الحداثة السليبة


صدى قلم

Recommended Posts

الحداثة السليبة

في بادرة جديرة بالتأمل أعلن في لبنان بتاريخ 11/3/ 1425 هــ ميلاد ( المؤسسة العربية للتحديث الفكري ) برئاسة نصر حامد أبو زيد وأمينها العام جورج طرابيشي وعضوية عدد من رموز الحداثيين في العالم العربي ومن أبرزهم : محمد أركون وعبد المجيد الشرفي وفريده بناني . . وغيرهم

وعقدت المؤسسة بهذه المناسبة مؤتمراً بعنوان ( الحداثة . . والحداثة العربية ) استمر لمدة ثلاثة ايام برئاسة محمد أركون وجمع ثلة من الحداثيين وكأنهم يعيدون بناء صفوفهم ويعدون عدتهم لمرحلة حداثية جديدة سماها بعضهم بمرحلة ( مابعد الحداثة !) لتتلاءم أطروحاتهم مع مشاريع الإصلاح الأمريكية المزعومة .

وباستصحاب الخلفية الفكرية لإدارة المؤسسة ومنظريها في المؤتمر ندرك بجلاء طبيعة المشروع الحداثي الذي يبشر به هؤلاء المفكرون . . !! فبقراءة أوراق المؤتمر يتبين لنا أن القضايا المشتركة التي كان لها حضور بارز في المحاضرات والتعقيبات هي :

1- إعلان القطيعة التامة مع الدين وتجاوز مايسمونه بـــــ (سلطة النص ) والتأكيد على أن النص الشرعي يجب أن يقرأ في سياقة التاريخي .

2- التمرد الصارخ على القيم والثوابت الفكرية والأخلاقية والضيق الشديد بكل ما له صلة بالدين .

3- الدعوة المحمومة للدخول في القاطرة الغربية بكل مافيها من إنجازات معرفية وظواهر إلحادية وتمزقات إجتماعية . . هكذا دون تفريق على الإطلاق . .!

وأكتفي هنا بالإشارة إلى ورقة واحدة هي : ( كيف ننتقل من المدرسة السلفية إلى المدرسة العقلانية ؟) قدمها العفيف الأخضر وهو شيوعي تونسي مفرط في عدائه للحركة الإسلامية .

هدف هذه الورقة كما يقول الباحث : تخريج مواطنين معاصرين لعصرهم أي : يفكرون بأنفسهم لا بأسلافهم ويستخدمون البرهان بدلاً من سلطة النص ويقبلون دون عقد أو شعور بالذنب مؤسسات عصرهم وعلومه وقيمه العقلانية والإنسانية حتى تلك التي تتعارض مع تراث الأسلاف وتقاليدهم . .!

ويؤكد الباحث أن هذه المدرسة لم توجد بعد في العالم العربي باستثناء تونس التي أعادت هيكلة التعليم الديني بعيداً عن المدرسة السلفية !

ولذا يطالب الباحث بتعليم النشء أن النص الديني إنما هو تناص أي ملتقى نصوص تلاقت عبر التاريخ وأن كل نص قابل للتأويل لأنه نص مجازي ولهذا يستطيع التلميذ أن يؤول النص حسب مصالح وحاجات الناس ومتطلبات الحقبة التاريخية . .!

كما يطالب الباحث أن نلغي من التعليم الديني كل ماهو زمني عبر قراءة جديدة للإسلام تحصره في التذكير ولاعلاقة له بالممارسات السياسية والحياتية الأخرى ثم يؤكد أن ممارسات النبي صلى الله عليه وسلم ليست عابرة للتاريخ بل هي كأي عمل بشري بِنْتُ عُمُرِها وتنتهي بنهاية عصرها الذي أنتجها . . !!

ثم يقدم لرواد التعليم في العالم العربي نموذجاً مقتبساً من برنامج المعهد الأعلى لأصول الدين الدين بجامعة الزيتونة من أجل إصلاح التعليم الديني خاصة في اتجاه العقلانية المرنة ورد الإعتبار لليهود والمسيحيين كمدخل لفتح وعي الناشئة الإسلامي على حداثتهم . .!!

إنه الغلو الحداثي المتطرف الذي يمسخ الهوية ويجعلها تهرول لاهثة وتتيه في غياهب مظلمة لتسقط بعد ذلك مهينة تحت أعتاب الفكر الغربي ؛ فغاية ماعندهم : التبعية العمياء لأسيادهم البيض وقبل سنوات قلائل قال شاعرهم النصراني :

شعاع الغرب ! أين وطأت سهلا

وأين نزلت في لبنان أهلا

شعاع الغرب أي شعاع خير

له في كل جارحة مصلى

مددت يداً نصافحها وفاءً

فأنت أحق من يوفي وأولى

ومع كل هذا الغلو أشعر بتفاؤل شديد لأن الأقنعة تسفر عن وجوه كالحة يعرفها الناس . .فيلفظونها ..

نقلاً عن مجلة البيان للكاتب/ أحمد بن عبدالرحمن الصويان .

رابط هذا التعليق
شارك

من فضلك سجل دخول لتتمكن من التعليق

ستتمكن من اضافه تعليقات بعد التسجيل



سجل دخولك الان