شرح الأربعون النووية


Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ………….أما بعد

فهذا شرح الأربعون النووية في الأحاديث الصحيحة النبوية

تأليف الإمام الحافظ محيي الدين أبي زكريا يحيى بن شرف النووي0

شرح الإمام ابن دقيق العيد0

الحديث الأول

إنما الأعمال بالنيات

عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) <رواه البخاري (رقم 1) ومسلم رقم (1907)

شرح الحديث

هذا الحديث صحيح متفق على صحته وعظيم موقعه وجلالته وكثرة فوائده رواه الإمام أبو عبد الله البخاري في غير موضع من كتابه ورواه أبو الحسين مسلم بن الحجاج في آخر كتاب الجهاد وهو أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام قال الإمام أحمد والشافعي رحمهما الله:( يدخل في حديث الأعمال بالنيات ثلث العلم ) قاله البيهقي وغيره سبب ذلك أن كسب العبد يكون بقلبه ولسانه وجوارحه والنية أحد الأقسام الثلاثة0

وروي عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال : يدخل هذا الحديث في سبعين بابا من الفقه وقال جماعة من العلماء هذا الحديث ثلث الإسلام(1)0

واستحب العلماء أن تستفتح المصنفات بهذا الحديث وممن ابتدأ به في أول كتابه الإمام أبو عبدالله البخاري وقال عبدالرحمن بن مهدي ينبغي لكل من صنف كتابا أن يبتدئ فيه بهذا الحديث تنبيها للطالب على تصحيح النية0

وهذا حديث مشهور بالنسبة إلى آخره غريب بالنسبة إلى أوله لأنه لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولم يروه عن عمر إلا علقمة بن أبي وقاص ولم يروه عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم التيمي ولم يروه عن محمد بن إبراهيم إلا يحيى بن سعيد الأنصاري ثم اشتهر بعد ذلك فرواه عنه أكثر من مائتي إنسان أكثرهم أئمة0

ولفظة(إنما) للحصر تثبت المذكور وتنفي ما عداه وهي تارة تقتضي الحصر المطلق وتارة تقتضي حصرا مخصوصا يفهم ذلك بالقرائن كقوله تعالى(إنما أنت منذر)<الرعد7>فظاهره الحصر بالنذارة والرسول لا ينحصر في ذلك بل له أوصاف كثيرة جميلة كالبشارة وغيرها وكذلك قوله تعالى(إنما الحياة الدنيا لعب ولهو)<محمد36>فظاهره والله أعلم الحصر باعتبار من آثرها وأما بالنسبة إلى ما في نفس الأمر فقد تكون سببا إلى الخيرات ويكون ذلك من باب التغليب فإذا وردت هذه اللفظة فعتبرها فان دل السياق والمقصود من الكلام على الحصر في شيء مخصوص فقل به وإلا فاحمل الحصر على الإطلاق ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات) والمراد بالأعمال الأعمال الشرعية ومعناه لا يعتد بالأعمال بدون النية مثل الوضؤ والغسل والتيمم وكذلك الصلاة والزكاة والصوم والحج والاعتكاف وسائر العبادات فأما إزالة النجاسة فلا تحتاج إلى نية لأنها من باب التروك والترك لا يحتاج إلى نية وذهب جماعة إلى صحة الوضؤ والغسل بغير نية0

وفي قوله(إنما الأعمال بالنيات)محذوف واختلف العلماء في تقديره فالذين اشترطوا النية قدروا صحة الأعمال بالنيات والذين لم يشترطوها قدروا كمال الأعمال بالنيات0

وقوله(وإنما لكل امرئ ما نوى )قال الخطابي يفيد معنى خاصا غير الاول وهو تعيين العمل بالنية وقال الشيخ محيي الدين النووي فائدة ذكره أن تعين المنوي شرط فلو كان على الإنسان صلاة مقضية لا يكفيه أن ينوي الصلاة الفائتة بل يشترط أن ينوي كونها ظهرا أو عصرا أو غيرهما ولولا اللفظ الثاني لاقتضى الأول صحة النية بلا تعيين أو أوهم ذلك والله أعلم0

وقوله(من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله)المتقرر عند أهل العربية أن الشرط والجزاء والمبتدأ والخبر لابد أن يتغايرا وهاهنا قد وقع الاتحاد وجوابه( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله)حكما وشرعا0

وهذا الحديث ورد على سبب أنهم نقلوا أن رجلا هاجر من مكة الى المدينة ليتزوج امرأة يقال لها أم القيس لا يريد بذلك فضيلة الهجرة فكان يقال له مهاجر أم قيس والله أعلم0

(1) قال أبو داود:نظرت في الحديث المسند فإذا هو أربعة آلاف حديث ثم نظرت فإذا مدار أربعة آلاف على أربعة أحاديث :حديث النعمان بن بشير (الحلال بين والحرام بين)وحديث عمر هذا وحديث أبي هريرة(إن الله طيب) وحديث أبي هريرة أيضا(من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه) قال : فكل حديث من هذه الأربعة ربع العلم

رابط هذا التعليق
شارك

من فضلك سجل دخول لتتمكن من التعليق

ستتمكن من اضافه تعليقات بعد التسجيل



سجل دخولك الان