواء .. وجوع بلا شبع .. وتعب بلا راحة .. وحطب يأكل نفسه .. وهي بدون إيمان خواء وخراب وظلمة وتيه وسعى في لا شيء .

اقول هل انتم مؤمنون ؟ ان في جواب هذا السؤال – كما قلت – كل شيء .

أننا لا نريد أن نعلن حربا على احد .. ولكننا لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي أمام عدوان ، لان العدوان هذه المرة يريد إخراجنا من أرضنا ، ومن تاريخنا .

أننا أمام البغي الأكبر .

وإسرائيل تدفعنا إلى الاختيار الأصعب .

أن التماس الأمان في حضن أمريكا بلاهة .

وهل وجد موبوتو الأمان في الحضن الأمريكي الغادر ، وهو العميل الأمريكي المخلص ؟ وهل وجد شاه إيران العميل الأمريكي الأخر بيتا واحدا في أمريكا يؤويه حينما فر هاربا من الخوميني لاجئا إلى الحضن الأمريكي .

أن حضن الأفاعي أكثر أمنا من الحضن الغادر .

أن المصالح هي لغة هذا العالم القاسي الذي لا يرحم .

والبيت العربي هو صاحب المصلحة الواحدة ، وهو الذي يتهدده خطر واحد ، ويجمعه مصير واحد وبترصده عدو واحد .

وجمع شمل البيت العربي هو الخطوة الأولى إلى حل سليم .

وكبار هذا البيت وحكامه وأشرافه سوف يغيرون مواقفهم حينما يشعرون بالخطر يقترب من كراسيهم .. والخطر لن يعفى كبير ولا صغيرا .

والزلزال القادم لن يدع احد في مكانه .. والانهيار السياسي سوف يشمل الكل .

وان اكتمل إدراكنا لهذه الحقيقة فإننا سوف ننجو .. فإمام الموت يتغير الناس .. وهم دائما يتبدلون إلى الأحسن .

تريد صحوة الموت قبل الموت وقبل ان ينهدم كل شيء على رؤوسنا ويستحيل الإصلاح .

أنها اليوم مقالات تكتب حبر على ورق .. وغدا هي دماء تسيل وأقدار تتبدل .

كل ما أحب ان الفت أليه النظر وكل ما ارجوه .. ان نتصرف بالجدية اللازمة .. لمواجهة هذه الإخطار .. وان نكف عن الاسترخاء وان نصحو .. وان نفيق .

د / مصطفى محمود

كتاب ( إسرائيل البداية والنهاية )

غالبية أعمال د/ مصطفى تعجبني ولكن كتابه ( اسرئيل البداية والنهاية ) ( ومتى تسقط أمريكا ) تعتر لي هي أفضل أعماله ....... برغم أنني أخذت أيام لكي أحرر هذا الفصل من كتاب الدكتور للمنتدى ألا أنني سعيد بهذا الجهد لكون هذه الكلمات تستحق العناء

رابط هذا التعليق
شارك

من فضلك سجل دخول لتتمكن من التعليق

ستتمكن من اضافه تعليقات بعد التسجيل



سجل دخولك الان