حياة الاديب ( عبدالله بن ادريس )

المتحري · June 10, 2003

عبد الله بن إدريس.

ولد في بلدة "حرمة" من مقاطعة سدير بنجد عام 1349ه.

تلقى علومه الأولية في بلدته، ثم التحق بالمعهد العلمي بالرياض، ونال شهادته، ثم التحق بكلية الشريعة بالرياض، وتخرج في أول دفعة لها عام 1376ه "1956م".

عمل مدرساً للعلوم الدينية وقواعد اللغة بالمدرسة الفيصلية من عام 1369ه "1950م" وحتى عام 1371ه "1952م".

بعد تخرجه في كلية الشريعة عمل مفتشاً فنياً على المعاهد العلمية، ثم مديراً للتفتيش والامتحانات بالرئاسة العامة للكليات والمعاهد العلمية.

في منتصف عام 1379ه "1960م" عين مساعداً للتعليم الثانوي، ثم مديراً للتعليم الفني بوزارة المعارف وحتى عام 1392ه "1972م".

عُين أميناً عاماً للمجلس الأعلى لرعاية العلوم والفنون والآداب التابع لوزارة المعارف.

انتقل في عام 1396ه "1976م" للعمل مديراً عاماً للثقافة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.

رأس تحرير مجلة "الدعوة" التي تصدر عن مؤسسة الدعوة الإسلامية الصحفية بالرياض منذ عام 1385ه "1965م" ولمدة سبع سنوات.

كتب الشعر في وقت مبكر من عمره.

نشر أول قصيدة له في صحيفة "المدينة المنورة" عام 1369ه "1949م".

يعتبر من الأدباء الذين اسهموا بقسط وافر في مسيرة الحياة الأدبية في المملكة.

شارك في تأسيس مؤسسة الدعوة الإسلامية الصحفية بالرياض عام 1384ه "1964م".

نال وسام الريادة الأدبية، والميدالية الذهبية في مؤتمر الأدباء السعوديين الأول الذي نظمته جامعة الملك عبدالعزيز بمكة المكرمة عام 1394ه "1974م".

رئيس النادي الأدبي بالرياض منذ عام 1401ه "1981م".

عضو اللجنة الثقافية بالجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون.

منح عضوية الشرف من رابطة الأدب الإسلامي بالهند عام 1408ه "1988م".

مثل المملكة في العديد من المهرجانات والمؤتمرات الشعرية، مثل مهرجان المربد الشعري بالعراق.

من أولياته:

1- يعتبر ابن ادريس - على المستوى المحلي - أول طالب علم جامعي من بلدة حرمة.

2- يعد أول صحفي يمارس الصحافة كمهنة وحرفة من منطقة عسير.

3- يعتبر أول من كتب عن الشعر والأدب في (نجد)، وأول من عرّف بشعراء هذا الاقليم.

4- وقد منح وسام "الريادة" والميدالية الذهبية على كتابه (شعراء نجد المعاصرون).

5- أول من دعا الى (انشاء مجمع لغوي) بالمملكة وذلك في عام 1378ه .

من أعماله

- شعراء نجد المعاصرون - دراسات أدبية - 1380ه "1960م".

- مجتمع المدينة في عهد الرسول 1402ه "1982م".

- في زورقي - شعر - 1404ه "1984م".

- كلام في أحلى الكلام - دراسات شعرية - 1410ه "1990م".

- معازف أقلام 1410ه "1990م".

- على رصيف الحياة

دوره في الثقافة

د. محمد الصادق عفيفي

لقد عني ابن ادريس بتثقيف نفسه ثقافة ذاتية واسعة، منذ نعومة أظفاره، ويقول في تعريفه بنفسه: "لقد أحببت منذ صغري قراءة الكتب التي تيسرت لي في البيت، حيث كان والدي - رحمه الله - أحد طلبة العلم على العلامة الشيخ عبدالله العنقري - شيخ سدير وقاضيها - وكانت أهم الكتب التي وجدتها لدى والدي: (مجموعة الحديث النجدية) و(بلوغ المرام) و(لطائف المعارف) و(الآجرومية) وغيرها من كتب النحو والأدب".

وقد كان لدراساته الاولى، وثقافته الذاتية، وأساتذته الكرام فضل في توجيه ملكاته وصقلها، وقد اهله كل ذلك كي يخرج الى ميدان الفكر، وحلبة القلم، وان يحط الرحال بعاصمة الدولة (الرياض)، ومن هنا اقام لنفسه من المكانة ما يحمل غيره على ان يلجأ اليه - ويعتمد عليه، ويهتف باسمه في كل حين، لأن الرجل شاعر مجيد - اذا قالوا: أين الشعراء؟ - وكاتب مرموق، ومؤلف معدود - اذ قالوا: أين الكُتّاب؟ - وما يزال يشترك بقلمه في عديد من المناحي الادبية في جميع المناسبات.

وهكذا برز، واشتهر في محيطه، وقد اتخذ من الدراسات الادبية، وسيلة للتعريف بأدب وطنه، وشعراء بلده، حتى غدت شغله الشاغل - في وقت ما - وميدانه الذي يصول فيه ويجول، وقد توافرت وسائل بحثه، وتنوعت قراءاته، واتسع اطلاعه، فأخذ ينتج - ونتاجه متعدد الجوانب نذكر منه:

أوليات شعره:

لم يؤرخ لنا ابن ادريس أول عهده بنظم الشعر، وفي أي السنوات كان، وهل كان ذلك نتيجة قراءاته لشعر بعض الشعراء، وحفظ أشعارهم، ومن هم؟ او كان ذلك من خلجات النفس الشابة في دور المراهقة، وما يلهج به اللسان والقلب من النزعات الوالهة، وما أول قصيدة قيلت او نشرت له!

ولم يؤثر لنا في ذلك - فيما أعلم - غير قول أحد المعقبين على شعره بقوله: "عبدالله بن ادريس نظم الشعر منذ سن مبكرة"، وغير قول ابن ادريس نفسه: "لا استطيع.. ان اقول عن مجريات حياتي في هذا السبيل.. سوى ان اذكر انه كان لدي مجموعة من الشعر الجديد - شكلاً ومضموناً - ولم يسبق ان نشرت في الصحف شيئاً من هذه المجموعة - وحدث ان أحد الأدباء الكبار تعرض لشيء من غضب المسؤولين في الدولة فأصبت من جراء ذلك بصدمة نفسية حملتني على احراق هذه المجموعة الشعرية".

من أولياته:

1- يعتبر ابن ادريس - على المستوى المحلي - أول طالب علم جامعي من بلدة حرمة.

2- يعد أول صحفي يمارس الصحافة كمهنة وحرفة من منطقة عسير.

3- يعتبر أول من كتب عن الشعر والأدب في (نجد)، وأول من عرّف بشعراء هذا الاقليم.

4- وقد منح وسام "الريادة" والميدالية الذهبية على كتابه (شعراء نجد المعاصرون).

5- أول من دعا الى (انشاء مجمع لغوي) بالمملكة وذلك في عام 1378ه .

ابن إدريس ومجهر الآراء:

دأبت جريدة "الرياض" على سنة محمودة، وهي تقديم رائد من رواد الفكر السعودي، او شاعر كبير من شعراء النهضة المعاصرة، او كاتب ناقد من اصحاب الاقلام الفعالة، تحت عنوان (مجهر الآراء)، وكان من هؤلاء الكبار الذين عرفت بهم، وعرضت لشخصيتهم، واستطلاع الآراء لتبيان منزلتهم النقدية والشعرية الأستاذ عبدالله بن ادريس، وذلك في حلقتين متتابعتين، ملأت بهما أنهار صفحتين كاملتين من الجريدة، لأنه - والحق يقال - جمع بين كل الوان التناول الأدبي، فهو باحث وناقد، وهو شاعر وكاتب، وهو مؤرخ للأدب وصحفي.

وحين أقدم رأياً من هذه الآراء، او تعقيباً وتحليلاً من عشرات الآراء التي وردت في هذا (المجهر)، او في ثنايا كثير من الكتب والدوريات، فلن اكون اول ولا آخر من يتناول شخصية هذا الأديب الكبير، في نتاجه الاصيل، وفي اثرائه للساحة الأدبية بمقالاته، واشعاره، وندواته، وقيادته لكثير من اللجان العلمية والأدبية، ولكني استطيع ان أزعم ان أحداً لم يتناول ابن ادريس في دراسة تقييم وتحليل ونقد ومقارنة، في دراسة جامعة لكافة الوان نشاطه الأدبي، ونتاجه الفني - غير كتابي هذا، الذي تناولت فيه هذا الأديب باعتباره علماً من أعلام الفكر السعودي في هذه الموسوعة التي أقدمها اليوم، لتكون شاهداً على التاريخ.

وأريد من وراء ذلك ان أهيئ القارئ المنصف لدنيا وسيعة الرؤى، وقراءة طويلة النفس، وجوانب عديدة من جوانب هذا الصرح الشامخ، لعل ان يزكو منها في مستقبل الايام، جانب من الجوانب على قلم ناقد، او باحث جامعي - في رسالة للماجستير او الدكتوراه - ويرفدنا بأبرك الثمار، ما بين القريب المرجى، والبعيد العاني.

ولهذا النوع من الآراء الذي تنشره جريدة "الرياض" في صفحاتها الادبية - اعتباراته التاريخية والاجتماعية والفنية والمعيارية، ولا سيما عندما يصدر من شخصيات لها ثقلها العلمي والأدبي.

أولاً: الاعتبارات التاريخية:

يكفي أن أذكر منها حب ابن ادريس لوطنه، ولا سيما (نجدا)، فهو حب لا يكافئه إلا حبه للتاريخ الأدبي، لهذه البقعة من بلاده، وما دمنا بسبيل.. الحديث عن البيئة من الناحية العلمية، وأنها ليست بمقصورة على المحيط الاجتماعي للفرد، فإن الحديث عن الشاعر يعني التعرض للظروف الاجتماعية والطبيعية والسياسية. والقانون العام للتأثير والتأثر يشير الى ان ابن ادريس - حين قدر الله له أن يولد ويشب في بيئة سعودية، ويتمتع بالذكاء الفطري، والموهبة الشعرية - فهو ما يزال مرتبطاً في قرارة نفسه، وخلجات جوانحه بنجد.

ونستمع اليه وهو يقول: "عندما ننطق (نجدا) تنوء بأذهاننا التفاتة الى ماض مشرق مجيد، ماض مرصع بآيات الفكر، ومنقوش بروائع الفن والجمال.. في عالم الشعر، ودنيا الفن الرفيع، منذ نطق العرب بالشعر وأنشدوه غناء تعبيرياً مشحوناً بالطاقات الفكرية، والانفعالات النفسية الصادقة، والصور المجلوة لواقع حياتهم الاجتماعية، ونظمهم وطبائعهم وأخلاقهم وعاداتهم - على أديم هذه الجزيرة العربية الخالدة..

تذكرت نجداً بذلك المجد الباذخ في عصور غبرت، وقارنت بين ماضيها الأغر، وحاضرها المزدهر، ومستقبلها الذي نتعشم فيه الاشراف والنضوج أعظم بكثير مما هي عليه الآن فكان من تذكاري ذلك، ان لمعت في سمائي بوارق الامل بأن التاريخ يعيد نفسه، وأن نجداً - في مطلع فجرها الجديد - ستعيد الى الامة العربية، وتضيف الى الأدب العربي الخالد من آيات الفن، ودور الفكر الخوالد، فوق ما أسدت، واكثر مما خلفت من غرور الشعر. وعلى حد تعبير (بيرار دي نرفال): "ان لكل فنان وطناً مثالياً، غالباً ما يكون مشرقاً في نفسه - وترتاح اليه موهبته الفنية، وميوله الأدبية، لانه يجد فيه جواً مواتياً يطير اليه مسرعاً ويلوب من حوله، حينما يحس بحرارة هذا الوطن تداعب فؤاده وتملأ عليه سمعه وبصره، وعندئذ تنفتح نفس الشاعر، وتحمل أجمل زهورها".

نعم: "كانت نجد من أحفل بقاع الجزيرة بالشعر والشعراء، واكثرها خصباً بالشاعريات الملهمة، والملكات الموهوبة الدافقة، وان من يرجع الى التاريخ ليستنطقه، والنتاج الفكري - في الامة العربية - ليستوحيه أمجاداً، واصالة، وتراثاً - لا بد له من ادراك هذه الحقيقة" ومن الكتب التي حفلت بجمع شيء من هذا النتاج، كتاب (صبا نجد)، ونستمع فيه لمزامير خالدة مما تغنى به الأقدمون، فهذا يقول:

تمتع من شميم عرار نجد

فما بعد العشية من عرار

والآخر يقول:

بنفسي تلك الارض ما اطيب الربا

وما أحسن المصطاف.. والمتربعا

وثالث يقول:

ألا يا ضبا نجد متى هجت من نجد

فقد زادني مسراك وجدا على وجد

ومن هنا كانت اللبنة الاولى في صرح هذا التاريخ، ألا وهي (شعراء نجد المعاصرون) والتاريخ الأدبي، كالتاريخ العام، خير مرب للشعوب، ومن ثم عكف ابن ادريس على دراسة هذا التاريخ المعاصر يسعفه حب أصيل للدخول الى كشف هذه العوالم، وتتبع الخفايا، والاهتمام بالمنسيات من الاحداث، ورسم لنفسه منهجاً في ابراز هذا التاريخ الأدبي، لانه أدرك ضرورة استكمال هذه الحلقة، حيث يقول: "ان الشعر المعاصر في هذا الجزء من الوطن العربي الكبير، قد غدا حلقة مفقودة من حلقات الأدب العربي الحديث، وكان لزاماً على كل باحث وناقد ذي اقتدار ان يصل ما انقطع من سلسلة التراث الأدبي، حتى تتصل حلقاته، وتلتقي فيه روافد الفكر العربي موصولاً جديداً بقديمها، لتكون المعين السلسال الذي تستقي منه البشرية ماء حياتها من جديد، كما استقته قبلاً على أيدي رواد الحضارة العربية الاسلامية، وقادة الفكر فيها حتى أمرع من الافكار الوجدانية ما كان ممحلاً، واخصب ما كان مجدبا".

وقد امتدحه كثير من الدارسين منذ صدور هذا الكتاب، واثنوا على مجهوداته لاحتضانه لهذا (العمل الأدبي)، فيقول الدكتور بكري شيخ: "ان كتاب (شعراء نجد المعاصرون) قد قسمه ابن ادريس الى قسمين رئيسين: فأتى في القسم الاول على اتجاهات الشعر المعاصر في نجد، ووجدها ثلاثة: تقليدياً ورومانتيكياً، وواقعياً، وفي ضوء هذه الاتجاهات بنى القسم الثاني، فترجم فيه لثلاثة وعشرين شاعراً، وكان يعرض لمحة عن طفولة الشاعر، وشبابه، ونوع دراسته، ويقف وقفة مطمئنة على اتجاهه الشعري، ويربط غالباً بين حياته الخاصة وبيئته ووضعه الاجتماعي ونفسيته، وبين اتجاهه".

والحق أن غيرة ابن ادريس على تاريخ نجد، وتراثه الأدبي، كانت خير حافز له لبذل المزيد من الجهد والمثابرة، واغناء المكتبة العربية بما حقق من موضوعات، وبما قدم من شعراء، وبما نشر من بحوث امتازت بالرصانة والموضوعية.

نعم لقد أفرغ ابن ادريس كثيراً من جهده حتى كان رائداً في التايخ لهذه البقعة العزيزة على نفسه، وبذلك اسدى خدمة جليلة لهذا التاريخ الذي كان يمكن ان يذهب سدى مع الأيام، فنفض عنه غبار السنين، ودخل به الى بوابة التاريخ الرسمي، فاحتل به مكانة رفيعة بين قومه، مما وقفنا عليه آنفاً.

من روائع قصائده

قصيدة رباه

تصارعني بالشر خرس أبالس

لتأخذني أفكارها والوساوس

تقول تقحّم في الحياة معانقاً

كئوس حميّاها فالغرير المعاكس

ولا تبتئس إن نازعتك طبيعة

تعبُّ من الإمتاع ما هو نافس

فما خلقت هذي الحياة لغيرنا

فهل نجتويها والنفوس شوامس

فقلت لهم: ولّوا خزايا فإنني

إلى غير ما تدعونه لَمُجـانـس