ابن لام الدويسي قام بنشر July 19, 2013 ارسل تقرير Share قام بنشر July 19, 2013 من نوادر وثائق بيت المال في سدير تقديم: لبيت المال في الدين الإسلامي شأن عظيم نظراً لارتباطه الوثيق بركن من أركان الدين وهو: زكاة المال. وتاريخ نشأة بيت المال وبداياته يعود لعهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد أولاه الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم ومن أتى بعدهم من خلفاء وملوك المسلمين عناية واهتمامًا بالغًا، وصارت له أنظمة وقوانين خاصة تطرّق لجوانب منها كثير من المؤرخين الذين اعتنوا بتدوين التاريخ الإسلامي منذ العصر الأموي حتى العصر العثماني. وقد تناول المؤرخون النجديون ذكر بيت المال في تواريخهم كثيراً وما كان يرد له في زمن الدولة السعودية الأولى والثانية وكان من أخصهم المؤرخ الشهير عثمان بن عبد الله بن بشر -رحمه الله- (1210-1290هـ) والذي تكفّل في "تاريخه" بذكر جوانب متعددة من الأوضاع السياسية والإدارية لحكام هذه الدولة المباركة -رحمهم الله-، وكان بيت المال في تلك الفترة يأتي في الأهمية بعد الإمارة والقضاء بجميع المناطق التابعة للدولة السعودية وهذا هو الذي كان متّبعاً من قبل في عهد الرسول والخلفاء الراشدين رضي الله عنهم والخلافة الإسلامية التي تلتهم. كما أنّ بعض الرحالة الأجانب قد أوردوا في كتبهم تقارير عن ما يجبى لبيت المال من زكاة البلاد والقبائل التي كانت تتبع الدولة السعودية الأولى والثانية، وأشاروا لها بمصطلحات مختلفة مثل قولهم عنها: ضرائب! والحقيقة أنّ أخذ الزكاة في ذلك العهد كان متمشياً مع ما قرره الشرع الحنيف، وتُصرف كذلك وفق ما قرره الشرع الحنيف. مدخل: في هذا البحث سوف نتناول -إن شاء الله- دراسة وثيقة مهمة جداً وهي من وثائق بيت المال في سدير، ويعود تاريخها إلى زمن الدولة السعودية الثانية، وقد احتوت على معلومات مهمة توضح موردًا مهمًّا جدًّا من موارد بيت المال. وهذه الوثيقة ضمن مئات الوثائق الخاصة بأسرة (العبيد) في جلاجل والمحفوظة لدى الأخ الأستاذ عبدالله بن ناصر العبيد في الرياض، وكان بعض أفراد أسرته قد تولَّوا أعمال الجباية لبيت المال في زمن الدولة السعودية الثانية. وصف عام للوثيقة: كُتبت الوثيقة بخط نسخي واضح ومقروء على ورقة جاءت بمقاس (7سم) طولاً و(9سم) عرضًا وبالمداد الأسود, وحالتها جيّدة, وقد بلغ عدد أسطرها ثمانية سطور, ووضع الوثيقة يوحي بأنها ملحقة مع رسالة أو منتزعة من أوراق أخرى. موضوع الوثيقة: يتعلق موضوع الوثيقة بما تم جمعه لبيت المال في سدير من خراص العيش وذلك عن طريق عمّال الجباية من جميع بلدان سدير، وقد بلغت آلاف الأصواع في كل بلد, وكان أكثرها في جلاجل؛ إذ بلغ إجمالي ما تم خرصه منها خمسة وخمسين ألف، وأقلها كان في بلدة الخطامة، حيث بلغ ألفًا ومائتين فقط. وكان إجمالي ما تم خرصه من العيش من جميع منطقة سدير هو: 377.600 ثلاثمائة وسبعة وسبعين ألفًا وستمائة صاع. وقد ابتدأت الوثيقة بذكر بلدان وقُرى المنطقة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب؛ إذ اتّبع كاتبها مبدأ الترتيب الجغرافي والمكاني لكل بلد على طريقة سير المسافرين والرحالة في التنقل داخل منطقة سدير, ومن يقرأ في كتب الرحالة الأجانب الذين مرُّوا بالمنطقة يجد تشابهاً كبيرًا بين خطة سيرهم والخرائط التي رسموها في رحلاتهم، والترتيب الذي اتبعه كاتب هذه الوثيقة، مما يجعلنا نتعرف على الطرق القديمة للمسافرين بين قُرى سدير. زمن كتابة الوثيقة: يعود زمن الوثيقة إلى عصر الدولة السعودية الثانية، وتحديداً في عهد الإمام فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود -رحمهم الله- والمتوفى عام 1282هـ. بينما لم يتضح التاريخ الذي أُرِّخت فيه الوثيقة بشكل مباشر، نظرًا لكتابته رقمًا وليس حرفًا ولم تكتمل أرقامه, مما يجعل قراءته تحتمل أكثر من تاريخ, وقد ترجّح لنا أنّ التاريخ الذي حُرِّرت به الوثيقة كان في أحد أيام شهر ربيع الأول عام 1270هـ كما هو ظاهر في آخرها. وكيل بيت المال في سدير زمن الوثيقة: كان وكيل بيت المال في سدير عام 1270هـ يدعى: عبدالله بن حمد بن سلامة -رحمه الله- وقد عيّنه الإمام فيصل بن تركي -رحمه الله- وكيلاً لبيت المال عام 1265هـ خلفاً للوكيل السابق ناصر بن حمد بن صالح -رحمه الله- بعد وفاته في تلك السنة. وناصر المذكور من أسرة الصالح في المجمعة وهم من آل بدر من الجلاس من عنـزة، وقد أرّخ وفاته المؤرخ محمد بن عمر الفاخري (1186-1277هـ) -رحمه الله- في تاريخه وأشار لتولي عبد الله بن سلامة نيابة بيت المال في سدير خلفاً له حيث قال في حوادث سنة 1265هـ ما نصه: وفيها توفي ناصر بن صالح نائب بيت المال في قرى سدير، وولي بعده عبدالله بن سلامة(1). ثم إنّ المؤرخ الفاخري قد ذكر في حوادث آخر سنة 1266هـ بأنّ عبدالله بن سلامة قد عزل عن عمله وكيلاً لبيت المال قائلاً: وفي آخرها عزل ابن سلامة عن نيابة بيت المال(2). قلتُ: لم يلبث عبدالله بن سلامة -رحمه الله- بعد عزله عن وكالة بيت المال سوى مدة يسيرة عاد بعدها لعمله، حيث وقفتُ على عدة وثائق مؤرخة في سنة 1270هـ وما بعدها تؤكد أنه كان نائباً لبيت المال في سدير بشكل صريح. الأحوال الطبيعية في نجد زمن كتابة الوثيقة: في حالة اعتبار تاريخ الوثيقة عام 1270هـ, رأيت أنه من الأفضل الرجوع للمصادر التاريخية التي أرّخت لنجد بشكل عامّ، ومنطقة سدير بشكل خاص، لمعرفة الأحوال الطبيعية والمناخية لها في ذلك التاريخ لتكون لدينا صورة واضحة عنها وتساعد على قراءة الوثيقة من الناحية الزمنية، فقد جاء في تاريخ الشيخ محمد بن عمر الفاخري (1186-1277هـ) - رحمه الله- وهو مؤرخ معاصر لفترة كتابة الوثيقة، ومن أهل المنطقة نفسها، ذكر للأحوال المناخية في ذلك العام، حيث قال: "وفي سنة 1270هـ، هذه السنة بحمد الله رخيَّة الأسعار قليلة السيول والأمطار"(3). ثم قال بعد ذلك: "وفي أول أيام العقرب وقع بَرَد نحو ثلاثة أيام فأصاب الزروع ما أصابها"(4). وهذا لا يدل على وفرة الإنتاج الزراعي في ذلك العام، (1270هـ)، ونظراً لأنّ تاريخ كتابة الوثيقة يعود لأول تلك السنة، فهذا مما يوحي بأنّ الإنتاج الذي تم خرصه من العيش يعود للسنة التي قبلها، أي عام (1269هـ)، ولذلك ما يؤيده من التاريخ، حيث قال الفاخري عن تلك السنة: "وهذه السنة كثيرة الخيرات والأمطار، رخيَّة الأسعار، دفيئة الشتاء، باردة الصيف"(5). كما أرَّخ للأحوال الطبيعية عام 1269هـ المؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى (1270-1343هـ) -رحمه الله- في ذيله لتاريخ "عنوان المجد في تاريخ نجد" لعثمان بن بشر -رحمه الله- والذي سماه " عقد الدرر"، وقد تناول فيه أسعار الأطعمة في تلك السنة بشكل واسع فقال: "ثم دخلت سنة تسع وستين ومائتين وألف، وفيها أنزل الله الغيث في أول الموسم، ثم تتابعت الأمطار والسيول، وعم الحيا جميع بلدان نجد، وكثر الخصب، ورخصت الأسعار، وبيعت الحنطة من ثلاثين إلى خمسة وعشرين صاعاً بالريال الفرانسي، والأقط من ثمانية وعشرين إلى ثلاثين صاعاً بالريال الفرانسي، والكمأة من خمسة وأربعين إلى خمسين صاعاً بالريال الفرانسي، والتمر من خمسين إلى ستين وزنة بالريال الفرانسي، والسمن بإحدى عشرة وزنة بريال فرانسي(6). الأوضاع السياسية في نجد زمن كتابة الوثيقة: لعل من المفيد بعد الحديث عن الأحوال الطبيعية في نجد زمن كتابة الوثيقة إعطاء صورة أخرى عن الأوضاع السياسية التي مرّت بها منطقة نجد في تلك السنة: 1270هـ، بشكل خاص لنتعايش مع الوثيقة (موضوع البحث) ولنتعرف على أهم الأحداث التي حصلت في سنة 1270هـ وهي: 1- ثورة أهل عنيزة على أميرهم من قِبَل الإمام فيصل بن تركي: جلوي بن تركي وإخراجه من عنيزة في شهر شعبان وتوجيه غزو أهل نجد لمحاربة أهل عنيزة بقيادة عبدالله ابن الإمام فيصل في أول ذي الحجة. 2- لم يتوجه أهل نجد للحج في هذه السنة بسبب انشغال الدولة بحرب عنيزة. نص الوثيقة: "بيان خرص عيش سدير الزلفي ثلاثة وثلاثين ألف، الخيس والرويضه ستة آلاف وسبعماية، المجمعة ثلاثة وخمسين ألف، حرمة خمسة وثلاثين ألف، جلاجل خمسة وخمسين ألف، التويم اثنين وأربعين ألف وخمسماية، الداخلة أربعة وعشرين ألف وسبعماية، الروضة أربعة وعشرين ألف وسبعماية، الحصون ثلاثة وعشرين ألف، الحوطة سبعة عشر ألف، الجنوبية سبعة آلاف، الجنيفي ثمانية آلاف وتسعماية، العطار عشرة آلاف وثلاثماية، العودة تسعة عشر ألف وثلاثماية، عشيرة ثلاثة عشر ألف، الخطامة ألف ومايتين، تمير ثلاثة آلاف وثلاثماية, سنة 1270هـ. فائدة: نظراً لأهمية هذه الوثيقة النادرة في موضوعها ولكونها تعتبر إحصائية لبلدان سدير بالإضافة إلى موضوعها الأساس وهو حصر ما تم جمعه من خرص العيش، رأيت وضع هذا البيان المفصّل لها: بيان موضح فيه أسماء البلدان وخرصها بالأرقام م اسم البلد الخراص بالآلاف إيضاحات 1 الزلفي 33.000 2 الخيس والرويضة 6.700 بلدتان متجاورتان 3 المجمعة 53.000 4 حرمة 35.000 5 جلاجل 55.000 6 التويم 42.500 7 الداخلة 24.700 8 الروضة 24.700 روضة سدير 9 الحصون 23.000 10 الحوطة 17.000 حوطة سدير 11 الجنوبية 7.000 جنوبية سدير 12 الجنيفي 8.900 13 العطار 10.300 14 العودة 19.300 15 عشيرة 13.000 عشيرة سدير 16 الخطامة 1.200 17 تمير 3.300 الإجمالي العامّ: 377.600 ثلاثمائة وسبعة وسبعون ألف وستمائة صاع ومن الأمور الملاحظة على هذا البيان: أ- عدم ذكره لبعض البلدان والقرى في سدير مثل: 1- الغاط 2- أُشي 3- ظلما 4- النـزيه 5 - الحاير 6- جوي 7- المعشبة 8- مقبلة. وقد يكون السبب دخولها ضمن البلدان الكبيرة القريبة منها أو قلة إنتاجها من العيش وانعدام وجوده أصلاً فيها نتيجة لتضاريس أرضها الجبلية كحال بلد الغاط وأُشي والنـزيه والحاير والمعشبة فهذه القرى تكثر فيها النخيل وتقل المساحات الصالحة لزراعة العيش، وهذا في الحالة الأخيرة, وحال قرية جوي مع المجمعة في الحالة الأولى ومثلها مقبلة مع حوطة سدير, وقد يكون هناك إنتاج للعيش في قرى: أشي وظلما والنـزيه والحاير والمعشبة لكنه قليل أو أُدمج مع البلدان الكبيرة المجاورة لها. أمّا في حالة بلد الغاط وعدم ذكره أصلاً في بيان الخراص فإنه يجعلنا أمام عدة تساؤلات هي: 1. هل كان بلد الغاط لا يعتبر ضمن التقسيم الإداري لبلدان سدير ومستقل عنه برغم أنّ وضعه الجغرافي يرتبط بمنطقة سدير بشكل أقوى من الزلفي التي ذكرت في بيان الخراص؟ 2. هل تم دمج خراص محصول الغاط (إذا افترضنا أنّ له إنتاجًا) مع خراص محصول الزلفي ولم يُشَر لذلك في الوثيقة؟ 3. هل وضع بلد الغاط يحمل طابعاً استثنائياً في الزكاة والخراص التي تجبى لبيت المال من السكان؟ ب- من خلال قراءة ما جاء من معلومات في الوثيقة نلاحظ الأمور التالية: 1. جمع ما تمت جبايته من عيش بلدتي: الخيس والرويضة نظرًا لأنّ الأراضي الزراعية متداخلة فيما بينها ولقرب البلدتين من بعضهما في المسافة. 2. رغم أنّ المجمعة أكبر بلدان سدير مساحة وسكانا إلا أنّ جلاجل قد فاقتها في إنتاج العيش. 3. تماثل روضة سدير مع الداخلة في إجمالي الحاصل من الخراص. 4. قلة إنتاج بعض القرى المذكورة في البيان بسبب التضاريس الجبلية فيها وطبيعة أرضها. فوائد وأهمية الوثيقة: أتت هذه الوثيقة بعدة فوائد ذات أهمية بالغة بالنسبة للأوضاع الإدارية والاقتصادية في منطقة سدير زمن الدولة السعودية الثانية وأعطت ملامح متعددة عن الأحوال الزراعية لبلدان وقرى سدير ومن الفوائد المستفادة من الوثيقة بشكل عامّ: 1. معرفة إيرادات بيت المال في سدير من العيش زمن الدولة السعودية الثانية. 2. إعطاء صورة تدل على وفرة الإنتاج الزراعي لقرى وبلدان منطقة سدير في تلك الفترة. 3. الوقوف على الامتداد الإداري لإمارة منطقة سدير وبيت المال فيها. 4. معرفة أسماء البلدان والقرى الرئيسة في سدير خلال القرن الثالث عشر الهجري.5. حددت الوثيقة الأوضاع والمستويات الزراعية للقرى في سدير من خلال الأرقام الإجمالية لخرص كل بلد من العيش. 6. التعرف على الطرق القديمة للمسافرين عبر منطقة سدير من خلال ترتيب ذكر البلدان والقرى في الوثيقة. الهوامش: * المجمعة، سدير، المملكة العربية السعودية. (1) تاريخ الفاخري، تحقيق عبدالله الشبل، الطبعة الثانية-المئوية- 1419هـ (ص216).(2) المصدر السابق، (ص 217). (3) المصدر السابق، (ص 219). (4) المصدر السابق، (ص 219). (5) المصدر السابق، (ص 218). (6) عقد الدرر فيما وقع في نجد من الحوادث في آخر القرن الثالث عشر وأول الرابع عشر، تأليف إبراهيم بن عيسى، طبعة المئوية، 1419هـ (ص13). الكاتب اسير الليل منتديات حوطة سدير رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
ابن لام الدويسي قام بنشر July 20, 2013 الكاتب ارسل تقرير Share قام بنشر July 20, 2013 مدينة حرمه :طلع تقدير انتاجها 35 الف صاع في تلك السنه . رابط هذا التعليق شارك More sharing options...
Recommended Posts
من فضلك سجل دخول لتتمكن من التعليق
ستتمكن من اضافه تعليقات بعد التسجيل
سجل دخولك الان